مع اقتراب إعلان التشكيل الجديد للمحافظين وفور توارد الأنباء عن اقتراب المرأة من منصب المحافظ، ساد الجدل من جديد حول أهلية المرأة لتولى شئون الحكم التنفيذى، وسط دعاوى البعض بأن المرأة لا تصلح لمثل هذه المهمات.
إلا أن التاريخ الإسلامى يثبت خطأ تلك الدعاوى، فمن يقول إن المرأة لا تصلح إلا فى إدارة الشئون المنزلية، فعليه أن يقرأ تاريخها على مر العصور، فالتاريخ يثبت مهارتها وقدرتها على تولى العديد من المناصب، حيث إنها شغلت مناصب فى القضاء، والإفتاء والحسبة والتى كانت تعتبر السلطة التنفيذية داخل العصر الإسلامى، بل وأصبحت وزيرة فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب "رضى الله عنه"، كما أجاز الأحناف تولى المرأة القضاء.
وتولت "ثمل قهرمانة شغب" منصب القاضى، وكانت من ربات النفوذ والسلطان فى الدولة العباسية أيام الخليفة العباسى المقتدر، فكانت الساعد الأيمن لأم المقتدر، تلى شئون الدولة وسياستها، وبلغ من اعتماد أم المقتدر على ثمل أن أمرتها أن تجلس للقضاء بين الناس فى المظالم سنة ٣٠٦ هـ، وتنظر فى كتب الناس يوما فى كل أسبوع، فأنكر الناس ذلك واستبشعوه وكثر عيبهم له والطعن فيه، فجلست أول يوم فلم يكن لها فيه طائل، ثم جلست فى اليوم الثانى وأحضرت القاضى أبا الحسن بن الأشنانى فحسن أمرها وأصلح عليها، وخرجت التوقيعات وعليها خطها على سداد، فانتفع بذلك المظلومون، وسكن الناس إلى ما كانوا نافريه من قعودها ونظرها، وكان يحضر فى مجلسها القضاة والفقهاء والأعيان، حيث توفيت سنة ٣١٧.م "كما جاء بكتاب ابن كثير".
وتولت المرأة مناصب "الحسبة" والتى تعبر عن السلطة التنفيذية التراث الفقهى الإسلامى، وهى مثل الشرطة فى الوقت الحالى، وكان ذلك فى القرن الأول، وعلى خلفية ذلك أجاز بعض علماء المسلمين تولى المرأة هذا المنصب القيادى الحساس فى الدولة الإسلامية، فروى أبو بلج يحيى بن أبى سليم قال "رأيت سمراء بنت نهيك وكانت أدركت النبى - صلى الله عليه وسلم - عليها درع غليظ وخمار غليظ بيدها سوط تؤدب الناس وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر". "أخرجه الطبرانى فى المعجم الكبير".
وفى عهد الخليفة عمر بن الخطاب "رضى الله عنه"، تم تعيين أول وزيرة فى الإسلام هى "الشفاء بنت عبد الله"، وكان عمر بن الخطاب "رضى الله عنه" يجلّها ويقدرها ويأخذ برأيها ومشورتها فعينها كأول وزيرة تجارة فى عهده، وولاها نظام الحسبة فى السوق أو كما يسمى ذلك البعض قضاء الحسبة وقضاء السوق وجعلها تفصل فى المنازعات التجارية والمالية وهى بمثابة قاضى محكمة تجارية فى يومنا هذا وقد قال البعض إنها بمثابة وزير مالية.
وكان للمرأة دور كبير أيضا فى المساهمة والمشاركة فى الجهاد مثلها مثل الرجل، ولكن كان دورها سابقا على دور الرجل، فكان أول من استشهد فى سبيل الله كان امرأة هى السيدة "سمية بنت خياط"
بل وكانت أول الفدائيات "أسماء بنت أبى بكر" رضى الله عنها، التى أمّنت وصول الطعام إلى النبى، صلى الله عليه وسلم، وصاحبه أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، وعلى إثرها تلقت الضرر والأذى من أبى جهل لكى تكشف عن مكان النبى وصاحبه ولكنها عملت على الكتمان، لتصبح أول فدائية فى الإسلام.
وأقر النبى، صلى الله عليه وسلم، بمشاركة النساء فى الجهاد والغزوات، وخاضت المرأة مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، العديد من المعارك مثل "أم حرام بنت ملحان، والرُّبَيِّع بنت معوذ، وأم سنان الأسلمية، أم سليم بن ملحان، أم الحارث الأنصارية، ورفيدة الأنصارية، وأم زياد الأشجعية، وأم سليط، وليلى الغفارية".
أما على المستوى العلمى فأكدت المرأة أنها تستطيع الوصول إلى أعلى الدرجات العلمية فكانت سميرة موسى وهى أول عالمة ذرة مصرية ولقبت باسم مس كورى الشرق، وهى أول معيدة فى كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول، جامعة القاهرة حاليا.
فى هذا السياق، أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، فى تصريحات صحفية، أنَّ الشريعة الإسلامية سبَقت كل دساتير العالم فى كفالة حقوق المرأة، وأعلَتْ من شأنها، وأنه لا يوجد نص شرعى يمنع المرأة من تولِّى المناصب القيادية، بعد أن أثبتت المرأة جدارتها وكفاءتها بالفعل، حيث تولت المرأة فى العديد من الدول العربية والإسلامية وفى مقدمتها مصر أرفعَ المناصب.
وقال الطيب إن العبرة ليست بالجنس، بل بالكفاءة والقدرة على العطاء والأداء فى حدود مبادئ الشريعة الإسلامية وروحها.
موضوعات متعلقة
مصادر: حركة المحافظين خلال أيام.. وخالد فودة مرشحًا لتولى القاهرة
بعد تزايد فرص تعيين المرأة محافظا.. التاريخ يثبت تمكين النساء فى الإسلام.. عمر بن الخطاب يعين الشفاء بنت عبد الله وزيرة للمالية.. و"قهرمانة" أول قاضية..والطيب:لا نص شرعى يمنع توليها المناصب القيادية
السبت، 02 أغسطس 2014 08:41 م
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة