طارق البرديسى يكتب: (استفتاء كتالونيا) بين الديمقراطية العربية وديكتاتورية الثيران الإسبانية !

الأربعاء، 04 أكتوبر 2017 08:00 ص
طارق البرديسى يكتب: (استفتاء كتالونيا) بين الديمقراطية العربية وديكتاتورية الثيران الإسبانية ! استفتاء كتالونيا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يتصور المتصورون أن الحركات الانفصالية طالبة الطلاق البائن عن (الدولة الأم) اللاهثة وراء الاستقلال بثرواتها والاستئثار بخيراتها بعيداً عن كل ما يعكر الصفو أو ينغص النفس ، الطامحة فى بناء دولة جديدة من رحم الدولة العتيقة ، لا تجدها إلا فى منطقتنا العربية القاحلة ديمقراطياً والمتخلفة حضارياً والمتراجعة ثقافياً.

بيد أن الواقع ينبئك أن النزعات الانفصالية موجودة فى كل بقاع الكوكب التعيس ، حتى فى الدول التى تتجشأ الديمقراطية بعد أن امتلأت أحشائها بحساء تداول السلطة ولحوم حريات التعبير الشهية وحلويات حقوق الإنسان الغربية فضلاً عن مياه منظمات المجتمع المدنى الغازية !

فى كل مكان توجد تلك النزعة الانفصالية تنتظر فرصتها المواتية ولحظتها الحاسمة لتعلن عن نفسها مظهرةً مكنونها كاشفةً رغبتها شاهرةً بغيتها ووجهتها، لكنها تنتظر ظروفاً موضوعية وعوامل بيئية ومفردات جيوسياسية وثروات قد تكون إحفورية أو غير ذلك من أبجديات طبيعية وبشرية !

لن نستطيع أن نذكر كل الحالات بتفصيلاتها وملامح تباينها، لكننا ندرك ما يدور فى الولايات المتحدة وما يموج فى بلجيكا وما كان فى اسكتلندا ونعيش الآن حديث السَّاعَة واتجاهات عقاربها التى تشير إلى كتالونيا ، حيث يقبع فريق برشلونة الذى يعلن رغبته فى استمراره فى الدورى الإسبانى حتى وإن حصل انفصال الإقليم الكتالونى، وهو أمر شاذ لا يستقيم إلا إذا كانت الوحدة مستمرة مع إسبانيا، أما ماعدا ذلك فهو إعوجاج كإعوجاج قرون الثيران الإسبانية الحادة !

أياً ما كان الأمر فإن إسبانيا ترفض انفصال كتالونيا وقد رفعت فى وجهها البيارق الحمراء لكن الحكومة الكتالونية تركض مغمضة العينين غير مكترثة بمضار الانفصال وتبعاته، غير مدركة أن البيارق والثيران والملعب واللاعبين والجمهور منظومة يمسك دفة إدارتها الحكومة الإسبانية ،،أما العالم بدوله الإقليمية وإتحاده الأوروبى وولايته المتحدة فلن يجدوا مقاعد لمتابعة المباراة المثيرة بعد أن امتلأت بالجماهير الإسبانية، وأغلب الظن أنهم سيكتفون بمشاهدتها على الهواء فى فضائياتهم الغزيرة وشاشاتهم الصغيرة .

وأخيراً، الديمقراطية ليست كالقهوة، فإن كانت هناك ديمقراطية ( ع الريحة ) فى كردستان العراق، وديمقراطية (زيادة) فى كتالونيا، فلا يوجد أبداً قهوة (مضبوطة ) عفواً لا يوجد ديمقراطية مضبوطة معتدلة لا تشوبها شائبة !

ويبدو أن الديمقراطية أن كان لها فى صحارينا أنياب، فإن لها فى إسبانيا قرون !










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة