ذات يوم ..26 ديسمبر 1881..«النواب» يعقد أولى جلساته والجماهير تصطف لتحية الخديو توفيق

الإثنين، 26 ديسمبر 2016 11:00 ص
ذات يوم ..26 ديسمبر 1881..«النواب» يعقد أولى جلساته والجماهير تصطف لتحية الخديو توفيق الخديوى توفيق
كتب : سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة العشرة صباحًا حين تحرك ركب الخديوى توفيق من سراى الإسماعيلية إلى ديوان وزارة الأشغال «قاعة مجلس الشورى قبل إلغائه» لحضور أول اجتماع لمجلس «شورى النواب». جاء هذا المجلس ثمرة للثورة العرابية، التى بلغت ذروتها فى وقفة أحمد عرابى على رأس 4 آلاف ضابط وجندى فى مواجهة الخديوى توفيق يوم 9 سبتمبر 1881 لتقديم مطالب الأمة، وكان من بينها تشكيل مجلس للنواب، وتعزز هذا المطلب بتكليف الخديو لشريف باشا يوم 14 سبتمبر بتشكيل الوزارة، فتم تقديم تقرير إليه وقع عليه 1600 من وجهاء البلاد وأعيانها يطالبونه بإنشاء مجلس للنواب، ورفع «شريف باشا» طلبًا بذلك إلى الخديو فاستجاب، وأجريت الانتخابات ولم تكن بالتصويت الحر المباشر من كل المصريين، وإنما يقوم عمد البلاد ومشايخها بانتخاب المرشحين لمدة ثلاث سنوات، و«يجتمع المجلس شهرين فى كل سنة، وجلساته سرية وليس له رأى نافذ فيما يعرض عليه من الشؤون» حسب عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزى» الصادر عن «دار المعارف - القاهرة».
 
نصت اللائحة الأساسية للمجلس أن يكون عدده 75 نائبًا، لكن ارتفع العدد قليلًا نتيجة زيادة عدد المراكز والأقسام فى المديريات، وبعد ظهور النتيجة أصدر الخديو توفيق أمرًا بتعيين محمد سلطان باشا رئيسا للمجلس، وعبدالله باشا فكرى كبيرا لكتاب المجلس «سكرتيرا عاما»، وترقب الجميع يوم الافتتاح فى مثل هذا اليوم «26 ديسمبر 1881»، ويصفه «الرافعى» بـ«اليوم المشهود من أيام مصر التاريخية»، ويذكر الاستعدادات، التى تمت على قدم وساق من أجله: «ازدحم الديوان «مكان الافتتاح» والشوارع المفضية إليه بالجماهير، واصطفت أورطة من الألاى الأول المشاة «ألاى الحرس» على جانبى الطريق من باب الديوان إلى سلم القاعة بقيادة البكباشى محمد عبيد، ومعها موسيقاها العسكرية تصدح بألحان الفرح والسرور والابتهاج، وحضر النواب وأخذوا مجالسهم ووجوههم تتهلل غبطة وسرورا، وفى نحو الساعة العاشرة صباحا تحرك الركب الخديوى من سراى الإسماعيلية، فأطلقت المدافع من القلعة إيذانا بتحرك الموكب، وكان فى صحبة الخديو فى عربته شريف باشا رئيس الوزراء وأحمد خيرى باشا، رئيس الديوان الخديوى، وطلعت باشا كاتب الديوان».
 
يواصل «الرافعى»: «لما أقبل الركب صدحت الموسيقى بالسلام، وهتف الجنود بحياة الخديو منادين النداء المعتاد: «أفند مزجوق باشا» ومعناها «يعيش أفندينا»، وكان فى انتظاره على سلم المجلس جميع الوزراء ورئيس مجلس النواب وبعض أعضائه، فتلقوه بالإجلال وقصد إلى الغرفة المعدة لاستراحته، ودخل قاعة الاجتماع فى نحو الساعة الحادية عشرة وحيا الأعضاء».
 
افتتح المجلس بتلاوة خطبة العرش وتلاها الخديو بنفسه ومما جاء فيها: «أنتم تحيطون علما أن جل مقاصدى ومساعى حكومتى هى راحة الأهالى ورفاهيتهم وانتظام أمورهم بتعميم العدالة بينهم، وتأمين سكان القطر المصرى على اختلاف أجناسهم، وهذا منهجى واضح مستقيم، وعليه سيرى منذ توليت أمركم محبا للتربية ونشر العلوم والمعارف، فعلى المجلس أن يكون مساعدا للحكومة فى هذه الأمور كلها»، وطبقًا لـ«الرافعى»، فإن الجميع هتف للخديو فور انتهاء خطبة العرش، وأطلقت المدافع من القلعة مؤذنة بانتهاء الخطاب، مبشرة باجتماع المجلس، ثم برح الخديو مكان الاجتماع وصدحت الموسيقى بنغمات التحية وعاد إلى السراى فى موكب حافل».
 
تجاوزت الحكومة عما جاء باللائحة بسرية جلسات المجلس، فدخل كثير من النظار «الوزراء» مكان الاجتماع، ووقفوا حول الأعضاء حتى انتهت حفلة الافتتاح، ولم يدع أحد من قناصل الدول إلى الحضور، وأعد فى القاعة 120 كرسيا لجلوس النواب»، وبعد انصراف الخديو استراح النواب لمدة ساعة، ثم عادوا إلى قاعة المجلس لاستئناف باقى الأعمال، فألقى محمد سلطان باشا، رئيس المجلس خطبة، أكد فيها على شدة الارتباط بـ«الدولة العلية»، ثم ألقى سليمان باشا أباظة نائب الشرقية خطبة نيابة عن زملائه النواب.
 
بقى المجلس مجتمعا للنظر فى نظامه الداخلى، وانتخب من بين أعضائه لجنة عهد إليها تحضير الجواب على خطاب العرش وتقديمه إلى الخديو، وتألفت من عشرة أعضاء من النواب البارزين وهم، أحمد بك الشريف، عبدالسلام بك المويلحى، محمد بك الشواربى، أمين بك الشمسى، هلال بك منير، محمود بك سليمان، أحمد بك على، مراد أفندى السعودى، إسماعيل أفندى سليمان، على بك شعير.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة