قال الكاتب والخبير السياسى البارز طارق عثمان، إن اعتقاد البعض بأن ترشح وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسى للرئاسة، يعنى عودة مصر إلى تركيز السلطة التى خنقتها طيلة ستة عقود، تصور خاطئ.
وأشار المستشار السياسى للبنك الأوروبى للتعمير والتنمية، وصاحب كتاب "مصر على حافة الهاوية"، فى مقاله بصحيفة الفايننشيال تايمز، الاثنين، إن مصر وسياستها الاجتماعية يسحبونها فى اتجاهين مختلفين، مضيفا أن البلاد باتت أكثر عندا وجرأة، بل وريادة أكثر من أى وقت مضى.
ويوضح عثمان، أن من يتصور أن مصر تعود إلى المركزية فهو خاطئ وذلك لثلاثة أسباب: أولا أن نتيجة للإصلاحات الاقتصادية التى أجريت فى العقدين الماضيين فإن القطاع الخاص توسع، بحيث أصبح أكبر مصدر لرأس المال الاستثمارى، ومن ثم فإن أقلية كبيرة من المصريين الآن هم من الطبقة الوسطى المهنية المتحضرة، بالإضافة إلى الرهانات الاقتصادية فإنهم يعملون على تحقيق التطلعات وتشكيل المستقبل.
ثانيا، ما يتعلق بالتحديات الاجتماعية الاقتصادية التى تواجه البلاد، فقد أصبحت مصر واحدة من أكبر مستوردى العالم للأغذية، هذا فيما أن استمرار دعم الطاقة لم يعد قابلا للاستدامة وهناك مشكلة بطالة حادة بين الشباب، لكن حقيقة حاجتها الماسة لتطوير بنيتها التحتية والإسكان وقادة للصناعات التحويلية يعنى أن هناك طلبا كبيرا على الوظائف، لذا فإن القوى الحاكمة ستضطر لتقديم حوافز للقطاع الخاص المحلى والدولى لتوسيع رأس المال وهذا بدوره سيؤدى إلى ظهور هيكل السلطة متعدد الأقطاب.
ثالثا، ما يتعلق بديمغرافية الشعب المصرى الذى يتكون من 85 مليون نسمة، بينهم 45 مليون تحت سن الـ 35 عاما وثلث هذه الفئة فى سن المراهقة، كما أن المصريين باتوا أكثر تواصلا مع العالم الخارجى، وأكثر عندا وجرأة تجاريا واجتماعيا، ويقول الكاتب أنه لا يمكن لسلطة مركزية السيطرة على مثل هذا المجتمع بعد، فهذه العوامل السابقة تضعف المركزية لا محالة، ومع ذلك يضع الكاتب سيناريو آخر، فيمكن لقوى الدولة أن تركز على نحو متزايد تجاه الحرب ضد الإسلام السياسى والجهادية، مما يقود إلى اشتداد الإجراءات الأمنية وضعف سيادة القانون، وبذلك يتراجع رأس المال الاستثمارى وتبقى مطالب الاقتصاد الاجتماعى دون تلبية، ما من شأنه أن يؤجج الاضطرابات الاجتماعية، فى الوقت الذى يترسخ فيه الاستقطاب وتشعر الجماعات الاجتماعية بالتهميش أو التهديد.
وفى هذا السيناريو، فإن الشعبية الهائلة التى تتمتع بها سلطات الجمهورية الأولى ستتبخر سريعا، ويلجأ الكثيرون مرة أخرى للاحتجاجات الواسعة، لتعود مصر مرة أخرى على حافة الهاوية.