كان الشاعر الأنجلوأمريكى ويستون هيو أودن نافذا، يصل إليك من أقصر طريق، هو من الذين ترجمت أعمالهم كثيرا للعربية ولم يأخذوا حظهم مثل شعراء جيله فى الثقافات الأخرى، ربما لأنه يقنص قصائده فى مناطق تبدو سهلة وآنية، كان يعرف أن «الاقتتالُ تحتَ جنح الظلام، والأكاذيبُ الباعثةُ على الخَدَرِ فى عالمِنَا هذا، ما تزالُ تومضُ فى كلِّ مكان، فيما النِّقاطُ القويّةُ للضوء، التى تومِضُ حيثُ يكونُ العَدل» غير موجودة.
سبعة دروس فى فن الشِعر من و.ه. أودِنْ، التى كتبها الشاعر وترجمها الشاعر العراقى الكبير سعدى يوسف، تدل على صفاء إنسانى وبساطة تليق بالمواهب العظيمة، فى أحد هذه الدروس يقول «أوّلُ ما أطلبُهُ، حين أقرأُ قصيدةً كتبَها سواى، أن تكون جيّدةً (اسمُ كاتبِها ذو أهميّةٍ ثانويّةٍ)، أمّا القصيدةُ التى أكتبُها فإن مطْلبى الأول منها أن تكون أصيلةً، يمْكِنُ التعرُّفُ عليها، مثل خطِّ يدى، إذ إنها كُتِبَتْ، على عِلّاتِها، من قِبَلى، فى ما يتّصِلُ بقصائدِ الشاعرِ نفسِه، فإن ما يفضّلُهُ الشاعرُ، وما يفضِّلُهُ قُرّاؤهُ، متشابكٌ، ونادراً ما يكون متوافقاً»، ويحكى: قرأتُ قصيدةً لشاعرٍ ذرفَ دمعةَ فراقٍ لمحبوبته: القصيدة جيدة (أثّرَتْ فِىَّ شأن أى قصيدةٍ جيّدةٍ) وأصيلة (تعرّفتُ فيها على خطّ يدِ الشاعر).
فيما بَعدُ، ومن قراءتى سِيرةً، عرفتُ، أن الشاعرَ، وقتَ كتابتِها، كان يبغضُ حتى الموتِ، تلك الفتاةَ، لكنه تظاهرَ بالعويلِ، كى يتجنّبَ إيذاءَ المشاعرِ، والمشهدَ، ويتساءل أودن: هل أثّرتْ هذه المعلومةُ، سلبًا، فى إعجابى بقصيدتِهِ؟ ويجيب: أبدًا أنا لم أعرفْه شخصيًّا، وحياتُه الخاصة لا تهمُّنى»، مع مرور الزمن يفاجئ أودن الجميع بنص عابر للزمن والكتابة مثل قصيدة «الأول من سبتمبر 1939» التى عبرت عن ضرب البرجين فى 2001، ترجم له سعدى قصيدة تقسيم الأسبوع الماضى كأنها مكتوبة اليوم .. معها إن شاء الله غدًا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة