قبل ثورة يوليو عام 1952، كان اسم "النابلسى فاروق" من أشهر الأسماء فى عالم الصناعة المصرية، واعتبره البعض بداية لثورة صناعية ظهرت بشكل مكثف فى أعقاب هذا التاريخ، وعرف هذا العصر بعصر الصناعة المصرية الذهبى، وبالعودة لهذا الزمن الذى كان فيه "الراديو" فقط، هو وسيلة الترفيه الوحيدة داخل البيوت المصرية، يمكنك تخيل ما قد خطر ببال هذا الرجل للإعلان عن "صابون" روجت له "كوكب الشرق" بـ"جلالة قدرها" آنذاك.
الحملة الإعلانية الخالية من "فيس بوك"، وغيره من مواقع التواصل الاجتماعى التى يتنافس عيلها المعلنون اليوم للتسويق لأى منتج أياً كان، لم تكن تتضمن سوى كلمة بخط يد "الست"، أعقبتها كلمة أخرى بعد فترة لموسيقار الأجيال "محمد عبد الوهاب"، لتسجل هذه الماركة التعاون بين القطبين قبل سنوات من اجتماعهما الأول فى أغنية "انت عمرى" عام 1964، وهى الأغنية التى جاءت بعد فترة طويلة امتنع خلالها الطرفان عن العمل سوياً رغم محاولات الجميع بإقناعهما للعمل معاً، وهى المحاولات التى يقال أنها وصلت للرئيس الراحل جمال عبد الناصر شخصياً.
ولكن بالنظر فى تفاصيل هذه الحملة التى قامت على وجه إعلانى رئيسى هو "كوكب الشرق" أم كلثوم، كانت كافية لتصل لبيوت المصريين بالكامل بدون الحاجة لمواقع التواصل الاجتماعى أو حتى إعلانات التلفزيون، فقط اكتفى المعلن بخطاب أرسلته السيدة كوكب الشرق للشعب، توصيه باستعمال هذا الصابون العبقرى، وتحذر كلاً من يضيع عمره بدون الاستفادة من زيت الزيتون الطبيعي.
وجاء نص الرسالة التى أعلنت بها "الست" عن الصابون كالآتى:
أحببت "نابلسى فاروق" لأنه يحمل اسماً عالياً كريماً، والملك لا يمنح اسمه إلا لمن يستحق هذا الشرف، ثم جربت "نابلسى فاروق" فزادتنى التجربة إيماناً بتفوقه ونقائه، بل ذادتنى ثقة فى حاضر الصناعة المصرية ومستقبلها، إن من لا يستعمل هذا الصابون مقصراً فى حق نفسه لأنه لا يستفيد من زيت الزيتون فى صفاء بشرته ونور عينيه.
ثم أنهت رسالتها بإمضاء "أم كلثوم إبراهيم"، ليتحول هذا الإعلان لوثيقة نادرة بخط يدها، لإعلان "صابون" فى نهاية الأمر، بعد نجاح ثورة 52 فى الإطاحة بالملك فاروق، نزع صاحب الشركة اسم فاروق من الحملة الإعلانية، وأبقى على اسم "نابلسى شاهين" وهى قطعة الصابونة المربعة الصفراء التى مازال بإمكانك شراؤها حتى اليوم من أحد محلات العطارة، ولكن بدون اسم، مع الإبقاء على "زيت الزيتون".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة