التوريث فى الجامعات لصالح الأبناء وأصحاب النفوذ، أما الفقراء المجتهدين فليس لهم إلا الله، والجلوس فى منازلهم انتظاراً للفرج والمنة.. مسلسل طويل تدار حلقاته فى الخفاء، أعادته مؤخراً قضية الطالبة ألفت صالح عبد العزيز خريجة كلية الآداب جامعة كفر الشيخ، التى رفضت إدارة الكلية تعيينها، عام 2012، انتظاراً لتخرج ابنة عميد الكلية الدكتور سيد أبو حطب، فى 2013 التى صدر مؤخراً قرار بتعيينها، بعد احتجاز الدرجات المالية من أجلها، والثابت أن أكبر وقائع الفساد والتوريث فى الجامعات تتم بالقانون، حيث يستغل أصحاب القلوب المريضة السلطة وثغرات بعض القرارات والقوانين لصالح أبنائهم وأصحاب النفوذ وأبناء أصدقائهم من أعضاء التدريس، نوضع هنا الثغرات التى يتم من خلالها التلاعب لصالح المستفيدين:
الثغرة الأولى: قانون تنظيم الجامعات يعطى مجلس القسم الصلاحية المطلقة، ورغم أهمية أن تكون للقسم سلطته التامة فى تلبية احتياجاته، إلا أنه بعضهم حولوها إلى "تكية" خاصة بهم يكافئون من يهتمون لأمره من أعضاء التدريس بالقسم أو الكلية، فيرفض مثلا مجلس القسم تعيين أحد هذا العام انتظارا للعام المقبل لتعيين أحد أبناء أعضاء التدريس.
الثغرة الثانية: ثغرة الضمير
كان من الممكن أن يكون منح مجلس القسم أحقية تحديد احتياجته سنويا، نقطة قوة كبيرة، إذا كانت الضمائر نقية، غير أنه فى الأمور والقوانين التى تتعلق بمصالح العباد لا يجب الاعتماد على "الضمائر" التى إذا كانت "خربة" ستنحاز إلى الباطل، فيكفى أن تعلم أن كلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان تضم أكثر من 12 من أبناء أعضاء هيئة التدريس، وكلية العلوم جامعة بنها تضم ما يزيد على 14 من أبناء أعضاء التدريس، وكلية التجارة جامعة قناة السويس تضم نحو 10 من أعضاء التدريس، وكلية الطب جامعة القاهرة بها العشرات من أبناء الأساتذة.
الثغرة الثالثة: مجلس الكلية
يطلب مجلس القسم تعيين اثنين من الخريجين لحاجته الماسة لذلك، غير أن مجلس الكلية يرفض القرار، لأسباب تتعلق برغبته فى تعيين أحد الطلاب، ابن أحد أعضاء التدريس، فى قسم آخر، رغم أن ترتيبه -مثلا- الثالث على الدفعة، فيقرر مجلس الكلية تعيين 3 معيدين فى هذا القسم رغم عدم الاحتياج، وتعيين معيد واحد فقط فى القسم الذى طلب تعيين معيدين.. وقائع مكررة تراها فى معظم الكليات.
حيث شهدت جامعة سوهاج العام الماضى محاولة تعيين ابن الدكتور عبد المتين موسى رئيس الجامعة الأسبق بقرار من مجلس الكلية، غير أن مجلس قسم الجراحة بالكلية، هاجم القرار وأكد عدم اعتداده به ليتم التراجع بعد تحول الأمر إلى قضية رأى عام.
الثغرة الرابعة: سيطرة عميد الكلية على مجالس الأقسام
فرغم أن القانون يعطى لمجلس الكلية صلاحيات فوق سلطة العميد، إلا أن -خاصة فى الجامعات الإقليمية- تكون لعميد الكلية السيطرة التامة، فيكون قراره فوق سلطة مجلس الكلية، أو بمعنى أدق يفرض رأيه على أعضائه، فتكون قراراته هى النافذة –بموافقة مجلس الكلية- ولنا فى واقعة الطالبة ألفت صالح عبد العزيز مثال على ذلك، حيث ضغط عميد الكلية لتأجيل تعيين معيدين بالأقسام المحتاجة لحين تخرج ابنته، رافضا قرار مجلس القسم، وبالفعل تحقق له ما أراد.
الثغرة الخامسة: عدم توفر درجات مالية
أحياناً توجه الجامعة بعض الدرجات لصالح كلية ما رغم عدم احتياجها، أو تقرر سحب بعض الدرجات من إحدى الكليات، رغم احتياجها، وتلعب الواسطة هنا دورا كبيرا داخل مجلس الجامعة، لأن ابن المسئول ربما يكون فى هذه الكلية التى لا.
الثغرة السادسة: ثغرة المحافظة على أعداد قليلة
كليتا الحقوق والتجارة، يرفض معظم أعضاء التدريس بهما تعيين معيدين، لأسباب مادية واجتماعية.
الثغرة السابعة: ثغرة إرضاء بعض أصحاب النفوذ
أصحاب النفوذ يعرفون كيف يختارون من يؤثر على مجلس القسم وعميد الكلية ومجلس الكلية، مثال ذلك "أبناء شخصيات بارزة خلال التسعينيات والثمانيات".
الثغرة الثامنة: ثغرة الكليات الجديدة
تتيح بسهولة لعميد الكلية ورئيس القسم تفصيل الدرجات والتخصصات، وهو ما شهدته مؤخرا كلية الإعلام جامعة بنى سويف عندما حاول عميد الكلية تعيين زوج ابنته عقب الإعلان عن بعض الوظائف غير أن الدكتور عصمت نصار عميد كلية الآداب رئيس لجنة الفحص كان سببا أساسيا فى كشف التلاعب، مما دفع الجامعة لاتخاذ قرار بوقف تعيين المعيدين.
كيف ننهى أزمة تعيين المعيدين؟
يعرف جميع صانعى القرار فى الدولة بالأزمة، ويعرفون حلولها، غير أن ثغرات القانون ربما تكون مناسبة للبعض أن تظل موجودة فى ظل غياب المحاسبة للمخطئين.. هل يلتفت المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء إلى أزمة التوريث بالجامعات، هل يعالج الخلل؟ أم أن الطالبة ألفت وأمثالها من المتفوقين مكتوب عليهم أن يموتوا دون أن يحصلوا على حقوقهم فى ذلك الوطن.
عن حلول هذه الأزمة، يشير الدكتور محمود علم الدين وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا والبحوث إلى أن مشكلة تعيين المعيدين ستظل مشكلة مزمنة تعالج بشكل عفوى يفتقد للموضوعية والعدالة والإنصاف، وتحاول الاستجابة للضغوط الإنسانية والاجتماعية لأنه لا يوجد معيار لها إلا ما يقره مجلس القسم من حيث العدد المطلوب من المعيدين والتخصصات.
ويرى علم الدين، أن القضاء على تلك المشكلة ينبغى أن يتم فى ظل مبادئ معلنة وشفافة يعلمها الجميع ويحاسب عليها مجلس القسم ومجلس الكلية، وهى من مبادئ إدارة الجودة فى العملية التعليمية، من خلال ضرورة وجود خطة إستراتيجية للقسم العلمى.
ويوضح قائلا "لابد أن يكون لكل قسم علمى خطة إستراتيجية طويلة المدى، ومتوسطة، وقصيرة المدى تحدد مثلا خلال فترة خمس سنوات رؤية القسم ورسالته وأهدافه الإستراتيجية وبرامجه التنفيذية فى مجالات عديدة من بينها المقررات الدراسية فى مرحلتى البكالوريوس والدراسات العليا، والبحث العلمى، وتقنيات التعليم، والاحتياجات من العنصر البشرى –المعيدون هنا- من حيث التخصصات والأعداد وأساليب تأهيلهم بالداخل والخارج ويرتبط بذلك موضوعات الرسائل والبحوث والبعثات العلمية إلى الخارج فضلا عن المهام المكلف بها المعيدين والمدرسين المساعدين، أساليب المتابعة وتقييم الأداء.
ويشدد على ضرورة أن تعلن هذه الخطة فى إطار من الشفافية، بحيث لا يتم تحديد الأعداد كل عام بناء على معايير قد لا تكون موضوعية وتفتح الباب أمام القيل والقال والشك والاتهام، ولا تترك للنوايا الطيبة، وبحيث يعرف الطلاب أنفسهم وهم فى السنة النهائية احتياجات قسمهم العلمى.
ويضيف الدكتور محمود علم الدين أن تطبيق ذلك الأسلوب من شأنه أن يصحح الخلل الواضح فى هياكل الأقسام العلمية التى نجد بعضها فى حالة تضخم من أسفل من خلال تعيين عدد كبير من المعيدين لا يتناسب مع الاحتياجات ومع أعداد الأساتذة والأساتذة المساعدين والمدرسين، أو نجد العكس تضخم من أعلى وعدد قليل فى قمة هرم القسم العلمى، ومن هنا تبدو ضرورة أن تقوم مجالس الجامعات بإلزام كل قسم علمى بإعداد تلك الخطط والتى تحدد فى داخلها احتياجاتها من المعيدين فى كل تخصص سنويا.
ومن جانبه، أشار الدكتور أشرف حاتم أمين المجلس الأعلى للجامعات إلى أنه يجب أن يتم تعديل القانون بحيث، توضع ضوابط تتيح مراجعة الإنتاج العلمى للمعيد والمدرس المساعد والمدرس والأستاذ المساعد والأستاذ بعد 5 سنوات من تواجده، بحيث يتم إنهاء التعاقد من عدمه، وقال "هذه الآلية هى المتبعة فى جميع جامعات العالم حاليا، وتضمن تطوير أعضاء التدريس لقدراتهم، بالإضافة لمراجعة سنوية لما قدم وما أضاف فى عمله".
ويشير أيضا إلى ضرورة أن تكون هناك خطة إستراتيجية ملزمة لا تسمح لعميد الكلية أو مجلس القسم أو مجلس الكلية بالتلاعب.
محمد البديوى يكتب: قضية "ألفت" تفتح ملف "التوريث" المسكوت عنه فى الجامعات..عميد آداب كفر الشيخ يحتجز 3 درجات مالية عامين انتظاراً لتخرج ابنته.. 10 ثغرات تفتح باب الواسطة يحتاج تدخلا فوريا من "الحكومة"
السبت، 05 يوليو 2014 09:08 ص
جامعة كفر الشيخ
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
dr shaheen
التوريث ليس فى الجامعات فقط
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
نداء الي السيد رئيس الوزراء
عدد الردود 0
بواسطة:
د. محمد المنصوري
الكوسة يالقانون
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد التواب النمساوى
صح النوم يا بلد
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmedbassyoni
لو استمر الوضع هكذا
عدد الردود 0
بواسطة:
من الاخر
السيد رئيس الجمهورية : ان كنت صادق بوعدك للشعب ...فالشعب كلة يتحرق للعدل فلا تتردد
او اعيدوا صاحب الضربة الجوية ....خلاصة حقة !
عدد الردود 0
بواسطة:
أبن البـــلد
فوازير ومضان : ماهى أول مؤسسه أبتدعت نظام التوريث فى الوظائف ؟؟
رمضان كريم
عدد الردود 0
بواسطة:
سهير
الثغرة التاسعة
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل
الضمير
عدد الردود 0
بواسطة:
sun
الخطة الخمسية بالكليات هى من الأسرار التى يعتم عليها عن الطلاب بشكل يغلب السر العسكرى