"روميل" يضرب المعسكرات الإنجليزية فى مصر واستشهاد الطيار أحمد سعودى وهو فى الطريق إليه
هبط الضابط طيار أحمد سعودى بطائرته فى"الضبعة "ففاجأته الألغام لتنسف الطائرة تماما ويصبح هو شهيدا، كان له 12 أخا مات بعضهم فى حوادث متفرقة، وغرق اثنان منهم فى مياه البحر بالإسكندرية حيث نشأت أسرته، وكان هو آخرهم، وكأن الموت كان لهؤلاء الأخوة بالمرصاد.
هو ضابط طيار كان مع زميله الضابط طيار محمد وجيه أباظة نواة لخلية سرية فى سلاح الطيران المصرى عام 1940،وحسب كتاب"نضال شعب مصر -1798 -1956 "تأليف " محمد عبد الرحمن حسين"،فإن"نواة الخلية " تكونت بإقناع من شباب بالحزب الوطني،رأى أن الفتات الذى يسمح به الإنجليز للأحزاب والسياسيين فى مصر لن يحقق الاستقلال،ووجد أعضاء هذه الخلية الحل فى مطاردة جنود الاحتلال بالقتل والاختطاف،بالإضافة إلى استخدام سلاح المنشورات.
كانت الحرب العالمية الثانية على أشدها وقتئذ ،وكانت فكرة الاتصال بالألمان بزعامة هتلر ومساندتهم حتى يهزموا الإنجليز من الأفكار التى راجت وقتها وتبناها سياسيون وأحزاب ، باعتقاد أن انتصار الألمان سيجبر الإنجليز كقوة احتلال على الخروج من مصر،ومن هنا تأتى قصة الضابط طيار أحمد سعودى والتى تأتى فى "نضال شعب مصر"الصادر عن"دار الكتب والوثائق القومية –القاهرة "،وتبدأ من تكليف"خلية الطيران "ل"سعودي"برسم تخطيط ودقيق لمعسكرات الإنجليز ومطاراتهم فى القاهرة والقناة والإسكندرية،وبعد تنفيذ هذه المهمة تقرر تسليمها إلى الألمان فى العلمين بقيادة روميل،على أن يقوم بها أحد الضباط الطيارين من أعضاء الخلية،وأجريت قرعة لتحديد من يقوم بالمهمة،ولم يكن"سعودي"هو الفائز بها فبكى مما أدى بزملائه إلى إعادة القرعة مرتين،ليفوز فى المرة الثالثة،وبعد ذلك جاءت مهمة اختيار الطائرة التى سيقلها ولم يكن ذلك أمرا يسيرا لأنه لم يكن مسموح بتحليق أى طائرة إلا بعد بحث وتدقيق،وكان كل طيار مسئول عن طائرته وقائد السرب مسئول عمن تحت إمرته.
ورغم هذه الصعاب إلا أنه تم التغلب عليها حيث وقع الاختيار على طائرة كانت تحمل رقم 9036 ماركة "جلاديتر "وهى من السرب الخامس،وفى الساعة السادسة من صباح يوم 7 أغسطس 1942 اتجه سعودى إلى الطائرة ،ومعه الحقيبة السوداء التى تحتوى على صور المعسكرات الإنجليزية ورسالة إلى روميل عن المساعدة له مقابل الحصول على الاستقلال ،وكانت التعليمات بأن يتجه سعودى بالطائرة إلى السلوم،ولكن الألمان كانوا يعسكرون فى العلمين وقتئذ،فرأى سعودى أن ينزل فى الضبعة،ودار محرك الطائرة على هذا الأساس وفى الحادية عشر صباحا أذيع أن هناك طائرة مفقودة .
مضى يومان على سفر سعودي،حتى قامت القوات الألمانية بضرب شديد ومركز فى مثل هذا اليوم"9 أغسطس 1942 "على المعسكرات والمطارات الإنجليزية،وكان من بينها أماكن حددتها الوثائق والخرائط التى حملها سعودي،مما أدى إلى ثقة "خلية الطيران"بأنه وصل إلى " روميل "،لكن القلق ساور الجميع لتأخره فى الاتصال بهم،فقرروا سفر الصول محمد رضوان بطائرة زودوها به ليستطلع أخبار سعودى وليؤكد مهمته،ولما وصل رضوان أخبره الألمان بأن سعودى هبط بطائرته بجهة الضبعة التى كان الألمان لغموها،فنسفت الطائرة وأصبح سعودى شهيدا،أما الصول محمد رضوان فظل مع الألمان يحارب بجانبهم حتى سافر معهم عندما انسحبت قوات المحور إلى أوربا،وتم القبض عليه بعد هزيمة ألمانيا وحوكم أمام مجلس عسكرى
كانت الساعة الحادية عشر صباح يوم 7 أغسطس 1942،حين أذيع أن هناك طائرة مفقودة تابعة للجيش المصري،وانقلبت الدنيا رأسا على عقب،وخرج سرب طائرات للبحث عنها،وتم مسح منطقة القاهرة والصحراء المحيطة بها حتى الفيوم دون جدوي،وهاج الإنجليز كقوة احتلال لمصر وهددوا وطالبوا بإجراء تحقيق لمحاكمة المسئولين،وأمر أحمد حمدى سيف النصر وزير الحربية فى حكومة مصطفى النحاس الجديدة بتشكيل مجلس عسكرى لمحاكمة المسئولين من الضباط.
كان الحدث غريبا،لا تعلم عنه قيادة الجيش شيئا،
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة