لا تزال روسيا تطغى على الإعلام الأمريكى بشكل كبير، ويعد التدخل الروسى فى انتخابات الرئاسة واحدة من أكثر القضايا التى تهيمن على الصحف والقنوات فى الولايات المتحدة، لكن الأمر لا يقتصر على الإعلام المرئى أو المقروء فقط، فالقلق الأكبر من المد الروسى يتركز فى السوشيال ميديا أو بشكل عام الفضاء الإلكترونى، وهذا ما عبر عنه الكاتب الأمريكى الشهير ديفيد أجناتيوس فى مقاله اليوم، الأربعاء، بصحيفة "واشنطن بوست"، عندما قال إن روسيا تسعى للسيطرة على الفضاء الإلكترونى، وهو أمر ينبغى أن يشعر الجميع بالقلق منه.
ويشير أجناتيوس، المختص فى السياسة الخارجية الأمريكية، إلى أن التدخل الروسى الإلكترونى فى انتخابات الرئاسة العام الماضى صاحبه ما وصفه الخبراء الأمريكيون والأوروبيون بحملة مثيرة للقلق من جانب الكرملين، لإعادة كتابة قواعد الفضاء الإلكترونى العالمى.
بوتين وترامب فى مصافحة نادرة
ويوضح الكاتب أنه حصل على مشروع مقترح روسى لاتفاقية أمم متحدة جديدة حول التعاون فى محاربة جرائم المعلومات، وتشمل الوثيقة التى تقع فى 54 صفحة 72 مادة مقترحة تغطى جمع حركة المرور على الإنترنت من قبل السلطات، ومدونات قواعد السلوك للفضاء السيبرانى، والتحقيق المشترك فى النشاط الخبيث، ويقول أجناتيوس إن اللغة تبدو بيروقراطية وغير مؤذية، إلا أن الخبراء يقولون أنه لو تم تبنيها، ستسمح لروسيا بالضغط على الفضاء الإلكترونى بشكل أكبر.
ويشير العديد من خبراء الأمن الإلكترونى الأمريكيين، إلى أن الاتفاقية المقترحة للكرملين ستعزز قدرة روسيا والدول الاستبدادية على السيطرة على الاتصالات داخل دولها، والوصول إلى الاتصالات فى دول أخرى، ووصفوا المشروع الأخير بأنه جزء من مساعى موسكو على مدار العقد الماضى لتشكيل الهيكل القانونى لما يسميه الاستراتيجيون الروس "فضاء المعلومات".
الانتخابات الأمريكية بداية أزمة القرصنة الروسية
وذهب أجناتيوس إلى القول بإن محاولة روسيا لإعادة كتابة القواعد العالمية من خلال الأمم المتحدة يقابلها محاولة شخصية للتعاون فى المجال الإلكترونى من قبل الرئيس بوتين للرئيس ترامب فى يوليو الماضى أثناء قمة العشرين التى عقدت فى هامبورج بألمانيا، فقد نفى بوتين لترامب بشدة أن تكون بلاده قد تدخلت فى الانتخابات الأمريكية، ثم طرح ترامب اقتراحا عندما قال إنه ناقش هو وبوتين تشكيل وحدة للأمن الإلكترونى التى لا يمكن اختراقها، بحيث يكون هناك حراسة من القرصنة الانتخابية والعديد من الأشياء السلبية الأخرى.
وأثار اقتراح ترامب بانضمام أمريكا إلى روسيا فى الدفاع الإلكترونى ضجة فى الولايات المتحدة، حتى أن أحد المعلقين كتب يقول إن الأمر يشبه أن يطلب مكتب التحقيقات الفيدرالية من المافيا تشكيل وحدة لمكافحة الجريمة، وسرعان ما تم التراجع عن الخطة، وقال مستشار الأمن الداخلى توم بوسرت إنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة وروسيا قد وصلا إلى هذه المرحلة بعد فى الفضاء الإلكترونى، وحتى يحدث هذا، لن نجرى هذا النقاش حول الشراكة.
فيس بوك وجوجل فى صدارة المواقع المتهمة بالتأثير على الرأى العام
ويتفق العديد من الخبراء مع وجهة النظر تلك، ويرون أنه على الرغم من أن أى اتفاق رسمى أو شراكة موسكو الآن غير حكيمة، إلا أن مناقشات بناء الثقة ستكون مفيدة، ويشمل هذا الاتصالات العسكرية أو الفنية لاستكشاف كيفية تجنب أحداث إلكترونية مدمرة قد تشل الأنظمة الإستراتيجية أو تشكل خطر منهجيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة