أكد وزير الدولة الإماراتى الدكتور سلطان أحمد الجابر، أن دولة الإمارات العربية المتحدة لم ولن تتردد فى الوقوف بجانب الشعب المصرى ولن تدخر جهدا فى سبيل أن تخرج مصر من المرحلة الانتقالية التى تمر بها أقوى مما كانت عليه من قبل.
وقال سلطان الجابر - فى حوار مع صحيفة (الخليج) الإماراتية نشرته اليوم الاثنين - إن "الإمارات ستستمر بدعم خيارات الشعب المصرى والوقوف بجانبه من أجل تحقيق تطلعاته المشروعة فى تعزيز الاستقرار الأمنى والسياسى والاقتصادى والاجتماعى والتركيز على بناء المستقبل".
وأضاف أن "العلاقات التاريخية الوثيقة بين الشعبين الإماراتى والمصرى قوية وراسخة منذ أن أرساها الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهى مستمرة بالنمو والتطور فى ظل قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة".
وحول المبادرات الجديدة التى ترغب الإمارات بطرحها فى مصر ضمن مشروع المساعدات القائم، قال سلطان الجابر "نحن حاليا فى طور تنفيذ المشاريع الأساسية التى تهدف لخدمة الشعب المصرى فى مختلف القطاعات، بما فيها الإسكان والتعليم والرعاية الصحية وأمن الغذاء والطاقة والبنية التحتية، حيث ينصب التركيز على أن يتم الإنجاز بأقصى سرعة وأعلى كفاءة لتحقيق فائدة مباشرة وسريعة للمواطن المصرى وذلك بموجب توجيهات القيادة الرشيدة".
وأضاف "وبعد الانتهاء من حزمة المشاريع التى نعمل عليها حاليا، من المؤكد أن التعاون سيستمر ويتطور لأن الإمارات لم ولن تتردد فى الوقوف بجانب الشعب المصرى بغض النظر عن الوقت أو الظرف الذى يمر فيه، وهذا موقف تاريخى واستراتيجى أرساه الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ونستمر بالسير على هذا النهج فى ظل القيادة الحكيمة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان".
وتابع "لعل المبادرة الأخيرة المتعلقة بإطلاق برنامج لتدريب 100 ألف من الكوادر المصرية الشابة من أجل تشغيلهم تقدم مثالا على المبادرات النوعية التى تهدف لتحقيق الفائدة المباشرة للمجتمع والاقتصاد".
وقال إنه "انطلاقا من تركيز الإمارات على تقديم حلول فعلية تتصدى للتحديات من جذورها، فإننا نعمل مع الأشقاء فى مصر على مبادرة مستقبلية جديدة تهدف إلى إعداد خطة متكاملة لإنعاش الاقتصاد المصرى ووضعه على مسار النمو المستدام".
وردا على سؤال حول ملامح هذه الخطة وعلى ماذا سيكون تركيزها، خاصة وأن التحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى تكاد تكون شبه مستحيلة، قال وزيرة الدولة الإماراتى "نحن تعلمنا من قيادتنا أنه لا وجود لكلمة مستحيل فى قاموسنا، إذ تتميز جهود أبناء الإمارات دوما بالطاقة الإيجابية البناءة والعمل الدؤوب الذى يحقق نتائج مجدية، وهذا لا يعنى تجاهل التحديات، وإنما يعنى مواجهتها ودراستها وتحليلها، وتحديد الحلول الكفيلة بالتصدى لها، والعمل على تنفيذ هذه الحلول بأقصى سرعة وأعلى كفاءة".
وأضاف أنه "بناء على توجيهات القيادة، تحرص الإمارات على تقديم حلول فعلية ودائمة يستفيد منها المجتمع المصرى لسنوات طويلة.. وتماشيا مع هذه الرؤية، بدأنا منذ عدة شهور وبالتعاون مع الجانب المصرى بالعمل على إعداد خطة لإنعاش الاقتصاد، حيث تجرى دراسة الوضع الحالى ويتم تقييم التحديات والفرص واستكشاف أفضل السبل لإعادة الاقتصاد المصرى إلى حالة الاستقرار ووضعه على مسار النمو المستدام".
وأوضح أن المبادئ العامة لهذه الخطة تقوم على عدة إجراءات تهدف إلى تحقيق الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلى، وزيادة الإيرادات الحكومية، وإعادة الثقة فى الاقتصاد المصرى.. وبموازاة ذلك، تجرى دراسة تطوير الأنظمة والتشريعات والقوانين لتعزيز قدرة الاقتصاد على جذب الاستثمارات وضخها فى القطاعات التى تسهم فى تعزيز النمو وخلق فرص العمل وزيادة الناتج المحلى الإجمالى الفعلى من أجل ضمان تحقيق الأهداف المنشودة.
وأشار سلطان الجابر - فى حواره مع صحيفة ( الخليج) - إلى أنه منذ البداية، كان التركيز على أن يكون المواطن المصرى فى صلب اهتمام هذه الخطة من خلال التركيز على خلق فرص العمل والتصدى للتحديات التى تؤثر على جوانب الحياة اليومية مثل أمن الطاقة والغذاء والإسكان، ليكون جنى الثمار سريعا خاصة بالنسبة للمواطن البسيط.
وأضاف "ولحين اكتمال الخطة واعتمادها وتطبيقها، فإننا نشجع الشركات الإماراتية والعربية والأجنبية على الاستثمار فى السوق المصرية التى تمتلك الكثير من الفرص المجدية والقادرة على تحقيق الفائدة لكل من الاقتصاد المصرى وللمستثمر".
وحول موقف الإمارات من انتخابات الرئاسة وهل هناك مرشح مفضل.. قال الدكتور سلطان الجابر إن "موقف الإمارات واضح ومعلن وهو دعم تطبيق خريطة طريق المستقبل التى تعتبر الانتخابات الرئاسية من أهم خطواتها، وستستمر الإمارات بدعم خيارات الشعب المصرى والوقوف بجانبه من أجل تحقيق تطلعاته المشروعة فى تعزيز الاستقرار الأمنى والسياسى والاقتصادى والاجتماعى والتركيز على بناء المستقبل".
وأشار إلى اقتراع المصريين المقيمين فى الخارج.. حيث كانت نسبة المشاركة كثيفة وتعتبر مؤشرا إيجابيا، ووجه تحية للشعب المصري.. مشيدا بوعيه وحرصه على المشاركة فى بناء مستقبل مصر.
وأكد أن موقف الإمارات العربية المتحدة سيبقى دوما إلى جانب خيارات الشعب المصرى الشقيق وتطلعاته بالعيش فى سلام واستقرار والعمل على مواصلة وتفعيل الدور المهم لمصر عربيا وعالميا.
وردا على سؤال حول نسب إنجاز المشاريع الجارى العمل بها فى مصر.. قال سلطان الجابر إنه "تم مؤخرا افتتاح خط إنتاج أمصال الأنسولين ضمن مشروع تأهيل خطوط إنتاج اللقاحات والأمصال، وكل يوم يمر يحمل معه تقدما جديدا فى التنفيذ، وتختلف نسب الإنجاز من مشروع لآخر ومن موقع لآخر، ففى منطقة السادس من أكتوبر التى تشهد بناء 13 ألف وحدة سكنية، فاقت نسبة الإنجاز 80%، مع العلم أن العمل فى هذا المشروع بدأ فى أكتوبر 2013".
وأضاف أن "نسبة الإنجاز فى مشروع بناء الـ100 مدرسة والموزعة على 18 محافظة من المحافظات المصرية تزيد على 40%، مع العلم بأن العمل فيه بدأ فى مطلع نوفمبر 2013، ويستمر العمل على قدم وساق لإنجاز المدارس بحيث تكون جاهزة مع بدء العام الدراسى الجديد".
ولفت إلى أن فى مشروع تطوير البنية التحتية للصرف الصحى فى 151 قرية مصرية والذى بدأ العمل فيه فى ديسمبر2013، تزيد نسبة الإنجاز على 30%، ويستمر العمل فى جميع المشاريع، بما فيها تشييد 78 عيادة صحية فى 23 محافظة من المحافظات المصرية حيث وصلت نسبة الإنجاز إلى نحو 65%، وتزيد نسبة الإنجاز على 30% فى مشروع بناء 4 جسور وتطوير 41 مزلقانا للسكك الحديدية.
وأوضح أن هناك العديد من المشاريع الأخرى التى هى فى طور ترسية العقود، حيث تم بالفعل ترسية عقود تركيب أنظمة منزلية للطاقة الشمسية ومحطات شمسية لتزويد المناطق الريفية غير المتصلة بالشبكة بخدمات الكهرباء، وتمت ترسية عقود إنشاء صومعتين فى منطقتى العامرية ودمياط، ومن المتوقع أن يتم قريبا ترسية عقود إنشاء المزيد من الصوامع التى تمول إنشاءها دولة الإمارات لتصل السعة التخزينية إلى مليون ونصف مليون طن من القمح والحبوب.
وعما يتردد عن إطلاق اسم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات على أحد الميادين فى مصر، قال سلطان الجابر "لقد صرح محافظ الأقصر بأنه تم إطلاق اسم الشيخ خليفه بن زايد آل نهيان على أحد الميادين الرئيسية محافظة الأقصر، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على التقدير الكبير الذى يكنه أبناء الشعب المصرى للإمارات ولرئيسها وللدور الذى تقوم به الإمارات فى تحقيق الاستقرار الإنماء وفى مصر".
وحول مشاكل فى عملية التنفيذ مع الجانب المصري، قال أن "الزملاء فى الحكومة المصرية يبذلون جهودا طيبة ويظهرون أقصى درجات التعاون معنا لإنجاز المشاريع فى مواقيتها المحددة، وقد لمسنا من خلال التعامل معهم أن لديهم رؤية واضحة للتحديات وكيفية التعامل معها.. ومن خلال الزيارات الميدانية، وجدنا أن هناك رغبة قوية من قبل العمال والمقاولين لإنجاز المشاريع بأقصى سرعة ممكنة لأنهم يدركون فائدتها وأهميتها لهم وللمجتمع، وهذا يؤكد صوابية اختيار المشاريع وأماكن تنفيذها لتحقيق أكبر أثر إيجابى ممكن على المواطن المصرى".
وحول المحافظات المصرية التى وصلتها مبادرات الإمارات، قال سلطان الجابر إن "غالبية المحافظات المصرية سوف تستفيد من المشاريع الإماراتية، وبعض تلك المحافظات ستستفيد من أكثر من مشروع مثل محافظة القاهرة التى ستستفيد من مشاريع الإسكان والمدارس والصوامع، ومحافظة الدقهلية التى ستستفيد من كل ما سبق من مشاريع، فضلا عن مشروع إنشاء الوحدات الصحية، ومحافظة مطروح ستستفيد فى 5 مواقع من مشروع استخدام الطاقة المتجددة، وهكذا وبالإجمال، فإن هناك ما يزيد على 8 ملايين مواطن مصرى سوف يستفيدون من المشاريع الإماراتية بصورة مباشرة".
وأضاف أن "الطريقة التى تتم من خلالها رصد احتياجات المناطق والمحافظات والسكان يتم بالتشاور مع الحكومة المصرية لتحديد المناطق والمحافظات فى ضوء البيانات والمعلومات المتوفرة لديهم عن احتياجات وتطلعات الشعب المصرى، ونحن نتعاون معا من أجل التركيز على المناطق والمحافظات الأكثر احتياجا، وعلى المشاريع ذات المردودات السريعة اقتصاديا واجتماعيا والتى سوف يشعر المستفيدون منها أن ثمة تغييرا ما للأفضل قد طرأ على حياتهم بعد ما شهدته البلاد من ظروف صعبة".
وحول عدد الطاقم الذى يعمل فى الإشراف على هذه المبادرات.. قال إن "الفريق الإماراتى يتكون من عدد من الكوادر المؤهلة علميا والتى تمتلك خبرة عملية ممتازة فى إدارة المشاريع، ويضعون نصب أعينهم التنفيذ وفق أفضل المعايير بما يحقق الأهداف المنشودة، وهناك عدد من أعضاء الفريق يقيمون فى القاهرة بشكل دائم، وهناك كوادر تزور مصر عند الضرورة لمتابعة مشاريع معينة بحسب التخصص.. وفى العموم، لا يزيد العدد الإجمالى للفريق على بضع عشرات من الكوادر الإماراتية الذين يعملون بجد وإخلاص لإنجاز المهمة على أحسن وجه".
وأضاف أن "دعمنا لمصر بهذه الطريقة يأتى لأهمية مصر والظروف الخاصة التى تمر بها وعمق العلاقات التاريخية التى تربطنا معها ووفى ضوء دورها المحورى ودقة المرحلة الانتقالية التى تجتازها، اتخذت قيادتنا الرشيدة قرارا بتقديم الدعم فى جميع المجالات لتحقيق أثر ملموس على المجتمع المصرى".
وتابع أنه "بحسب هذه التوجيهات، وسعيا لتحقيق النتائج المرجوة، قمنا بتأسيس نموذج جديد وفريد من نوعه لا يقتصر على تقديم الدعم المالي، بل يشمل العمل يدا بيد لتنفيذ مشاريع إنمائية تحقق فائدة مستديمة من خلال وجود فعلى وعملى على أرض الواقع لمتابعة سير الأعمال، وما يميز هذه المساعدات هو أنها ليست آنية يزول مفعولها بمجرد استخدامها، ولكن أثرها يستمر ليقدم الطاقة الإيجابية المتجددة التى تعرف بها الإمارات".
وأكد أن حزمة المساعدات التى تقدمها دولة الإمارات لجمهورية مصر العربية تعد مثالا واضحا على هذا النموذج الجديد الذى يهدف إلى تقديم فوائد مباشرة للمجتمع فى مجالات خدمية حيوية مثل الطاقة والتعليم والصحة والإسكان ومشروعات الأمن الغذائى وتطوير الكوادر البشرية وغيرها، والتى تسهم جميعها فى تنمية الاقتصاد.