أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد الغيطى

ابن عبدالواحد وابن الكناس

الخميس، 14 مايو 2015 11:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن فيلم «رد قلبى» مجرد تعبير عن فكر ثورة يوليو 1952 أو مدرسة الستينيات الفنية والأدبية، ولكنه كان تجسيدا لظلم اجتماعى، وتراكما، وسحل طبقة الفقراء، وأصحاب الجلاليب الزرقاء من ملح أرض الشعب المصرى، كان المشروع القومى للمصريين أواخر الأربعينيات هو مشروع كساء الحفاة، وكانت مصر طبقتين فقط، الباشاوات والشريحة المرتبطة بمصالحها، وأغلبية كاسحة تحت خط الفقر

تمثل 99%، وتقريبا 1% يمتلكون السلطة والثروة، والراحل عبدالله إمام رصد فى دراسة اقتصادية عدد العائلات التى كانت تمتلك الأرض والثروة، ولم يتجاوزوا عدد أصابع اليدين، كان ممنوعا على أبناء

الفلاحين والفقراء تولى مناصب عليا فى الحكومة والقضاء أو الشرطة أو مستويات الدولة العليا، وعندما فتحت حكومة النحاس الباب لأبناء الوفد من الشعب لم يكن أحد يدخل الحربية إلا بواسطة، ومن هنا تجد معظم الضباط الأحرار من أبناء العمال أو الريف الفقير دخلوها بكارت توصية من الباشا الذى يعمل عنده الوالد، أو قريب يعمل فى الوسية أو الدائرة الملكية، لذلك تجد عبدالواحد فى رد قلبى أدخل ابنه الحربية بتوصية من الباشا، وأحب ابنته إنجى وبقية القصة معروفة. حكم ناصر حاول توصيل أبناء طبقته للحكم، وكان جل همه جعل الطبقة المتوسطة عمود المجتمع ومكونا لبنيانه الجديد، وكان أهم أهداف ثورته إزالة الفوارق بين الطبقات، ومات دون أن يتحقق الحلم، لأن السادات جاء لينقلب على كل منجزات ناصر،

وغرس السادات بذرة زواج السلطة من الثروة، فقرب منه عثمان أحمد عثمان وصاهره، وفعل ذلك مع سيد مرعى، وعادت مصر فى أواخر السبعينيات لتشهد تعويضات التأميم، وإعادة الأطيان للباشوات، فى الثمانينات دخلت «مصر مبارك» فى ردة أجهزت على ما تبقى من العهد الناصرى، وقضت الخصخصة على فقراء الوطن، وأصبحت شهوة المال هى القيمة الأولى، وانهارت الطبقة المتوسطة، وصعد رجال الأعمال الذين سيطروا على الحكم تماما، وفى ظل هذه المنظومة تم تجريف إرادة التغيير لدى الشباب، وقضى تماما على حلم الأجيال فى وطن لا يسوده العدل الاجتماعى والمساواة ومبدأ الكفاءة، والشواهد

على ذلك لا تحتاج لتفنيد، ولعل أهم أسباب ثورة 25 يناير فقدان العدل لدى الأغلبية من المصريين، عمق من هذا الشعور المدمر نظام توريث المناصب والوظائف فى مصر، ابن القاضى يصبح قاضيا، وكذلك ابن الإعلامى وابن الشرطى طبعا إلخ. الأسبوع الماضى حكمت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية حكما تاريخيا برفض تعيين ابن مدير شركة المياه بالبحيرة، وتعيين ابن فلاح قدم ما يثبت أنه أكفأ من الكوسة والواسطة، وقال حكم المحكمة «إنه آن الأوان للقضاء على توريث الوظائف»، وليت وزير العدل قرأ منطوق الحكم وعنوان الحقيقة، لكنه ظهر ليسخر من حق ابن عامل النظافة للعمل بالقضاء، ألم يقرأ وزير العدل أن رئيس البرازيل ابن عامل نظافة، وأنه كان يساعد والده ويفخر بذلك، ألم يقرأ أن أوباما عمل جرسونا، وميتران نقاشا، وأن هذه المهن الشريفة هى التى أوصلت أصحابها بالعرق والجهد

ليصبحوا المواطن رقم واحد فى بلدانهم، من هو الأشرف والأكثر قيمة واستحقاقا، شاب حصل على وظيفة راقية كالقضاء أو الشرطة أو غيره بالتعب والجد والكفاءة، مهما كان أبوه، أم شاب حصل على ذات الوظيفة، لأن والده ورثه إياها. المجتمعات القوية هى التى تقوم على العدل والمساواة، وما دمنا نحن نرتضى ونتكيف مع نظام يغزوه النفاق الاجتماعى ويحكمه واقعيا منطق أنا ابن مين، فلن نتقدم خطوة للأمام، نحن نحتاج لثورة حقيقية على الكوسة والرشوة والشللية والمحسوبية والفساد، وكلها معانى واحدة مهما تعددت الأسماء، وبدون ذلك لن تقوم لنا قائمة أبدا، الله يرحمك يا عم عبدالواحد يا جناينى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

ahmed ali

ومحاسيب عصر مبارك (الذين نهبوا الخزائن والوظائف) يتعجبون لماذا فقد الشباب الثائر ولائه للوطن ؟!!!

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو عمر

رساله الى السيد الكاتب

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة