استنكر الشيخ ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية تكفير الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق مؤسس السلفية المعاصرة فى مصر لــ"نادر بكار" مساعد رئيس حزب النور لشئون الإعلام.
وقال فى بيان له على موقع "أنا السلفى": "سمعتُ المقطعين ووجدتُ نادرا قد أخطأ فى دمج حديثين صحيحين، وهو وهمٌ يمكن أن يقع مِن أى إنسان، والحديث الأول هو حديث ماعز -رضى الله عنه-، وفى طرقه عند أحمد وغيره أنه زنى بجارية هزَّال "فأخطأ نادر وقال: بامرأته"، فأقنعه هزَّال بأن يأتى النبى -صلى الله عليه وسلم- فيعترف على نفسه بالزنا ليجد له الرسول -صلى الله عليه وسلم- مخرجًا، فأتى ماعز النبى -صلى الله عليه وسلم- واعترف على نفسه بالزنا صراحة أربع مرات، فأمر النبى -صلى الله عليه وسلم- برجمه، وقال لهزَّال: (يَا هَزَّالُ، لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ، كَانَ خَيْرًا لَكَ)، ووفى رواية أن هزال خدعه فى ذلك، فعن نعيم بن هزَّال أَنَّ هَزَّالاً كَانَ اسْتَأْجَرَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ، وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا: فَاطِمَةُ، قَدْ أُمْلِكَتْ، وَكَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لَهُمْ، وَإِنَّ مَاعِزًا وَقَعَ عَلَيْهَا، فَأَخْبَرَ هَزَّالاً فَخَدَعَهُ، فَقَالَ انْطَلِقْ إلى النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبِرْهُ عَسَى أَنْ يَنْزِلَ فِيكَ قُرْآنٌ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرُجِمَ، فَلَمَّا عَضَّتْهُ مَسُّ الْحِجَارَةِ، انْطَلَقَ يَسْعَى، فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ بِلَحْى جَزُورٍ، أَوْ سَاقِ بَعِيرٍ، فَضَرَبَهُ بِهِ، فَصَرَعَهُ، فَقَالَ النَّبِى "وَيْلَكَ يَا هَزَّالُ، لَوْ كُنْتَ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ، كَانَ خَيْرًا لَكَ".
وأضاف فى بيانه أن هذا هو الذى استدل به نادر على أن الستر أحب إلى الله -تعالى-، وهكذا بوَّب العلماء لهذا الحديث باستحباب الستر "خاصة مع رجاء التوبة"؛ وليس فى هذا تبرير للزنا كما زعم الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، وليس فيه قطعًا دياثة كما زعم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذى رغَّب فى الستر، ولا يُتصور عاقل أن هذا أمر بالستر بالثوب أثناء الزنا ولم يقله نادر؛ ولا ينسبه إلى هذا القول إلا حاقد قد مُلِئ صدره بالغل، أو جاهل لا يدرى حقيقة الكلام.
وتابع: الحديث الثانى هو حديث العسيف -الأجير- الذى زنا بامرأة مؤجرة؛ فاختصم أبوه وزوج المرأة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال النبى -صلى الله عليه وسلم "عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إلى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا"، قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهَا، فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرُجِمَتْ، وهذا الخلط بيْن الجارية والزوجة هو الذى أخطأ فيه "نادر" بإدخال هذا الحديث فى الأول.
وأوضح أن الفرق بيْن الجارية والمرأة فى أمر الفاحشة والدياثة غير مؤثر، بل إقرار الفحش فى الزوجة أو الجارية والرضا به دياثة فى الحالتين، ومحال أن يكون الأمر بالستر أمرًا بالدياثة كما زعم الشيخ عبد الرحمن وهذا لازمه أنه هو الذى يتهم النبى بذلك؛ لأن الحديث صحيح، وحاش النبى أن يكون كذلك.
واستطرد : لكن مِن أين أن قوله لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ، كَانَ خَيْرًا لَكَ اتهام بالدياثة إلا فى الفهم السقيم، ونادر لم يزد على ذلك إلا أنه أخطأ فى الخلط بيْن الزوجة والجارية، وهو كما ذكرنا فرق غير مؤثر فى موضوع القصة، ثم الزعم بأن هذا الذى قاله "نادر" سب للنبى -صلى الله عليه وسلم- يستوجب الردة وإقامة الحد، وأن التوبة لا تسقِط حد القتل، وحث الناس على عدم السكوت على هذا السب.
وتابع: هلا دعا إذن إلى قتل جميع مَن يذكر هذا الحديث ويرويه كما رواه أهل السنن والمسانيد، وتكفيرهم، فهل يقول ذلك عالم "أو حتى عاقل" وهو لازم قول الشيخ -هداه الله- والخطر عظيم مِن أمر التكفير بالظن والتخمين والوهم؛ قال النبى -صلى الله عليه وسلم "أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا" وقال: "لَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِه"، ومَن سمع كلام الرجلين جزم بأنه تكفير بالوهم والظن الذى لا يغنى مِن الحق شيئًا، وقـَبْل نزول آية اللعان كان يلزم مَن رأى زوجته فى حالة الزنا أن يأتى بأربعة شهداء أو يسكت، حتى جعل الله له مخرجًا بآية اللعان، وليس فى السكوت مع عدم إمساك المرأة -وفى حالة الجارية أن يبيعها- دياثة، فإن الشرع لا يأمر بالدياثة أبدًا "ولو قـَبْل نزول آية اللعان، وإذا رأى رجلٌ رجلاً وامرأة يزنيان؛ فلا يجوز له فضحهما "ولو بالصور" حتى يأتى معه بثلاثة آخرين يشهدون معه حتى يصبحوا أربعة شهود عدول؛ وإلا للزم السكوت "وليس فى هذا دياثة ولا غيرها -كما سبق بيانه-"؛ كل هذا لأن الشرع يحب الستر، وعدم إشاعة الفاحشة فى المؤمنين.