حكمت المحكمة حضوريا على المتهم بالسجن المشدد.. صراخ أهل المتهم يسود مصحوبا ببعض الدعوات مثل حسبى الله ونعم الوكيل، وربنا على الظالم إلخ.. أنا أراه شيئا طبيعيا فى مثل هذا الظرف، ولكن الغريب أن تجد تهليل الشامتين يغطى على حزن الأقارب والمؤيدين وتجد شماتتهم تجاوزت كل التقاليد والأعراف الإنسانية، فالأمر يصل إلى شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد والمجلات، وبالتأكيد تعلو الأصوات فى شبكات التواصل الاجتماعى من تويتر وفيس بوك وإنستجرام وخلافه.. فرحة ولكن ليست كأى فرحة إنها فرحة الشامتين، واللهم اكفنا شر الشامتين.. الذين عماهم حقدهم وأفقد بصيرتهم وتحولوا من مواطنين عاديين إلى قضاة وفقهاء قانونيين، ووصل الأمر أنهم أصبحوا جلادين أيضا!! وَيَا ليت الموقف توقف عند هذا الحد، للأسف وصلت ديكتاتوريتهم أنهم لا يريدون فردا، وأنا أعنيها، فردا أن يحزن أو يتعاطف مع المتهم حتى وإن كان من دمه ولحمه أو كان محاميه شخصياً!! طب ماذا لو حكمت المحكمة ببراءة المتهم؟ فرحة عارمة من المؤيدين ودعوات مثل يحيا العدل ومديح شديد فى القضاء ووصفه بأنه قضاء شامخ وما إلى ذلك من تبعات، على الصعيد الآخر تجد سبا علنيا فى القضاء وفى الحكومة، وقد يصل الأمر إلى التشكيك فى الرئيس نفسه، ووصفه بأنه إعادة لإفراز نظام ولى، وأنه متواطئ ضد الشهداء!! وتبدأ الآلة الإعلامية فى التحرك من أجل توجيه الرأى العام فى اتجاه بعينه دون الاكتراث لأى معايير مهنية أو لأى نوع من أنواع الشرف المهنى، رافعة شعار «عبيله واديله»، أى «أهى مادة والسلام المهم نشتغل والمشاهد يتفرج» هذا العزف بالطبع يصطحب بكتائب إلكترونية نشطة تتنوع بين الإخوانى والثورى واليسارى والجاهل!! صخب وهرج ومرج وانتقام.. ماذا يريدون؟! ولماذا يتركون يفعلون ما يريدون ويشوهون ويهدمون ويزورون والدولة صامتة «ودن من طين والتانية من عجين»، هل ما يحدث يرضى أحدا سويا فى الوجود؟ هل يرضى الحكومة؟ هل يرضى الرئيس؟ هل يرضى ربنا؟!
ليس من المنطق أن حفنة عيال ستقودنا ويصبح لصوتهم معنى ونفوذ، خاصة وأننا عشنا هذه التجربة، وتركنا لهم مصر ليتاجروا بها وبالشهداء وبالناصرية وبالمهلبية، والنتيجة كانت أن حكمتنا عصابة الإخوان، يا دولة مصر يا حكومة مصر يا رئيس مصر أراكم لا تقتربون من عيال مجيدة، وكأنهم منزلون، وفى الوقت نفسه نسمع أن هناك مؤامرة قد حيكت ضد الوطن فى يناير 2011!! تركتم عديمى الخبرة يكتبون الدستور وينشئون الأحزاب التى تجاوزت المائة حزب، وتركتم الإعلام يتوحش دون رقيب وأصبحنا فى غابة يحكمها عالم افتراضى على التويتر والفيس بوك وشاشات الفضائيات ويستفيد منه المتربصون بوطننا.. خلص الكلام ولابد من وقفة حاسمة قبل أن نبكى، ولا نجد غير البكاء فقط سلاحاً للتعبير عن حالنا.. خلص الكلام.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة