هناك الكثير من العادات فى بعض المجتمعات تقوم بدور المؤرخ والكاتب التلقائى للمراحل الزمنية التى تمر بها تلك المجتمعات بعيداً عن اروقة المكاتب وفناجين القهوة التركية والنظارة الطبية .
الكتابة فى دورات المياه تعددت صورها عبر الأجيال المختلفة ولا سيما فى المراحيض العامة الموجودة فى دور العبادة ودور التعليم وكذلك فى وسائل النقل المختلفة كالقطارات والسيارات والسفن أحيانا .
كانت عبارات الحب والغزل تحفر على جزوع الأشجار وتنقش على الأحجار مع رسم لقلب مُخترق بسهم كيوبيد العاشق، وتطورت تلك العبارات من العشق والحب إلى التفاخر والكبرياء وداء العصبية المريض بقول فلان ابن فلان والزعيم والقائد مع وضع رقم الهاتف أو تاريخ تحرير الذكرى التى اراد منها صاحبها توصيل الرسالة .
أصبحت تلك العبارات التى تكتب فى المراحيض برامج دردشات أسوة ببرامج الدردشة على ساحات الشبكة العنكبوتية وتناقش قضايا اجتماعيه وسياسية .
أثناء السفر فى إحدى وسائل النقل [ القطار ] شاهدت سجال دردشة على جدران المراحيض بين شخصين ربما لم يتقابلا ولن يتقابلا والفارق بين حروفهما ربما شهور وأعوام وكلاهما متعصب لرآى معين ولن يتزحزح عن هذا الرآى حتى بالطبل البلدى أو كما يُقال فى المثل الدراج [ لزقة أمريكانى ] وهنا داعبت وارتسمت على شفاهى ابتسامة غريبة عن طريقة العرض والتعبير ومكان الحوار وشرد ذهنى برهة من الزمن فى التفكير عن بعض المحاور التى يتم بها تناول الفكرة وسألت نفسى مراراً وتكراراً بعض الأسئلة ومنها:
ما بال أقواماً أصبح التعبير عن الرأى لها متاحا فقط فى المراحيض ؟
ما بال أقواما أصبحت حواراتهم فى مكان القاذورات ؟
أين دور القائمين على وسائل النقل فى طمس هوية الحروف من على تلك الجدران ؟
أين الدور التوعوى فى نشر ثقافة عدم تدنيس الممتلكات العامه وبنيتها التحتية بهذا التشويه المقيت ؟
أين دور الدولة فى احتواء تلك الأفكار المتضاربة المتناحرة التى أصبحت قنابل موقوته موجهه إلى أصحابها وتنتظر لحظة إزالة فتيل الإشعال ؟
هل الإبقاء على تلك العبارات والحروف فى هذه الأماكن يسئ إلى مجتمع يحوى الكثير من القامات والهامات ويصبح التاريخ فى مراحيض ؟
لا يخفى على الجميع أن تاريخ الأمم والشعوب لا يؤخذ من المراحيض بل يدون بحروف من نور فى قراطيس تُصبح مرجعاً للأجيال القادمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة