فعلى الجانب الآخر من حياة "طلعت حرب" هناك إنجازات وآراء ومشاريع واشتباكات لم ترافق سيرته طوال هذه السنوات الماضية، لذلك فى يوم ميلاده الموافق 25 نوفمبر نكشف تفاصيل لم تذكر من قبل عن حياة" طلعت حرب" الشخصية وأفكاره الأدبية والفنية التى ظلت بعيدة عن الأضواء.
* شجع الفن وأسهم فى النهوض بالسينما المصرية
يعتقد البعض أن مشروعات "طلعت حرب" توقفت على المشاريع الاقتصادية والتجارية وحسب، لكن فى الحقيقة أنه اهتم كثيرا بالفن، اعتقادا وإيمانا منه بأنه لا يمكن النهوض بمجتمع مجرد من الثقافة والفنون، لذلك أنشأ فى عام 1930 شركة ترقية التمثيل العربى "تعليم"، وأقام لها مسرح الأزبكية "المسرح القومى" لتقدم أعمالها عليه، ووضع حجر الأساس لبناء "استديو مصر" فى السابع من مارس عام 1934.
وفى الثانى عشر من أكتوبر عام 1935 أى منذ ستين عاما تم افتتاحه فى منطقة الهرم بالجيزة، بدأ "استديو مصر" بإنتاج أول أفلامه بقصة مصرية هى "وداد" بطولة أم كلثوم وأحمد علام، ومن بعدها توالت أعماله الفنية.
ومن أقواله التى تؤكد أهمية السينما والفن بشكل عام بالنسبة له:
"إننا نعمل بقوة اعتقادية وهى أن السينما صرح عصرى للتعليم لا غنى لمصر عن استخدامه فى إرشاد سواد الناس".
* خلافه مع قاسم أمين بسبب تمسكه بحجاب المرأة
بعد إصدار كتاب "تحرير المرأة" لقاسم أمين، والذى نادى به بتحرير المرأة من كل القيود حتى إذا كانت هذه القيود متمثلة فى الحجاب، نشب الخلاف بينه وبين "طلعت حرب" الذى دائما ما حاول الحفاظ على الهوية الإسلامية ومن ثم تمسك بالحجاب، وأصدر ردا على ذلك كتابه "تربية المرأة والحجاب"، وبعد عامين صدر الكتاب الثانى لقاسم أمين "المرأة الجديدة" وقام طلعت حرب بالرد عليه وإصدار كتاب آخر بعنوان "فصل الخطاب فى المرأة والحجاب" والذى أشاد به الزعيم مصطفى كامل.
واستمرت خصومته الفكرية مع قاسم أمين ممتدة حتى رحل الثانى، لكن لم تدر حول تحرير المرأة بشكل عام، إنما تمحورت حول الحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية بعيدا عن التدخلات والتيارات الأوروبية.
* خرج عن لقب "عدو المرأة" بمواقفه المشجعة لها
خلقت هذه الخصومة الأدبية بين "طلعت حرب" ومصطفى كامل صورة ذهنية خاطئة عن موقف "أبو الاقتصاد" بالنسبة للمرأة وكأنه معادٍ لها ومؤيد لمجتمع ذكورى بحت، لكن ما أنهى هذه المعتقدات والأفكار الخاطئة موقفه فى ذكرى وفاة "قاسم أمين" فى أبريل من عام 1928، عندما أقام الاتحاد النسائى احتفالية خاصة له وقام بدعوة "طلعت حرب"، وعند وصوله للحفل ورغم حسن التنظيم إلا أنه سأل المنظمون "وأين أماكن النساء؟، وهو ما صحح الفكر الخاطئ عنه وأنه عدو للنساء.
كما أصدر قرارا ينص على ضرورة المشاركة النسائية الدائمة فى جميع حفلات بنك مصر، كذلك عقب إنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما "استديو مصر" كانت أولى المشاركات نسائية وأبرزهم: أم كلثوم وأسمهان وفاطمة اليوسف، وحتى بعد تأسيسه لمدرسة الطيران، التحقت بها من البداية "لطفية النادى" والتى استطاعت الحصول على إجازة الطيران فى عام 1933 لتصبح أول فتاة مصرية عربية أفريقية تحصل على هذه الإجازة، وثانى امرأة فى العالم تقود طائرة منفردة، وقام طلعت حرب فيما بعد بتكريمها.
* تاريخه حافل بالجوائز والأوسمة حتى بعد وفاته
تاريخ "طلعت حرب" حافل بالجوائز والأوسمة ففى عام 1931 منحه الملك فؤاد الأول لقب صاحب السعادة ورتبة باشا عقب افتتاح شركة مصر لغزل القطن والنسيج بالمحلة الكبرى، كما قام ملك السعودية الراحل الملك عبد العزيز آل سعود بإهداء طلعت حرب كسوة باب الكعبة الشريفة عام 1937، تقديرا لجهوده فى إقامة المشروعات التنموية بالمملكة وقتها، وفى عام 1980، وفى الذكرى الستين لتأسيس بنك مصر تم تكريم اسم طلعت حرب، حيث قام الرئيس الراحل محمد أنور السادات بمنح طلعت حرب قلادة النيل العظمى تكريما لمجهوداته العظيمة فى الاقتصاد المصرى.
* وهب حياته للعمل بعد وفاة زوجته
تزوج طلعت حرب فى عمر باكر، لكن لم يسعد بحياته العاطفية والزوجية كثيرا، فخطف الموت زوجته بعد سنوات قليلة من تاريخ زواجهما، وظل مخلصا لها واهبا حياته للعمل العام والنهوض بالوطن من بعدها دون أن يفكر مجرد التفكير فى الزواج بعدها، وكان له منها أربع فتيات وولد واحد توفى فى مطلع شبابه.
*الوفاة كانت النهاية الحتمية لاستقالته
على الرغم من النجاح الذى حققه بنك مصر، إلا أن الأزمات المفتعلة من قبل سلطات الاحتلال الإنجليزى أدت إلى حالة من الكساد العام ودفعت المخاوف الكثيرين لسحب ودائعهم لدى بنك مصر مما تسبب فى أزمة سيولة، وفى نفس الوقت لم يتلق أى مساندة من الدولة ووزارة المالية التى كان من المفترض أن تدعمه وقتها، مما أدى إلى استقالته من إدارة بنك مصر، وانتقل للعيش بقرية العنانية، فى مركز فارسكور بدمياط، وتوفى فى الثالث عشر من أغسطس عام 1941، حزنا على توقف حلمه فى النهوض بالمستوى الاقتصادى لمصر.
عدد الردود 0
بواسطة:
setelkol ahmed
طلعت حرب