كل الأمم الإنسانية فى العالم لها تاريخها التى تعتز به وتتفاخر به أمام باقى الأمم ولكن فى بعض الأحيان يتم التعديل وتحريف بعض مما جاء فى تاريخ الأمم من قبل حاكم أو ملك أو نظام حكم يهدم أو يعيد صياغة ما كتب فى جزء من التاريخ لما سبقه فى الحكم أو مع من كان يختلف معه ولنا فى هذا تحديدا باع طويل من سلسلة التعديل والتحريف بل والحذف نهائيا فى مصر من تاريخها.
ففى مصر الفرعونية دأب بعض ملوك الأسر الفرعونية التى توالت على حكم مصر فى طمس معالم من سبقهم فى الحكم عن طريق هدم المسلات التى تمجد تاريخ الحكم أو هدم المعابد التى بنيت وتحكى امجاد هذا العصر وازدهاره وللأسف ظل هذا المنهج ساريا حتى يومنا هذا فى العصر الحديث.
فقد بدأت تلك الطريقة فى العصر الحديث فى طمس وتعديل الحقائق التاريخية عندما قامت ثورة 23 يوليو وقام الضباط الأحرار بالوصول إلى سدة الحكم فى مصر وتنازل الملك فاروق الأول عن العرش والتحول بمصر من الملكية إلى الجمهورية وبعدها قام نظام الحكم الجديد فى اطلاق الروايات والقصص عن ان الملكية والأسرة العلوية فاسدة ولا تهتم إلا بملذاتها وشهواتها دون الاهتمام بالشعب المصرى ولا الوطن ككل وان الملك فاروق هو وحاشيته المتسببين فى هزيمة الجيش المصرى فى حرب فلسطين عام 1948 دون النظر إلى الصورة الكاملة التى كانت عليها مصر من النواحى الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وتم تلاشى اسم الملك فاروق الاول من التاريخ إلا فى الجزء المتعلق بقيام ثورة يوليو وتنازله عن العرش والنفى من البلاد.
وكذلك تكرر الأمر عندما تم اعتقال اللواء محمد نجيب اول رئيس جمهورية لمصر وتولى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حكم مصر تم اخفاء كل الوقائع والأحداث المرتبطة باسم اللواء محمد نجيب كرئيس للجمهورية والقائد الاعلى للقوات المسلحة ودوره الرئيسى فى التنظيم وقيادة الثورة وظل فى عهد عبد الناصر والسادات نسيا منسيا حتى وصل الامر ان العديد من الاجيال التى جاءت بعد تلك الفترة لم تعرف ان هناك رجلا تحمل مسئولية القيام بالانقلاب على الملك وقاد الثورة وتولى حكم مصر كأول رئيس للجمهورية وذلك لحذفه من التاريخ نهائيا إلى أن أصدر الرئيس الاسبق محمد حسنى مبارك قراره بأعاده اسم الرئيس الراحل محمد نجيب إلى كتب التاريخ التى تدرس فى مصر حقه فى ان يعرف ابناء مصر والأجيال القادمة إلى ان يرث الله الارض ومن عليها كارول رئيس للجمهورية ودوره فى ثورة يوليو.
وهاهو الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك نفسه تم حذف اسمه من على المدارس والمدن الجديدة ومحطة المترو ومن كل شىء يحمل اسمه على أساس أنه يوجد حكم من القضاء برفع اسمه من اى شىء بل وصل الأمر حاليا أن وزير التربية والتعليم يريد حذف اسم الرئيس الاسبق مبارك من كتب التاريخ فى المدارس ليتم تجاهل دوره الوطنى كمدير للكلية الحربية وتولى مسئولية اخراج طيارين فى وقت قياسى لانضمامهم للعمليات الحربية وقت ان كانت مصر تتجرع هزيمة 67 وبعد ذلك فى مسئوليته عن قيادة القوات الجوية وإعدادها بالشكل اللائق والتى ظهرت عليه فى حرب اكتوبر المجيدة التى كانت القوات الجوية هى من مهدت الطريق لباقى افرع القوات المسلحة وتجاهل دوره ومصر بها من الديون التى تثقل تنميتها فالرجل شيد العديد من المشروعات القومية فى شتى المجالات وكما قال هو فى احدى خطبه الأخيرة إبان ثورة يناير 2011 سيكتب التاريخ مالنا وما علينا ولكن يبدو ان الذين يتلاعبون بتاريخ الوطن لا يريدون حتى كتابة ما عليه من فساد وجد فى فترة حكمه وان هذا الفساد أدى إلى الكثير من المشاكل التى نعانى منها اليوم ويريدون حذفه نهائيا ليتم اسقاطه من ذاكرة التاريخ والأجيال القادمة.
إن تلك الطريقة فى التعامل مع التاريخ بهذه الطريقة ستصل بنا فى وقت من الاوقات سنكون امام اجيال فارغة لا تحمل فى ذاكرتها أى شىء فى تاريخها وإنما ستجد امامها تاريخ يملؤه التزييف والتحريف لنصل إلى مرحلة عدم اليقين فيما هو مكتوب ويدرس وبذلك سيضيع تاريخنا بعد اجيال وسنجد انفسنا امة بلا تاريخ ولا حاضر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة