الجنة والنار بين الشرق والغرب.. "النعيم" يختصره السلفيون فى الخمر والنساء.. الفلاسفة: الخلود فى العقل.. الإنجيل لم يذكر الجنة صراحة.. التوراة لا تعرف يوم القيامة والأسفار المتأخرة تربط الفردوس بالأرض

الجمعة، 27 مايو 2016 05:07 م
الجنة والنار بين الشرق والغرب.. "النعيم" يختصره السلفيون فى الخمر والنساء.. الفلاسفة: الخلود فى العقل.. الإنجيل لم يذكر الجنة صراحة.. التوراة لا تعرف يوم القيامة والأسفار المتأخرة تربط الفردوس بالأرض المصحف والانجيل والتوراه
كتب : أحمد إبراهيم الشريف - ابتسام أبودهب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نقلا عن العدد اليومى...


الجنة، دار السلام، دار الخلد، دار المقامة، الفردوس، جنات عدن، جنات النعيم هذه هى أسماء المكان الذى ينتظر المؤمنين فى الآخرة بينما جهنم، الجحيم، لظى، السعير، سقر، الحطمة، الهاوية هى المكان الذى تشقى فيه النفوس المعذبة فى النهاية، لكن ليست هذه هى الكلمة الأخيرة فى هذه المسألة فعلى طول التاريخ الإنسانى تعددت الهيئات والسمات والأسماء لكل من الجنة والجحيم.

الجنة.. ذات مرة وفى إحدى الحفلات التى شاركت فيها بعض الفتيات راقصات الباليه قالت الدكتوره غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، إن «الجنة هتكون مكان كله مزيكا وكله باليه» ويومها قامت الدنيا ولم تهدأ على هذه التصريحات، وهناك من تفهم الأمر على أساس أن الجنة تمثل كل ما يحبه الإنسان، وهناك من رفضه انطلاقا من كونه رافضا للموسيقى والرقص والباليه، لكن أحدا لم يسأل نفسه السؤال الواقعى وما الجنة؟

ربما كانت المفاجأة لمن يتأمل هذا الموقف أنه نوعا ما يتفق مع الرأى السلفى لكن بـ«شكل تانى» فهى تراه «مزيكا وباليه» وهم يرونها «حور حين وخمر» لذا معا ينطلقان من «مادية الجنة» وتحويلها لكم من المتع وكل منهم حسب «علامه».

وبينما يظن البعض أن الجنة مجرد أسطورة يعتقد آخرون أنها مكان مثالى أشبه بحديقة يسكنها الصالحون إلى الأبد، وبهذا يصبح لمصطلحى الجنة والنار تصورات كثيرة مختلفة على مر التاريخ الدينى منها:

فى التوراة


تُستخدَم كلمة «جنة» للإشارة إلى جنة عدن، أول موطن للإنسان، «تكوين 2: 7- 15» ويصف الكتاب المقدس هذه الجنة بأنها مكان حقيقى عاش فيه الزوجان البشريان الأولان حياة خالية من المرض والموت، «تكوين 1: 27، 28» ولكن لم يُسمح لهما بالبقاء فيها لأنهما عصيا الله، غير أن نبوات عديدة تظهر أن العيش من جديد فى جنة هو المستقبل الذى سيتمتع به البشر. يومن بعض الناس أن الجنة فى السماء، فى حين يعتقد آخرون أنها ستوجد على الأرض فى المستقبل.

كانت الجنة الأصلية التى وُضع فيها البشر موجودة على الأرض، والأسفار المقدسة توضح أن الله خصَّص كوكبنا ليكون موطنا للبشر الدائم، فهى تقول إن الله صنع الأرض لتبقى إلى الأبد، «مزمور 104: 5» كما تذكر أن «السموات سموات ليهوه، أما الأرض فأعطاها لبنى البشر». «مزمور 115: 16». لذلك فإن مفهوم «الجنة» فى الكتاب المقدس يرتبط بجنة على الأرض حيث يبارك الله البشر بحياة إلى الأبد، كما سيسود السلام والانسجام، ويزول الألم والمعاناة، ويتمتع الناس إلى أقصى حدّ بعجائب الطبيعة على كوكب الأرض.

فى الإنجيل


الإنجيل لم يذكر الجنة صراحة، لكنه تحدث عن الملكوت فيقول فى إنجيل متى الإصحاح 25 العدد 34 «ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِى أَبِى رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ». وعن النار فقد ذكرها وقال فى إنجيل متى الإصحاح 25 العدد 41 «ثُمَّ يَقُولُ أَيْضاً لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّى يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لِإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ».

فى الإسلام


يؤمن المسلمون بأن فى الجنة أنهارا وخضرة وفواكه وثمارا دانية وأشجارا كثيرة. وفيها أكل وشرب وكل ما تشتهيه النفس كما ذكر فى القرآن، وكما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إن فى الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر».

الفلاسفة


ويذهب بعض الفلاسفة إلى أن الجنة والنار أمثال مضروبة وخيالات، لتفهيم العوام، وضبطهم دون أن يكون لها حقيقة فى الخارج. ويذهب ابن سينا إلى أن السعادة والألم فى العالم الآخر لهما وجود روحى بحت، يتوقف على مدى استخدام الإنسان أو عدم استخدامه لقواه الروحية والذهنية والبدنية من أجل الوصول إلى الكمال فى حياته الأولى، كما أن ابن سينا أنكر بعث الأجساد ورد الأرواح للأبدان ووجود النار الجسمانية ووجود الجنة والحور العين وسائر ما وعد به الناس لأن كل ذلك أمثلة ضربت لعوام الخلق، ويرى ابن سينا أن النفس جوهر روحانى مستقلا عن البدن كانت موجودة قبله وستبقى بعده وأنها وحدها دون البدن هى التى ستكون موضع ثواب أو عقاب فى الآخرة.

النار.. تعدد الحديث عن الجحيم لكنها جميعها مرتبطة بالخوف والظلام والألم وصولا إلى قول «سارتر» الآخر هو الجحيم.

إن فكرة جهنم أو الجحيم هى سمة ثابتة لكل الحضارات، نجدها فى أقدم النصوص البشرية مرتبطة بالمفاهيم الدينية الأولى، كما نجدها فى الكتابات المعاصرة الملحدة، وجهنم مكان كئيب مشؤوم يقع فى العالم الآخر أو هى حالة ضيق وغم وجوديين نعيشها بدءًا بهذه الحياة، وهى متعددة الأشكال وقابلة للتكيف تبعًا لنماذج الحضارات، هكذا يراها المؤرخ والأديب الفرنسى جورج بنوا، فى مدخل كتابه «تاريخ جهنم»، الصادر عن الدار اللبنانية عويدات للنشر والتوزيع، ضمن سلسلة زيدنى علمًا، وفيه يستعرض كيف ترى الديانات المختلفة سواء سماوية أو وضعية «جهنم»، وما الصورة المتخذة عنها، حيث إنه لا أحد من الأحياء يعرف شكل جهنم حقيقةً والفكرة المتخذة عنها لا تتعدى كونها مكانا مظلما مليئا بكل أشكال العذابات، يعاقب فيه مذنبو الحياة ويدفعون فيه ثمن أخطائهم الجسيمة التى ارتكبوها خلال حياتهم. يقول الكاتب الفرنسى عن جهنم إنها ضاربة فى القدم وأنها «مرتبطة بالحالة الإنسانية التى تلقى فيها عذاباتها وأحقادها وتناقضاتها وعجزها»، على عكس الجنة التى هى مكان لتسامى الآمال والأفراح والإرادة الإنسانية السعيدة، وأن جهنم سواء فى وجودها أو عدمه فإنها مرتبطة بالعقاب فضلاً عن إنها مرآة لفشل كل حضارة فى حل مشاكلها الاجتماعية وهى مصدر الغموض فى الحالة الإنسانية، وطالما ظل الإنسان عاجزًا عن حل لغزه الخاص فإنه سيتصور جهنم ما.

يستعرض الكتاب جهنم فى عدة ديانات التى وجدت فى الحضارات الشفهية أو الديانات الشرقية القديمة الكبرى، الوثنية الكلاسيكية، العبرانية، التوراتية، وجهنم فى المسيحية والإسلام فضلًا عن جهنم المعاصرة والتحولات التى مرت بها خلال العصور المختلفة. ترى أفريقيا السوداء على سبيل المثال قبيلة تسمى «السيرير» فى السنغال، ترى جهنم فى باطن الأرض، وهو مكان مشؤوم يفقد فيه الإنسان قواه شيئًا فشيئًا، وفى قبيلة «الكيزيس» فى غينيا فإن جهنم توجد فى بلاد الأشرار فى أحشاء الظلمات، وإن قضاء الله ينزل عليهم بطريقة أو بأخرى ويظلون منبوذين من مقر الأموات دون أن يصابوا بعذاب أليم، فجهنم بالنسبة لهم فى التهميش.

أما فى الديانات الثابتة الكبرى فتظهر جهنم بمعنى مكان للتعذيب تقوم به قوى خارقة للطبيعة بعد الموت، فترتبط جهنم فى هذه الديانات بوجود آلهة تتولى أمر العقاب فى العالم الآخر بعد الموت، أما الديانات الأخرى فيعاقب الفرد نفسه بنفسه بالإقصاء أو غيره، وليس شرطا أن يكون بعد الموت، كما أنهم يرونه بشكل آخر جانب العقاب، حيث يرون من يتعرض للعذاب فى دنياه سواء تعرض لحادث أليم نتج عنه عاهة دائمة أو تعرض للمرض أو الفقر فهو بمثابة جهنم وإنه روح معذبة فى ح

الحضارة المصرية القديمة


الأعمال الشريرة التى تدخلك الجحيم فى الثقافة المصرية القديمة يمكن التعرف عليها من خلال أسئلة الاعتراف التى كانت تتم فى محاكمة الموتى التى ذكرها كتاب الموتى الشهير وهى أكثر من 40 سؤالا منها «لم أرتكب غشا ضد أى إنسان، ولم أزعج الأرملة، ولم أكذب أمام المحكمة، ولم أفرض على العامل من العمل أكثر مما عليه أن يعمل فى اليوم، لم أكن مهملا، ولم أنتهك حرمة المقدسات، لم أقتل، ولم أزنِ ولم أسرق أكفان الموتى ولم آكل مال يتيم، ولم أغتصب أرضا، لم أنتزع اللبن من فم الرضع ولم أسد مجرى قناة».

وفى مصر القديمة يكون مصير الموتى الذين استسلموا كليا لشيطان الشر هو «موت ثان»، ونتيجة ذلك يدعى الهالكون «موتى» بمقابل «المتجلين» الذين ينضمون إلى مملكة أوزيريس. إن سيرورة هذا الموت الثانى غير أكيدة، فغالبا يمثل الأشرار محشورين فى أماكن ضيقة ومظلمة حيث عبق نتن لا يطاق، يأكلون برازهم ويشربون بولهم، ويمشون على رؤوسهم ليعبروا بذلك عن أنهم عكسوا النظام الكونى. ويخضع الهالكون، أكثر الأحيان، لعذابات تهدف إلى تحطيم الشخص وتحويله إلى عدم، تغلى أجزاؤه فى خلافين وتحرقها أفاعٍ تنفث ألسنة اللهب، وتلقى فى بحيرات من نار. وقطع أخرى يفترسها أميت وهو حيوان مسخ له جسم أسد ورأس تمساح.

المفكرون اليونانيون


إن مفهوم جهنم يرفضه المفكرون اليونانيون والرومانيون بصورة إجمالية وهم يعدون أن فكرة الآلهة التى تحاكم الناس على أعمالها هى غير معقولة. وإن الآلهة، بالنسبة إلى الكثيرين من بينهم، إذا كانت موجودة، لا تهتم بالناس، وإن عالم الآلهو غريب تماما عن عالم البشر، وإذا كانت جهنم موجودة يكون الرجال هم الذين بنوها على الأرض وهم الذين يدينون أنفسهم بعماوة قلوبهم ومستمرين بضراوة فى ملاحقة أوهامهم ذات القيم الفاسدة.

فى التوراة


«وفى هذا المكان المقفل بباب متين ترقد النفوس فى الغبار، فاقدة الحركة والإحساس والوعى، ولا أمل لها بالقيامة» هكذا ترى الديانة اليهودية برؤيتها المادية أنه لا توجد قيامة من الأساس، وأن الجحيم يكون على ظهر الأرض، فهنا سوف يعاقب الله الأشرار، أولا بطريقة جماعية سامحا بالاحتلال الأجنبى والسبى والطاعون والمجاعة ومهاجمة الحيوانات المفترسة، لكن من بعد مجىء الأنبياء أصبح العقاب فرديا، لكنه ظل أيضا يمارس على الأرض، وعملا بشريعة العين بالعين والسن والسن، ولم تظهر النار إلا متأخرة جدا فى سفر أشعيا، ثم سفر حزقيال.

فى الإنجيل


موضوع الجحيم نادرا ما يذكر فى العهد الجديد ويعد أمرا ثانويا، ظهرت فى رسائل بولس بمعنى العالم السفلى، والجحيم الإنجيلى دائما مكان محسوس يسمى «وادى النحيب» أو المكان الملعون، وفى إنجيل مرقس «إذا شككتك عينك فاقلعها، فخير لك أن تدخل ملكوت الله وأنت أعور من أن تلقى بعينيك الاثنتين فى جهنم، حيث الدود لا يموت والنار لا تطفأ» أما القديس «متى» فهو الأكثر استفاضة فى هذا الموضوع يقول «هناك يكون البكاء وصريف الأسنان»، وهى عبارة تتكرر 6مرات، ويتحدث ثلاث مرات عن «الظلمة البرانية» وثلاثا أخر عن النار الأبدية، ويذكر كذلك «أبواب الجحيم» و«جهنم النار».

أما الرهبان، فى بدايات العصر الوسيط، فهم من وضعوا بصمات مفاهيمهم الصارمة على جهنم بمتابعتهم قصص رحلات عديدة إلى هناك يتخذ بعضها طابعا إيحائيا، ولقد دونوا قائمة بالخطايا التى تستوجب الهلال والعذابات المناسبة لها.

فى الإسلام


أما الإسلام فيرى أن الكفار وغير المتدينين سيتم حشرهم فى جهنم بواسطة الشياطين، فهذا المكان، الذى يسيطر عليه مالك، بنية تقليدية معهودة يلعب فيها العدد «7» وأضعافه دورا أساسيا، سبعة أبواب وسبعة طوابق تتضاعف فيها الحرارة سبعين مرة عند الانتقال من طابق لطابق أسفل.

فى الفن التشكيلى


اهتم الفن التشكيلى بالجحيم لكن بدأت هذه الظاهرة تختفى ابتداء من القرن السابع عشر، إذ تعد لوحة الهالكين عند روبنز أحد آخر المشاهد من هذا النوع.

فى الأدب


أقدم النصوص الأدبية العالمية التى تحدثت عن جهنم فهى الألواح الأكادية فى الألف الثامن قبل الميلاد، ويرى شعب ما بين النهرين جهنم بأنها مكان لا يسر والغبار يصيب أجساد الموتى فيها والصلصال طعامهم، يلبسون كالطيور ولا يرون النور وأرواحهم تلوث بالأوحال، بالإضافة إلى أنه لا أمل فى الفرار حيث يحيط بجهنم سبعة أسوار ضخمة. بينما ترى الحضارة المصرية القديمة جهنم على أنها فناء الكون وفيها يخضعون إلى عذابات تهدف إلى تحويلهم لعدم فتغلى أجزاء منه ويلتهم حيوان مفترس بقاياه، وتراه الديانة الهندوسية بأن له مغزى واحدا وهو أن من يختار الشر يحطم النظام الإلهى ويعد لنفسه بنفسه مصيرا مشوشا من العذابات والفوضى.

وتعد جهنم الموضوع الرئيسى فى الكتب الأدبية ومنها فى الأدب العربى رسالة الغفران لأبى العلاء المعرى وكتاب الدكتور مصطفى محمود رحلتى إلى الجنة والنار، بينما فى الأدب الغربى فى الكوميديا الإلهية لدانتى أليجيرى.

فى انتظار المكافأة.. الجنة تشغل عقل الجميع


منذ أن وجد الإنسان على ظهر الأرض وهو مشغول بالجنة والنار، وبالخير الذى يوصلنا إلى هذه الجنة، ويبعدنا عن جحيم النار الأزلى، وفى حضارتنا المصرية القدية كان المصرى مهتمًا بالجنة، وكان لها تصور خاص بها، فكانت موطن الأرواح الطيبة والصالحين، وهى لم تكن للإقامة الأبدية، إنما كانت محطة يمر عليها المتوفى فى أثناء رحلته، فحسب عقيدة المصريين القدماء، فإن الشمس تأتى عالم الأحياء 12 ساعة، وتذهب إلى عالم الأموات 12 ساعة أخرى، وكان المتوفى بعد أن يموت يصاحب الشمس فى رحلتها، وفى رحلة المتوفى مع الشمس كان يمر على الجنة ليحصل على طاقة يستطيع أن يبدأ بها رحلة كونية جديدة.

وأعتقد المصرى أن الجنة عبارة عن حقول كبيرة وواسعة أطلق عليها اسم «حقول الإيارو»، وتتميز بوفرة الطعام والحبوب، وتجرى بأرضها الأنهار، وورد ذلك فى الكتب الدينية المصرية القديمة، مثل نصوص الأهرامات، ومتون التوابيت، وكتاب الموتى.


p



موضوعات متعلقة:


بالفيديو.. "نحن مسلمات فلا تخف" فرقة بنات وبس لمحاربة الإسلاموفوبيا









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة