بين الهزيمة والنصر.. الفرق بين الراديو فى النكسة وحرب أكتوبر

الخميس، 06 أكتوبر 2016 01:00 م
بين الهزيمة والنصر.. الفرق بين الراديو فى النكسة وحرب أكتوبر حرب أكتوبر - صورة أرشيفية
كتبت رشا عونى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع طلوع الشمس استيقظ النيام بالمنزل وهرول أحدهم ليجلس أمام الراديو ليستمع إلى أخر الأخبار، ينتظر أمه وهى تجهز لهم وجبة الإفطار، ويسرع أخيه الصغير ليوقظ أبيه من نومه لتجتمع الأسرة كلها لتناول الطعام صباحاً، ملتفين حول الراديو..ذلك الاختراع العبقرى الذى نجح فى لم شمل الأسرة فى تلك الحقبة العصيبة من تاريخ مصر، ليستمعوا إلى أخر أنباء الحرب.

 

هكذا كان المشهد المسيطر على كل بيت مصرى فى حقبة الخمسينات والستينات، وكان الراديو بمثابة أخر هبة الله لهم على الأرض، يسمعون ما يحلو لهم من أنغام أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، ويديرون مؤشرات الراديو لمحطة أخرى فيستمعوا إلى أهم الأخبار الخاصة بمصر والعدوان الصهيونى.

 

ولكن كان الفرق واضحاً بين طبيعة الراديو وإذاعاته ومضمونه خلال النكسة عام 1967، وفى حرب أكتوبر المجيدة 1973، فكان فى الظرفين المصدر الوحيد للأخبار وكان الشعب المصرى بأكمله يثق ويصدق كل كلمة تُذاع له عبر الراديو.

 

ففى نكسة 1967، برز أسم المذيع اللامع أحمد سعيد وكان بالنسبة للمصريين علامة مسجلة لحركة العروبة، فتمتع بصوت مميز جذب الكثير من المستمعين وأصبح نجمًا إذاعيًا لا يمكن الاستغناء عنه ورأس إذاعة صوت العرب فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر من سنة 1953 إلى 1967، واعتبرت صوت العرب على يديه من أهم الإذاعات العربية فى تلك الحقبة.

 

وتزايدت شهرته خلال شهور التوتر التى سبقت نكسة حرب 67، وكان ينقل بيانات الجيش المصرى للشعب خلال حرب 67، ولكن أثناء حرب النكسة لم يكن يعلم المصريين بهزيمة جيشهم ورجالهم وسقوط طائراتهم فى الحرب، فكان للراديو دور كبير فى محاولة بث الحماس فى نفوس الشعب، فأذاع أحمد سعيد بياناً كاذباً وأعلن انتصار الجيش المصرى فى 67، وأعلن انتصار ساحق لمصر وإسقاط عشرات الطائرات الإسرائيلية فى الوقت الذى شهدت فيه جميع الجبهات هزيمة ساحقة للجيش المصرى من قبل الجيش الإسرائيلى وقصف للطائرات المصرية.


المذيع أحمد سعيد

 

واستيقظ المصريين فى هذا اليوم على حالة من الفرحة والتهليل، وأذاعت محطات الراديو أنشودة أمجاد يا عرب أمجاد، ثم استمعوا إلى بيان أحمد سعيد بسقوط المئات من طائرات العدو الإسرائيلى وكأن الجيش المصرى يطلق نيرانه على أسراب حمام لا أسراب طائرات.

 

وبعد ساعات قليلة خرج الزعيم جمال عبد الناصر على الشعب بخطاب أعلن فيه هزيمة الجيش المصرى وتحمله المسئولية، وأعلن تنحيه عن رئاسة الجمهورية، ومن هنا انقلبت الأمور رأساً على عقب، وخرج الشعب فى الميادين يطالب عبد الناصر بالعدول عن قراره وعدم التنحى.

 

أغانى الراديو بعد النكسة

ولم يغفل الفنانون دورهم فى حشد عزمة الشعب وإعادة بث الحماس فى قلوبهم مرة أخرى، عن طريق بث أغانيهم الجديدة للشعب عبر الراديو، فقدم عبد الحليم حافظ مجموعة أغانى متنوعة بعد نكسة يونيو 1967 مباشرة، كانت جميعها تهدف إلى الشد من أبزر المصريين فى ذلك الوقت ومنها عدى النهار، وإنذار، وفدائى، راية العرب، وبركان الغضب، كما قدمت كوكب الشرق أم كلثوم مجموعة من الأغانى الوطنية فى أعقاب نكسة 1967، ومن هذه الأغنيات قصيدة أصبح عندى الآن بندقية، كما قدم موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، أغنية بعنوان حى على الفلاح وكأنه يؤذن لإفاقة الناس وإنهاض الهمم، وأغنية سواعد من بلادى، وحرية أراضينا فوق كل الحريات، وملأت تلك الأغانى والأنغام كل محطات الراديو لتصل لقلب كل مصرى وتواسيه.

 

الراديو فى حرب أكتوبر

أما فى حرب 6 أكتوبر 1973 اختلف مضمون الراديو تماماً، لكن كان مازال يحمل نفس الدور والأهمية لدى الشعب فى معرفة الحقائق والاستماع إلى بيانات الجيش فى الحرب التاريخية التى هزمت فيها مصر العدو الصهويونى هزيمة ساحقة، وكانت محطات الإذاعة تذيع باستمرار بيانات القوات المسلحة وتفاصيل معركة الجيش المصرى فى سيناء.

 

ومن أهم اللحظات التى عاشها المصريون بجانب الراديو فى كل منزل وكل شارع، لحظة إذاعة بيان النصر والذى تضمن: "نجحت قواتنا المسلحة فى عبور قناة السويس على طول المواجهة، وتم الاستيلاء على منطقة الشاطئ الشرقى للقناة، وتواصل قواتنا حاليا قتالها مع العدو بنجاح"، وهنا امتلأت شوارع مصر بالفرحة العارمة بعد أن شعروا بحلاوة النصر والكرامة والنضال والحرية والاستقلال.

 

وبدأت جميع محطات الراديو تبث الأغانى الوطنية احتفالاً بنصر أكتوبر العظيم، بدأتها بـ"رايحين رايحين شايلين فى إيدنا سلاح، راجعين راجعين رافعين رايات النصر"، تلك الكلمات التى رددها الشعب المصرى كله فى الشوارع والميادين.

 

وسيطر الحماس على قلوب كثير من الفنانين فقاموا بإصدار أغانى جديدة خاصة بنصر أكتوبر ومنها "المصريين أهمة" لياسمين الخيام، ابنك بيقولك يابطل لعبد الحليم حافظ، دولا مين لسعاد حسنى، وبسم الله الله أكبر وقد غناها مجموعة من مطربى الإذاعة المصرية بعد الحرب وهى من كلمات بليغ حمدى، ويا حبيبتى يا مصر للفنانة شادية، وصباح الخير يا سينا لعبد الحليم حافظ.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة