سامح جويدة

السياحة الداخلية حرب أهلية

الثلاثاء، 06 سبتمبر 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد أن فقدت مصر كل سائحى الخارج، بدأت فى فقد كل سائحى الداخل، ففى ظاهرة هى الأغرب من نوعها فى العالم تحولت السياحة الداخلية إلى حرب وفتنة أهلية، فمعظم المصريين الذين سافروا فى الآونة الأخيرة إلى شرم الشيخ أو الغردقة، عادوا ليحكوا عن معارك وخناقات لا عن أوقات سعيدة وذكريات، يشكون من سوء خدمات أفخم الفنادق وقلة نظافتها ورداءة الطعام وبلادة العاملين فيها. أحدهم أقسم لى بأنه عاش فى «سونا» بسبب سوء التكييفات وآخر أقسم بأنه كان يأكل طعاما كالجيف أو يستحم فى مستنقع أوحال لا فى حمام سباحة، وكلهم أجمعوا على سلبية المسؤولين فى تلك الفنادق، وتجاهلهم لشكاوى النزلاء المصريين، رغم أنهم يرتجفوا لو جاءت الشكوى من سائح أجنبى وعلى نفس المستوى تأتى شكاوى الفنادق المصرية من المصريين وكأنهم زبانية الشياطين، فلا أدب ولا أخلاق وتكدس كالجمعيات التعاونية أمام بوفيهات الطعام،  وإهدار لا يوصف فى المأكولات والمشروبات، وسوء استخدام لا إنسانى لمرافق الفندق والأثاث وفرش الغرف، وتعمد واضح فى إتلاف الحدائق وإلقاء القاذورات فى طرقات الفندق أو على الشواطئ، بل إن بعض الفنادق رفعت شعار لا للمصريين، و نشرت صورا غريبة لأطنان من الطعام ملقاة فى صفائح القمامة بسبب التصارع على ملء الأطباق أو صور للنزلاء فى حمامات السباحة أو فى البلاجات بالجلاليب أو الملابس الداخلية، أتصور أن السياحة الداخلية أصبحت ملفا جديدا فى انقسامات المصريين وصراعاتهم التى لا تنتهى منذ ثورة 25 يناير، وكأن الثورة لم تقم للانتقام من نظام فاسد، بل لينتقم كل مصرى من المصرى اللى جنبه لذلك أصبحت السياحة الداخلية حلقة الصراع الجديدة، الكل يتعالى على الكل ويسخر منه ويتصيد أخطاءه، وكأننا لم نسافر لنستمتع بالبحر والرمال والجمال، بل نسافر لنراقب بعضنا البعض وكأننا فى رحلة سفارى مع الحيوانات المفترسة. 
 
والأدهى والأمر أن قصص معارك المصريين فى شرم الشيخ والغردقة والطلقات المتبادلة بين الزبائن والعاملين فى الفنادق صارت عنوان السياحة فى مصر، وأصبح السائح العربى أو الأجنبى يقول: إذا كانوا يفعلون ذلك فى بعضهم البعض، فماذا عساهم يفعلوا معى.. صديقى الخبير الفندقى إبراهيم الدسوقى يؤكد لى أن الأزمة ليست أخلاقية فقط، بل هى مهنية فى المقام الأول، فأغلب الفنادق فى شرم والغردقة يعاملون الزبون المصرى على أنه مرحلة وهتعدى، مجرد استبن لحين عودة السياحة الخارجية، ويحاولون أن يقلصوا المصروفات وتكاليف تشغيل الفندق لأقصى درجة، مما يؤثر فى كل خدمات الفندق، بداية من سوء الخامات المستخدمة فى إعداد الطعام لذلك يزيد الهالك، لأنه لا يؤكل وانتهاءً بالاستعانة بعمالة غير مدربة وغير مؤهلة للعمل فى السياحة، خاصة أن كل الكوادر والعمالة المتخصصة سافرت بعد الثورة للعمل فى دول الخليج، صديقى يؤكد أن الزبون الأجنبى يتعامل مع الفندق والعاملين فيه بشكل ودى ومتواضع، بينما كثير من المصريين يعتقدون أن العاملين فى الفندق خدم لهم لمجرد تأجيرهم لغرفة أو اثنين، ولا يعترفون بقواعد الفنادق من ملابس مخصصة للسباحة أو أماكن لغير المدخنين أو قاعات يتجمع فيها النزلاء ولا تتحمل الضجيج،  لذلك تنشب النزاعات بين الطرفين لأن كلاهما لا يحترم الآخر أو يقدر أهميته، خاصة أن أغلب عمالة الفنادق موسمية، يتم الاستغناء عنها بعد انتهاء الموسم السياحى، وأغلب الزبائن المصريين يدخلون الفندق لمرة واحدة ولا يعودوا بعد ما قابلوه من مشاكل وخناقات. يجب أن يتلاقى الطرفان فى نقطة واحدة من خلال ثقافة سياحية تقدر حقوق العملاء، وتحترم العاملين وتتفهم طبيعة المنشأة السياحية، وكيفية التعامل مع خدمتها إما هذا أو كلنا نقعد فى البيت، فلا فنادق سوف تعمل ولا زبائن سوف تأتى.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة