د. عمار على حسن

«الثابت والمتحول».. محاولة جريئة لتحقيق الإصلاح الدينى المنشود «2 - 6»

الأربعاء، 17 يونيو 2015 11:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يرى أدونيس أن السلفيين ينزلقون إلى نوع من «العرقية المركزية» تشابه «النزعة المركزية الأوروبية»، فهم يرون أن الأمة الإسلامية، مركز العالم بوصفها تحمل خاتمة الرسالات، وأكملها، ومن ثم يرفضون الآخر، مثلما يرى بعض الأوروبيين أن قارتهم هى المركز الحضارى للعالم أجمع، وينكرون على الآخرين إسهامهم الحضارى الراهن، أو حتى الماضى، الذى أثر فى أوروبا ذاتها، واندمج فى بنيتها الحضارية. ولا يقصر أدونيس الحداثة على ما يقدمه الغرب فى الوقت الحالى، بل يبحث عن أصولها فى تراثنا وتاريخنا العربى الإسلامى، من خلال تتبعه لثلاثة عناصر أساسية تشكل الرؤية الحداثية، وهى الحرية الإبداعية دون قيد، ولانهائية كل من المعرفة والكشف، والاعتراف بالاختلاف والتعدد. وفى قراءته لأصول الاتباع والثبات فى «الخلافة والسياسة»، ينطلق أدونيس من واقعة «السقيفة»، التى أعقبت وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة، حيث ظهر خلاف بين المهاجرين والأنصار حول من يخلف النبى فى إدارة دفة الحكم. وفى نظره أخذ هذا الخلاف ثلاثة أشكال، الأول يستند إلى أولوية دينية خالصة وهو أحقية الأنصار لأنهم الأسبق للإيمان بالإسلام ونصرته، والثانى يستند إلى أولوية الدين والقبيلة معا وهو أحقية قريش لأنها عشيرة الرسول، والثالث يستند إلى أولوية قبلية ويقوم على تعدد الإمارة. ومن ثم نشأت سلطة الخلافة فى مهد سياسى دينى قبلى.. وقدمها أصحابها على أنها مستمدة من الله.. وكما أن العصبية عنف باسم القبيلة، فقد أصبح الإجماع عنفا باسم الجماعة، والسلطة عنفا باسم الدين». وجاءت الخلافة الأموية لتسوغ ممارساتها على أساس أنها «نيابة عن صاحب الشرع فى حفظ الدين وسياسة الدنيا»، وادعت أنها «الإمامة الكبرى» و«الأصل الجامع» ولذا فإن كل خروج عليها، هو خروج على الإسلام. وبات الصراع بين الفئات التى سيطرت على السلطة، وتلك التى غلبت يدور فى جوهره حول فهم القرآن الكريم والسنة النبوية. وبينما تمسكت الفئة الغالبة بما استقر، راح المغلوبون يطرحون فهما جديدا للإسلام، يلائم حياتهم وحاجاتهم وطموحهم، ومن ثم كانت رؤية هؤلاء تعبر عن التحول فى المجتمع الإسلامى، وعلى النقيض عبرت أفكار من بيدهم السلطان عن الثبات.

أما الاتباعية فى السنة والفقه، حسبما يرى أدونيس، فيمكن أن نلمسها فى عدة مواقف، بالنسبة لأبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب، فالأول ظهرت اتباعيته فى أول خطبة يلقيها على المسلمين بع توليه الخلافة، وفى إتمام بعثة أسامة بن زيد التى كان قد أعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتأديب الروم، وفى حروب الردة. والثانى اقتدى بالرسول فى إدارة معركة اليرموك، وفى التقشف والزهد ورفض الظلم. ويؤكد أدونيس أن الاقتداء بالسنة رافقه حركة للتفقه بها ومعرفتها، وكان ينظر إلى من يحفظ أكثر من القرآن والسنة على أنه الأعلم. ويكشف تاريخ الاقتداء بالسنة أن محاكاتها كانت تامة فى ما يتصل منها بالعبادات، بينما ساد الرأى فى ما اتصل بالسياسة.

وتجلت الاتباعية فى الشعر والنقد، من خلال توظيف الإسلام للشعر كأداة أيديولوجية لمحاربة أفكار الجاهلية، فالرسول صلى الله عليه وسلم حافظ على النواة الأساسية لدور الشعر فى القبيلة، وعلى العلاقة التى تربط الشاعر بقبيلته، غير أنه أعطى هذه النواة مضمونا جديدا، فنقل دور الشعر من إطار «الفضائل القبلية» إلى «الفضائل الدينية»، وحول العلاقة بين الشاعر والقبيلة إلى علاقة بين الشاعر والدولة الإسلامية. ومن هنا بدا الشعر فاعلية أخلاقية اجتماعية ترتبط بعقيدة الدولة ومصالحها، ولذا لا ينظر إليه لذاته، أى لجماله وفتنته، وإنما إلى ما يحمله من أفكار، وما يفيد به المجتمع، وقد تبنى الصحابة موقف النبى حيال الشعر. ونكمل الأسبوع المقبل، إن شاء الله تعالى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

مطلوب الايمان بثوابت الاسلام وديمقراطية الحداثه معا

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

.

مع خالص تقديرى لجهدكم البحثى

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة