نورا عبد الفتاح تكتب: لم يحدثونا عن الكتكوت

الأحد، 22 أكتوبر 2017 12:00 ص
نورا عبد الفتاح تكتب: لم يحدثونا عن الكتكوت كتكوت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من بديهيات الأمور أن بعض الحيوانات وعلى رأسها جميعا الكلاب معروفة بالإخلاص والتضحية والإنسانية والتفانى من أجل أصحابها، فالكلب وبجدارة على أتم استعداد أن يفقد حياته من أجلك، فقط إن شعر تجاهك بمشاعر إيجابية متبادلة من أى نوع، حب أو أنس أو حتى مصلحة، فليس من اللازم أن تكون صديقه القريب كى يبذل من أجلك تضحية أو يقوم لصالحك بجهد.
 
كثيرا وكثيرا حدثونا عن إنسانية الكلاب لكن أحدا لم يبلغنا شيئا عن إنسانية الكتكوت.
 
ما دفعنى ان أكتب مقالى هذا، تبجيلا وتقديرا للكتكوت؛ هو كتكوت أطفالى المتبقى من أصل ستة كتاكيت، قررت وبعد تفكير نحو عامين، أن أحضرهم لهم بعد إلحاح دام سنوات.
 
المهم أن الكتاكيت الستة ولأسباب مختلفة وعلى مدار شهرين، مات منهم أربعة وبقى اثنان حتى فارق أحدهما الآخر منذ بضعة أيام.
 
المهم الذى لم أذكره بعد؛ هو أن الكتكوت الوحيد القابع بوعاء الغسيل لم يرفع رأسه منذ أن فارقه صديقه، فبعد أن أخذنا صديقه إلى مثواه الأخير، وها هو قد ألصق ذقنه بسريره المصنوع من قماشة بيضاء، ولا يرفع رأسه عنه، حتى وإن حمله أحدهم للعب أو للإطعام، لا يجرى وينطلق كما كان يفعل فى السابق ويجرى ويجرون خلفه ويمسكوه بعد عناء، بينما الآن يتعثر فى السير البطىء ولا تقوى حتى قدماه على حمله، فيثنى رجله ويلتصق بالأرض، وكأنه قد هده الحزن على رفيقه وكسرته وحدته.
 
صديقه الذى آنس غربته بعد فقدهما أصدقائهما الأربعة، صديقه الذى كان يلتصق به عندما يشعر بالبرد.
 
صديقه الذى كان مريضا لأيام وكان يتألم طويلا أحيانا كل ساعات الليل ولا ينام، وهو يسهر معه حتى الصباح، يلصق وجهه بوجهه المريض ليطمئنه ويدفئه ويفترش الأرض بأحد أجنحته حتى يدخل المريض لينام عليه ويغطيه بجناحه الثانى حتى الصباح وكأنهما كرة واحدة، وذلك كل ليلة.
 
لقد انهزم وانكسر وشعر بأن تطبيبه لصديقه لم يجد نفعا، ضاع جهده بلا مقابل، فلقد بذل الكثير متمسكا بصديقه لأنه لا يريد أن يدعه يتألم كما لا يريد أن يبقى وحيدا.
 
إنه حزين لدرجة جعلته لا مباليا بما حوله، كان يلتفت سريعا لكل من يمر بجانبه حتى من بعيد، ويقوم بحركات مليئة بالبهجة والنشاط، أما الآن فهو لا يكاد يرفع ذقنه حتى يضعها ثانية لأسفل، وإذا وجد من يقترب منه ويمعن فيه النظر، لا يفعل سوى نظرة سريعة بطرف عينه دون حتى أن يحرك رأسه.
 
لم يحدثنا أحد من قبل عن إخلاص وحساسية مشاعر الكتكوت، فوجدت أنه من الأمانة أن أبلغكم عن مقدار صدق وود وبر الكتكوت بأخيه الكتكوت.
 
لنأخذه نموذجا فى التفانى والإنسانية التى لا تعرف المكر والجحود.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة