يعيشون فى البحر ومنه يأكلون.. ليس لهم مورد رزق آخر سوى مخلوقاته هذا هو حال صيادى الحربة بالإسكندرية، الذين يعتمدون على الغوص فى أعماق البحر وصيد فواكهه من قلب الصخور ، ولكن منذ 4 أشهر بدأت معاناة ما يقرب من 4 آلاف صياد وأسرهم وفقا لتقديرات أسامة سعيد إبراهيم نقيب الصيادين بالإسكندرية، نتيجة وقف الصيد بالغطس أو "صيد الحربة" فى جميع شواطئ الإسكندرية، وذلك لسبب غير معلوم بالنسبة لهم وفقا لما ذكره عدد منهم ، بالرغم من أنه مصدر رزقهم الوحيد الذى يعيشون منه منذ عشرات السنين، مما تسبب فى احداث مشكلات اسرية واجتماعية كبيرة جراء قطع عيشهم منذ ديسمبر الماضى .
إبراهيم يوسف أحد الصيادين بالغطس فى منطقة ميامى بالإسكندرية يقول : "أقسم بالله بيتنا اتخرب مش عارفين نشتغل ولا عارفين سبب المنع.. والله ما فيه أكل فى البيت .. استلفت من كل الناس ومش عارف أرد ولا مليم".
ويواصل يوسف حديثه لـ "اليوم السابع": "عمرى 65 عاما قضيت 55 منها فى عمق البحر، ولدينا تراخيص من الجهات المختصة وبطاقات ضريبية، وفوجئنا بمنع الغطس دون أسباب وليس لنا أى مصدر رزق آخر.. لم أر فى حياتى أصعب من هذه الأيام.. الدنيا ضاقت بيا مش عارف أعمل ايه".
وقف الصيد بالغطس لم تقتصر عواقبه على معاناة الصيادين من صعوبة المعيشة بدون دخل فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة فقط، بل امتدت لتتسبب فى وفاة زوجته نتيجة عدم قدرته على علاجها، هذا هو حال محمد عباس صياد بالغطس فى منطقة ميامى أيضا، والذى قال : "عشت 4 أشهر بدون دخل وفشلت فى تدبير نفقات علاج زوجتى فتوفت قبل أيام.. وجميع الصيادين صرفوا مدخراتهم خلال فترة وقف الصيد وليس أمامنا أى بديل آخر نعيش منه سوى مهنتنا".
من جانبه أوضح أسامة سعيد إبراهيم نقيب الصيادين بالإسكندرية، أن صيد الحربة أحد انوع الصيد المعروف عالميا وتقوم دول منطقة البحر المتوسط بتنظيم مسابقة دولية سنويا للصيد بالحربة شارك فيه العام الماضى حوالى 22 دولة لم يكن منها مصر، مشيرا إلى أن الإسكندرية ليست منطقة شعاب مرجانية حتى يتم منع الصيد فيها، وإذا كانت هناك محاذير من أشهر التبويض وهم شهرين خلال العام يمكن وقف الصيد فيها، أما أن يتم المنع بصورة مطلقة فهذا يهدد حياه 4 آلاف صياد وأسرهم فى الإسكندرية وحدها.
وأشار إبراهيم إلى أن جميع الصيادين كانوا يحصلون على تراخيص دورية بالصيد من الاتحاد المصرى للغوص، وعندما حدثت مشاكل فى الإدارة الداخلية للاتحاد تم إلغاء فرع الإسكندرية، وأصبحت التراخيص تُستخرج من خلال أحد الجهات الأمنية البحرية، لافتا إلى أن الصيادين عاونوا قوات حرس الحدود على مدار السنوات الماضية فى تسليم مهربات وضبط مخدرات وغيرها.
وأكد إبراهيم أنهم قاموا بالعديد من المناشدات لعودة الصيد بالحربة كان آخرها لرئاسة الجمهورية، والتى ردت بأنه لا مانع من الصيد بالغطس بالاتفاق مع الجهات المختصة، كما تم مخاطبة هيئة الثروة السمكية والتى طلبت من علوم البحار إعداد تقرير حول الأمر، و بالفعل أوصى التقرير فى النهاية بأنه لا مشكلة من الصيد بالغطس – على حد قوله – ولكن حتى الآن لم ينفذ هذا القرار الذى ينتظره آلاف الصيادين، لافتا إلى أن عدد كبير منهم باعوا أثاث منازلهم ليتمكنوا من الإنفاق على أسرهم دون جدوى.
من جانبه قال الدكتور أنور قناوى شيخ الصيادين: "دى شغلتنا وده اكل عيشنا.. الجهات المسئولة لم تمانع استئناف الصيد ولكن حتى الآن لا يزال المنع سار".
وأشار قناوى إلى أنه كان يعمل غواصا بالمناطق السياحية بالبحر الأحمر، ولكن مع تراجع حركة السياحة خلال السنوات الماضية لجأ للعمل فى الصيد بالغطس فى الإسكندرية لصيد فواكه البحر من قلب الصخور مثل الأخطبوط والقواقع وغيرها، وقال: "حتى الصيد مش عارفين نشتغل فيه".
من جانبنا حاولنا التواصل مع الدكتور خالد الحسنى رئيس هيئة الثروة السمكية التى تبحث قرار عودة صيد الحربة من جديد ولكن دون جدوى، ومازال الصيادون فى انتظار قرار ينهى أزمتهم وينقذ ذويهم من التشرد.