تیسیر جودة تكتب: عازفات عن الزواج أم لا تستحق؟

الثلاثاء، 23 يناير 2018 09:00 م
تیسیر جودة تكتب: عازفات عن الزواج أم لا تستحق؟ حفل زفاف – أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتشرت العبارات وكثر استخدامها بوصف بعض الفتیات، وكذلك البعض من الشباب، بأنهم فى حالة عزوف عن الزواج، وإن كان الاتهام الأكبر موجه للفتیات، ولم یكتف من یتهم الفتاة منهن بذلك! إنما یبدأ بإدراجها تحت مصطلح "عانس"!، أو تجد من یخبر الفتاة - رغم صغر سنها - قائلًا: "من كثرة خطابها بارت"، وحقیقة الأمر أننا لو بحثنا، لوجدنا أن تلك الفتاة؛ هى الأكثر رغبة فى الاستقرار، وأنها من تمنت إقامة حیاة هادئة، یملأها السكینة والمودة والرحمة. 
 
إذ تمنت زوجًا صالحًا وتقیًا، لتبدأ معه حیاة هانئة، وتنجب أطفالاً فى جو أسرى یملأه الدفء، ولكنها لم تجد رغباتها، واصطدمت بالواقع المریر؛ الذى فرض علیها ما لا تقبله، وعلى الرغم من تمیزها بالثقافة والفكر الراجح، والتبصر العقلى، والطموح، وكذلك الثقة بالنفس، والجدیة، إلا أنها لم تجید الطیران، كما لم تضيء فى الظلام! حتى تستطیع أن تشبع رغبات سى السید! فقد امتازت بترفعها عن إقامة علاقات لاتأخذ الشكل الرسمى والمصداقیة، لأنها أعقل من هذا، وفضلت أن تعیش حیاتها بطُهر راهبة، أملًا فى أن تجد من على شاكلتها، لكنها لم تجد أمامها سوى أشباه رجال، ونظراً لقلة خبرتها فى التعامل مع الرجال، فكانت فریسة سهلة لذاك الذى برع فى التمثیل، وأدعى أنه صائم عن النظر لأیهن، ویخفى فى نفسه ما سیبدیه رغمًا عنه، ثم یُكشف أمره، لكن بعد أن یتمكن! 
وستجد أمثال هذا الشخص؛ كثیرى التلفظ بعبارات الورع والتقوى، ولا أدرى من أین لأمثاله بها! مدعمًا أیاه رؤیة مجتمعنا الموقر؛ بأنه لابد أن تكون الفتاة أداة طیعة فى ید الرجل، ونسى أن یحفظ لها حقوقها التى أقرتها الدیانات السماویة، وأن یترك لها الحق فى أن تكون ذات شخصیة مستقلة، وأن یحترم مبادئها التى تتبناها، دون أن یملى أحدهم علیها رغباته، مرغما ایاها على أن تكون مقهورة، وأن تتجرع المر صامتة! وإلا فهى متمردة.
 
وفسر لها القوامة بقالب غیر المقصود تماما، وإن أبدت إعتراضا؛ تجد أمامها وابٌل من الإتهامات، وتنعت بكافة العبارات المعروفة؛ ولاسیما بأنها متمردة ومغرورة، وعایشة الدور و... إلخ، ویبدأ البعض من الرجال بعزف سیمفونیتهم المعروفة؛ بأنها خلقت من ضلع أعوج؛ ولم یعلموا أن ذلك لصالحها، إذ لیس لأعوجاجها، إنما رحمة ورأفة بها، فهى مستقیمة فى طریقها، وبارعة فى تحدید أهدافها، وتغنى آخرون بأنها ناقصة عقٍل ودین!، وفسروا ذلك على هواهم، وإذا بحثنا؛ سنجد أنها بعقل جعلها أكثر حرصًا على الدین، لكن أراد المجتمع الذكورى أن یشكلها على هواه، وأن یقولبها فى قالب رسمه لها.
 
فمنذ أن تولد البنت؛ وعلیها أن تعلم أنها بنت ولیست ولد، علیها أن تقول ولا تقول، وأن تفعل ولا تفعل، وعلیها أن تعلم دائما أنها مهما بلغت من مراكز، ومها وصلت وحققت من أهداف، فإنها لابد أن تكون بعصمة رجل – یسترها - لیكمل نقصها!، نعم هى حقا علیها أن تكون بعصمة رجل، وعلیها أیضا أن تحفظ له قوامته، بل ویتوجب علیها طاعته، فهى تعلم كل هذا، وتعمل به، لكن نسى المجتمع ؛ أن من حقها أیضا أن ترفض الرجل البخیل سواء مادیًا أو عاطفیًا، وأن ترفض لغة الحسابات التى یتحدث بها دائما، وتعاملاته التى تسبقها الآلة الحاسبة. 
 
وعلیها ألا تقبل بذاك الغبى؛ الذى جاء طامعًا فیما عندها، طامعًا فى البیضة الذهب التى ستضعها أوزته فى نهایة كل شهر، نعم إنها تعلم؛ بأن الحیاة مشاركة، وأن ظروف الحیاة تقتضى هذه المشاركة، لكن لا تقتضى أن یذبح الراعى أوزته طمعا فى جمع أكبر عدد من البیض فى سلته مرة واحدة، فكانت النتیجة أنه لم یجد البیض ولا الأوزة وخسرهما معا، لیبحث عن أوزة أخرى، لتحل محل أوزته السابقة، وبالفعل قد یجد أوزة جدیدة، لكنها لن تكون كالأولى.
 
كما لم یتورع المجتمع فى أن یفرض على الفتاة منهن؛ أن تقبل بازدواجیة رجل شرقى؛ یفعل ما یحلو له، لأنه باختصار رجل وهى بنت!، لیس من حقها شىء، ونسى أن كلاهما مشاركا للآخر، ولا یجب على أحدهما أن یتحكم فى الآخر، ولا بأن یسمح أحدهما بأن یتحكم به عامل خارجى عنهما؛ لیملى علیه رغباته فیما ستؤل إلیه حیاته مع تلك الودیعة! ونسى المجتمع أن الرجل قد یخطيء، وأن علیه أن یكون حقًا رجلًا لا ذكرًا شبه رجل، وأن یكون واضح الشخصیة، ومحدد الأهداف، ولا یقوده أحدهم، ونسى أنه ما أكرمهن إلا كریم، وما أهانهن إلا لئیم.
 
لذا فقوامة الرجل تقوم بحفظه كیان المرأة، وتتحقق شخصیته بمواقفه تجاهها، ولیعلم أن كلمته لها بمثابة العقد والمیثاق، ومن هنا؛ توجب علیه الالتزام بكل ما ینطق، وأن یتحقق قبل إصدار أحكامه، ولیكن على بينة؛ بأن صلابة الفتاة لیست لأنها حادة الشخصیة؛ فالوردة ذات العطر الذاكى، والألوان الجذابة، هى من تحمل بأغصانها الشوك أيضًا، لا لعدم الاقتراب منها، بل لتحمى نفسها من اللئام، ولتحصل على معاملة تلیق بها، فتلك الفتاة التى تترك عالمها؛ الذى ولدت فیه وكبرت داخله، لعالم زوجها؛ من حقها أن تجد نفس الدفء الذى اعتادت علیه، فهى قادمة لبیته، وهى واعیة بالقدر الذى سیؤهلها لتحمل مسئولیات حیاتها الجدیدة، لكنها فى الأخیر أنثى، ولا یجب أن تغیر أنت من دورها، بأن تكون شبه رجل. 
 
ومن هذا المنطلق؛ فإن معظم الفتیات اللائى نعتن بلفظة عازفات عن الزواج، إنما عزفن لاصطدامهن بمن ادعى الرجولة، وحاول كسر إحداهن، لكنه لم یعلم بأن الفتاة منهن تعیش بمبدأ "أن الضربة التى لا تمیت هى حتمًا تقوى"، ولم یدرك بأنها مهما واجهت من عثرات، فهى لا تمثل أمامها سوى ریشة طائشة اصطدمت بنافذة طائرة تحلق عالیًا فى السماء.
 
لذا عزفت لیس عن الزواج، وإنما اقتصر عزوفها عمن لا یستحق، رغبة منها فى مقابلة ذاك الرجل، الذى لطالما تمنت كل فتاة مثلها مقابلته، وكلها غایة لحیاة هادئة، یملأها المودة والرحمة، والسكینة، وأن تجد فى شریكها السكن الآمن لها، وهى أیضًا سكنه وموطنه، وتمنت أن یكون هو ثوبها؛ الذى ترتدیه لیحقق لها كافة شروط العفاف، لا ثوب مزین من الخارج، وفى داخله تجد ألوانًا من الذیف، وصنوفًا من الأكاذیب والخیانة والغدر، ومن هذا المنطلق؛ فلن تقبل یومًا بأن تربط مصیرها بذكر شبه رجل، ینفى شخصیتها، قاهرًا إیاها، وكأنها دمیته التى ینفث فیها عن عقد الماضى.. هى فقط تنتظر من یستحق.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

......

أحسنت

أحسنت

عدد الردود 0

بواسطة:

حسين على مبارك

عقد

ايه العقد ده كلها بدل ما تحل المشكلة تعقدها اكتر

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة