مشاهد عنيفة، اعتداء ومشاجرات، عقد نفسية قديمة وظروف اقتصادية صعبة تزيد من الضغوط على كل أفراد الأسرة، فيعتدى الوالدان على الطفل بشكل خطير فيحدث إزاحة لهذا العنف فيعتدى هذا الطفل على زملائه بالمدرسة حيث لا ذنب لهم فيما حدث معه فى المنزل،
موجات عديدة من العنف تجتاح العالم وليس فقط منطقة الشرق الأوسط، وسائل التواصل الاجتماعى التى ساعدت كثيرا فى نشر مشاهد العنف حتى على سبيل الإدانة، الفن والدراما وما يحتويه من مشاهد عنف و يشاهدها أطفالنا الصغار كل هذه الأسباب تؤثر فى اتساع ظاهرة التنمر الذى يتعرض له أطفالنا فى المراحل العمرية المختلفة وهل يمكن أن تتطور حتى تصل للذروة وهو الإرهاب الذى يحصد حياة البشر فى تحد للإنسانية .
التنمر والإيذاء البدنى أو اللفظى أو الإلكترونى هو مشروع إرهابى صغير يتم بناء العقلية المدمرة له بمرور الوقت فالإرهابى ليس فقط شاب يافع يتم استغلال ظروفه الاقتصادية وفكره المحدود فى تجنيده، ولكنه تعرض للعنف والتنمر ولديه طاقة سلبية هائلة يتمنى تلك اللحظة التى ينتقم فيها من الجميع وبكل عنف .
العنف فى المدارس أسبابه عديدة فالطالب هذه الأيام ليس كما كان قديما حيث لديه اليوم من وسائل التواصل الاجتماعى وبرامج المحادثات والمواقع الإلكترونية ومواقع مشاهدة الفيديو المتنوعة على الهواتف الذكية مما جعل للحياة الإلكترونية ضريبة يدفعها الجميع فى ظل غياب تام لتيار معتدل يواجه هذه المشاهد العنيفة من أفلام مليئة بمشاهد دامية ومشاجرات وألفاظ خارجة و ألعاب إلكترونية عنيفة و هناك أفلام الكارتون ذات المضمون العنيف، بالإضافة لقنوات المصارعة الحرة وما يشاهده الأطفال من مشاهد عنيفة بعيدة كل البعد عن مجتمعاتنا .
كل هذا العنف فى ظل غياب الأنشطة الرياضية والفنية التى تخرج طاقات الطالب الهائلة أدت الى وجود هذا العنف المتبادل وإيذاء الأطفال بعضهم بعضا دون أى تدخل من الأخصائى النفسى الذى يعتبر نفسه مجرد موظف إدارى ولا يتدخل لتقويم سلوك الطفل الذى يقوم بإيذاء زملائه ويتم الاكتفاء فقط بتوجيه العتاب واللوم للطفل المعتِدى ووعد بعدم تكرار هذا الخطأ مرة اخرى وترضية الطفل المعتَدى عليه وهذا يعقد المشكلة أكبر لأنه لا يحل المشكلة بل يؤجل تفاقمها للأسوأ،
السؤال هنا: هل قام خبراء علم الاجتماع بدراسة التغيرات التى حدثت للشخصية المصرية آخر 10 سنوات ودراسة المتغيرات التى حدثت فى سلوك المواطنين وتأثير الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية عليهم وتحليل للجانب الفنى لبعض المسلسلات والأفلام الهابطة التى تسببت فى نقل الألفاظ المبتذلة والمشاهد العنيفة التى تحدث فى المشاجرات الى الشاشة الصغيرة، ليشاهدها جيل كامل من الأطفال حيث تم اختزان هذه المشاهد فى عقلهم الباطن وكيف تؤثر هذه المشاهد فى سلوك هؤلاء الأطفال عندما يتقدموا فى العمر ويصبحوا شبابا ؟.
هل لدينا خطة لمواجهة التنمر فى علاج الطفل الذى يعتدى على طفل آخر للحفاظ على بقية زملائه فتصل الى حد الفصل لمدة عام دراسى كامل واقتراح تجميع هؤلاء الأطفال فى مراحل التعليم المختلفة من تثبت إدانتهم بهذا السلوك العدوانى وتكرار إثارتهم للمشاكل وإيذاء زملائهم طالما أن الأسرة ليس لديها الوقت الكافى أو غير مؤهلة لتقويم سلوكهم وتكون فرصه لإبعادهم عن المؤثرات العنيفة التى جعلتهم بهذا السلوك المنحرف الخطير .
هل لدينا إحصائية بعدد الملاعب ومراكز الشباب وعدد الشباب أنفسهم وهل تكفى ام لا فالشاب الذى لا يمارس رياضة يتجه مباشرة للمقاهى التى انتشرت فى مصر انتشار النار فى الهشيم وسط صمت تام من المجالس المحلية بالمدن المختلفة، حيث قامت باحتلال الرصيف بل والشوارع أيضا وأدت لانتشار المخدرات و ظاهرة التدخين بين المراهقين من سن 12 و 14 سنة وكارثة تدمير جيل كامل من المفترض أنه سيتحمل المسئولية بعد 10 سنوات من الآن والسؤال الأهم كيف ؟؟؟، وعندما نأتى لدور الفن وتأثيره فى ظاهرة التنمر وكيف للفن أن يرتقى بالذوق العام وسلوك الأطفال فهذا يستحق مقال آخر يتناول تفاصيل كثيرة لمواجهة هذه الظاهرة التى تهدد المجتمع .