محمد محمود حبيب يكتب: هؤلاء.. ماذا سيفعلون فى رمضان؟

الخميس، 11 مايو 2017 10:07 ص
محمد محمود حبيب يكتب: هؤلاء.. ماذا سيفعلون فى رمضان؟ شخص متشائم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ماذا سيفعل الكسول فى رمضان؟ أيها الكسول: يا من ترى أن الحياة حركة لا علة لها ولا هدف ولا غاية.. وأنها مجرد أرحام تدفع وقبور تبلع.. وبين هاتين لهو ولعب، وزينة وتفاخر، ومتاع قريب من متاع الحيوان.. فكثيرٌ من الناسِ أحياءٌ، ولكنَّهم كالأمواتِ بل أشد!، لا يُدركون سرَّ وجودهم، ولا يُقدمون لمستقبلهم ولا لأُمَّتِهمْ، ولا حتى لأنفسِهم خيراً. 
 
أيها الكسول: اعلم أن علو الهمة شرف عظيم، لا يبلغه إلا عظماء الرجال وأساطينهم، فاعلم أن الهمة هى رزق من الله عز وجل، فـ (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ) [الرعد:26]، ومن حكمته سبحانه وتعالى أن فاضل بين خلقه فى قواهم العملية، كما فاضل بينهم فى قواهم العلمية، يقول المتنبى: 
 
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتى العَزائِمُ وَتأتى علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ فى عَينِ الصّغيرِ صغارُها وَتَصْغُرُ فى عَين العَظيمِ العَظائِمُ
 وقد اجتمع جماعة من السلف منهم عروة بن الزبير ومصعب بن الزبير وعبد الملك بن مروان بفناء الكعبة، فقال لهم مصعب: تمنوا، فقالوا: ابدأ أنت، فقال مصعب بن الزبير: أتمنى ولاية العراق، وتزوج سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله.
 
فنال ذلك، وأصدق كل واحدة خمسمائة ألف درهم، وجهزها بمثلها، وتمنى عروة بن الزبير الفقه -أى: أنه سأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقه الفقه- وأن يحمل عنه الحديث.
 
فنال ذلك، وتمنى عبد الملك الخلافة فنالها!!!
ماذا سيفعل المتشائم فى رمضان؟ أيها المتشائم: تكيَّف فى ظرفكِ القاسى، لتخرج لنا منهُ زهْراً وورْداً، أن التفكيرَ إذا شردَ أعادَ لك الماضى الجريحَ وجرجَرَ المستقبلَ المخيفَ، فزلزلَ أركانَك، وهزّ كيانَك وأحرقَ مشاعرَك، فألجمه بلجام التوجُّهِ الجادِّ المركّزِ على العملِ المثمرِ المفيدِ، أيها المتشائم: أن أذنبتَ فتُبْ، وإن أسأت فاستغفرْ، وإن أخطأت فأصلِحْ، فالرحمةُ واسعةٌ، والبابُ مفتوحٌ.
 
أيها المتشائم: زُرِ المستشفى لتعرف نعمةَ الصحة، والسجْنَ لتعرفَ نعمة الحريةِ؛ لأنك فى نِعَم لا تدرى بها.
 
 ماذا سيفعل المغرور فى رمضان؟ أيها المغرور: إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساءُ، اليوم فحسْبُ ستعيشُ، فلا أمسُ الذى ذهب بخيرِهِ وشرِهِ، ولا الغدُ الذى لم يأتِ إلى الآن، أن الذى يعودُ للماضى، كالذى يطحنُ الطحين وهو مطحونٌ أصلاً !!
 
أيها المغرور: اقرأ التاريخَ، وتفكرْ فى غرائبَه، وتدبْر عجائبهِ، واستمتعْ بقصصِه وأخبارِه.
 
ماذا سيفعل الخائف والمتوتر فى رمضان؟ أيها الخائف: لا تتعامل مع الأحلامِ، ولا تبع نفسك مع الأوهام ولا تتعجَّلَ ميلاد مفقودٍ.
 
ماذا سيفعل المتردد فى رمضان؟ أيها المتردد: إن التردٌّد فسادٌ فى الهمَّةِ، وبرودٌ فى الرأى، وَخَورٌ فى العزيمة. وهذا التردُّدُ مرضٌ لا دواء له إلا العزمُ والجزمُ والثباتُ. إنهم سمحوا للإخفاقِ أن يصل إلى أرواحِهم فَوَصَلَ، وسمحُوا للتشتُّتِ ليزور أذهانهم فسكن!!.
 
ماذا سيفعل الحزين فى رمضان؟ أيها الحزين: أتريدُ السعادة حقاً؟! لا تبحثُ عنها بعيداً، إنها فيك؛ فى تفكيرِك المبدعِ، فى خيالك الجميلِ، فى إرادتِك المتفائلةِ، فى قلبك المشرقِ بالخيرِ. القراءةُ فى دفتر الماضى ضياعٌ للحاضرِ،لا طائل من تشريحِ جثة الزمانِ، وإعادةِ عجلةِ التاريخ.
 
 إن إعطاء الذهنِ مساحةً أوسع للتفكيرِ فى المستقبلِ وفتحِ كتابِ الغيبِ ثم الاكتواءِ بالمزعجاتِ المتوقعةِ ممقوتٌ شرعاً؛ لأنه طولُ أملٍ، وهو مذمومٌ عقلاً؛ لأنه إهدار للقوة، واعلم أن الراحةُ غفلةٌ، والفراغُ لِصٌّ محترِفٌ، وعقلك هو فريسةٌ ممزَّقةٌ لهذه الحروبِ الوهميَّة. إذا داهمتك أزمة فانظرْ فى الجانبِ المشرِقِ منها، وإذا ناولك أحدُهمْ كوب ليمونٍ فأضفْ إليهِ حِفْنَةً من سُكَّر، وإذا لدغك عقربٌ فاعلم أنه مناعة ومصلٌ واقٍ ضد سُمِّ الحياتِ.
 
ماذا سيفعل دائم الانفعال والعصبية فى رمضان؟ أيها العصبى: اعلمْ أن كظم الغيظ دفنٌ للمعائب، والحلمَ سترٌ للخطايا، والتسامح ثوبٌ واسعٌ يغطى النقائصَ والمثالبَ .
 
إِلَى أَى وَقت يؤخر الناس التغيير وإصلاح الشأن؟ ولأى يَوْم يؤخرون التغيير؟ هل إلى حول حَائِل أو إلى عَام قَابل؟، كلا وَالله مَا إِلَيْهم الأقدار وَلَا بِيَدِهم الْمِقْدَار! وكل عام ونحن جميعاً أفضل.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة