لنحاول معاً التعرف على طبيعة الازمة فى مصر وأسبابها المتفاقمة من وجهة نظر عامة سريعة:
1- المريض
يُشكل المريض الجزء الأكبر من المشكلة فالمريض المصرى لا يعرف الفرق بين الطوارئ وبين الكشف فى العيادات الخارجية فالطوارئ تقدم خدمة خاصة لمجموعة معينة من الأفراد الذين يعانون من حالات حرجة قد تؤدى بحياتهم ما لم يكن هناك تدخل طبى عاجل سواء بالعلاج الدوائى أو الجراحى أو حالة طبية معينة لا يصلح معها الانتظار لأنها تشكل خطورة على حياة المريض، لكن المريض المصرى قد يذهب إلى الاستقبال من أجل قياس الضغط أو نزلة برد أو صداع أو حتى كحة مثلا أو غيرها آلاف الحالات التى لا تُعتبر طوارئ أبداً تحت أى مسمى طبى وهذه الحالات مكانها العيادات الخارجية بأقسامها المختلفة.
تتراوح معظم الإحصاءات الرسمية وغير الرسمية أن ما يفوق الـ70% من حالات الاستقبال حالات بسيطة وهو ما يشكل عبئا شديدا على مقدمى الخدمة الطبية مما قد يؤدى إلى انهيار الخدمة فى أى لحظة معينة وكل ما يفعله الطبيب هو تقديم الخدمة تحاشياً للاحتكاك مع المرافقين وذلك على العكس مثلا ًمن بريطانيا وكندا فالحالة التى لا تحتاج إلى طوارئ ولكنها تصر على ذلك فإن هناك نظاما يدعى زمن الانتظار وهو ما يفوق الـ3 ساعات فى بريطانيا و9 ساعات فى كندا حيث يُترك المريض فى انتظار الطبيب لتعليمة الفرق بين الطوارئ والعيادات الخارجية وهناك لا يجرؤ أى مريض على ارتكاب حماقة مع طبيب نظراً للعقوبات الرادعة.
2 - المرافقون
أحيانا تكون المشكلة فى حد ذاتها بسبب المرافقين فالشعب المصرى يعشق المجاملة والواجب فترى مريضا قادما إلى الاستقبال وبرفقته ما يربو عن 10 مرافقين يصرون جميعاً على التواجد بجوار الحالة ويرفض جميعهم الانصياع لأوامر الطبيب بالخروج وهو ما يشكل عبئا إضافيا على الطاقم الطبى وبالطبع يؤدى إلى مزيد من الاحتكاكات والغريب أن الطبيب حين يطلب متبرعين للدم من للحالة ترى المولد ينفض من حول المريض لدرجة أنها باتت وسيلة لبعض الأطباء من أجل إخراج المرافقين وللأسف لا تصلح تلك الطريق فى بعض الحالات نظرا لعدم حاجة المريض للدم.
3 - الإمكانيات
لا يعلم أحد طبيعة الإمكانيات المتوافرة فى المستشفيات، تعانى أغلب مستشفيات وزارة الصحة من نقص فى الإمكانيات والمستلزمات فيلجأ الطبيب أحيانا ًإلى طلب مستلزمات من مرافقى المريض وهنا تشتعل النار لاعتقاد أن الطبيب هو المسئول عن توافر الإمكانيات وهذا تقصير منه.
4 - العنصر البشرى
الكثير من المستشفيات تعانى من عدم توافر اطقم طبية كاملة من اطباء وتمريض وفنيين وهو ما يؤدى إلى ضعف فى الخدمة المقدمة وبالتالى مزيد من الاحتقان.
5 - الجهل
لا يعى أغلب المصريين طبيعة عمل المستشفيات ونظام التحويل الرسمى حيث يُفرض على الطبيب أحيانا تحويل الحالة من مستشفى مركزى إلى عام أو تعليمى أو جامعى وهذا نظام متبع فى العالم كله وذلك خاضع للإمكانيات الطبية وغيرها وهذا ما يرفضه المريض المصرى ويصر على اعتبار الأمر نوعا من الكسل أو الإهمال المتعمد من قبل الطبيب.
وهنالك العديد والعديد من الأسباب لكنى فضلت أن أذكر أهمها، أما عن الحلول المقترحة فإنها تبرز تلقائيا ًمن المشكلات ذاتها كالآتى:
1 - يجب على المريض أن يراعى ضميره لوجه الله وحفاظا على أرواح الحالات الحرجة بعدم التوجه إلى الطوارئ إلا عند اللزوم فعلا.
2 - يجب على المرافقين احترام أوامر الطبيب لأنها ببساطة فى صالح المريض فلا مصلحة يكسبها الطبيب من إيذاء مريض بل العكس فأحياناً يكون المرافق سببا فى التقصير الطبى كعامل مشتت للطبيب.
3 -على الدولة توفير كل الإمكانات والموارد المتاحة من أجل تقديم خدمة صحية أفضل وأيضا ًتوفير كوادر طبية إلى جميع المستشفيات حيث إن هناك مستشفيات تعانى من تخمة فى الأطباء وأخرى تعانى من نقص شديد.
3 - على الدولة أيضاً والأطباء كذلك توفير معلومات عامة للمرضى وتثقيفهم حول طبيعة الخدمة الصحية وأسلوب تقديمها وذلك تلافيا ًللادعاءات الباطلة من تقصير وإهمال من قبل الأطباء وذلك عن طريق البرامج الإعلامية الطبية الموجهة إلى المواطنين.