انفتاح إيران اقتصاديًا عبر اتفاقها النووى مع الغرب سيواجه صعوبات

الإثنين، 20 يناير 2014 10:20 ص
انفتاح إيران اقتصاديًا عبر اتفاقها النووى مع الغرب سيواجه صعوبات الرئيس الإيرانى
الأناضول

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم ينس الشعب الإيرانى "المؤامرة الأمريكية" فى عام 1954، عبر تدبير الإطاحة برئيس الوزراء محمد مصدق، الذى أمم شركات النفط لصالح الشعب الإيرانى، وأراد استقلال القرار الإيرانى بشأن النفط، وأن تعود خيرات هذه السلع الاستراتيجية على الشعب الإيرانى.

ولذلك، تحسبت الثورة الإيرانية منذ عام 1979 وحتى نهاية حكم الرئيس السابق أحمدى نجاد، فى العام الماضى 2013، من التعامل بشكل كبير، تجاه الاستثمارات الأجنبية المباشرة، أو وجود شركات أجنبية تعمل داخل البلاد تحت أى مسمى، مخافة تهديد استقلال البلاد وأمنها القومى.

وعوّلت إيران، كثيرًا، على الاعتماد على الذات، إلا أن الأحداث السياسية المتوالية، أرهقت إيران وجعلتها تعتمد بشكل كبير على الموارد النفطية.

وأثرت العقوبات الاقتصادية، بشكل كبير على تطوير حقول النفط والغاز الإيرانية، بسبب غياب الشركات الغربية والأمريكية التى تمتلك تكنولوجيات متقدمة فى صناعة استخراج النفط والغاز الطبيعى.

إلا أن الاتفاق الذى أعلن عنه خلال الأسابيع الماضية، بين الغرب وإيران، بشأن برنامجها النووى، يطرح العديد من الأسئلة، حول توجه إيران المتعلق باستقلالها الاقتصادى، وبخاصة أنه يتوقع أن تشهد العلاقات الاقتصادية لإيران مع العالم الخارجى، انفراجة تسمح برفع جزئى أو كلى للعقوبات الاقتصادية.

ويمكّن الاتفاق المؤقت بين إيران والغرب، طهران من الحصول على عائدات بمليارات الدولار، من بيع كميات محدودة من النفط، والبتروكيماويات، والتجارة فى الذهب والمعادن النفيسة الأخرى، إضافة إلى تعليق بعض العقوبات على قطاع السيارات، مقابل وقف إيران تخصيب اليورانيوم بنسب عالية لستة أشهر هى مدة الاتفاق.

فهل ستستمر إيران، فى ممارسة الإجراءات المتشددة، بشأن الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتى كانت القوانين الإيرانية تقيدها بنسبة ملكية للأجانب لا تتجاوز 49%، كما أن أية عقود تزيد قيمتها على مبالغ معينة، يتم عرضها على البرلمان أولًا.

التاريخ يعلمنا أن الغرب وأمريكا لا يمرران أية اتفاقيات سياسية أو اقتصادية بدون مقابل، وعادة ما يكون المقابل تسهيلات اقتصادية لتلك الدول أو شركاتها، وبخاصة أن الشركات الأمريكية والغربية شعرت أنه فى ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، أعطت الفرصة للشركات الصينية والماليزية والروسية لتتفرد بعقود النفط والغاز فى إيران.

كما أن الغرب وأمريكا، يعيا أن إيران بحاجة إلى فك هذه العقوبات، ولكن هذا الأمر لن يكون بلا ثمن، وإن كان المرشد الأعلى للثورة "على خامنئى" قد صرح منذ أيام بـأن "على المسئولين فى البلاد أن يعتمدوا على الامكانيات الداخلية وألا يعوّلوا كثيراً على الخارج، رغم أن التعامل مع الخارج أمر لا بد منه".

وأكد خامنئى أن "الأعداء يتصورون أن الحظر المفروض ضد إيران كان السبب الرئيس الذى دفع إيران إلى القبول بالمفاوضات، وهذا غير صحيح، لأن إيران سبق أن أعلنت أنها تتفاوض مع هذا الشيطان (أمريكا) حينما تقتضى الظروف وفقط من أجل دفع الشر".

تعديلات منتظرة
لازلنا فى انتظار ما ستسفر عنه مباحثات جنيف بين إيران والغرب، ولكن فى إطار احتمال نجاح هذه المباحثات، ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، فإننا ننتظر تحول فى السياسة الاقتصادية لإيران تجاه الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وبخاصة أن منح أية امتيازات أجنبية فى المجال الاقتصادى، محكوم بنص المادة 81 من الدستور الإيرانى، الذى وضع عام 1979، وتنص على "منح امتيازات للأجانب من أجل تكوين الشركات أو المؤسسات التى تتعامل فى التجارة، والصناعة، والزراعة، والمناجم والخدمات، أمر محظور كلية".

ومن هنا فستجد الاستثمارات الأجنبية حال رغبتها فى التوجه للاستثمار فى إيران، أن الباب مغلق فى وجهها إذا ما أرادت أن تقصد الاقتصاد الإيرانى من باب عقود حق الامتياز، التى انتشرت بصورة كبيرة فى الاقتصاد العالمى، وبخاصة فى الدول المتحولة لاقتصاديات السوق.

ومن ثم فإننا أمام احتمالين أن تبقى إيران على نفس شروطها الحالية، وأن تكون مساهمة الأجانب فى الشركات والمؤسسات الاقتصادية دون نسبة الـ50%، أو أن تُجرى تعديلًا على المادة 81 من الدستور، بما يسمح بالتعامل وفق آلية عقود الامتياز فى المجالات المختلفة، أو السماح ببعض المجالات دون بعضها.

فحينما قدم الرئيس الإيرانى الأسبق، هاشمى رفسنجانى، فى تسعينات القرن الماضى، قانون الاستثمار الأجنبى للبرلمان، خاطب الرأى العام بأنه لا بأس أن تحصل الشركات الأجنبية العاملة فى آبار النفط على نسبة من 10%- 20% من الإنتاج، لتفوز إيران بنسبة 80% من ثرواتها النفطية.

إلا أن فترة الرئيس السابق، أحمدى نجاد، كانت أكثر انغلاقًا فى علاقات إيران الاقتصادية الخارجية، وهو ما جعل مساهمة الاستثمارات الأجنبية فى إيران فى عهده محدودة للغاية وقاصرة على دول بعينها، ليس من بينها الدول الأوروبية أو أمريكا.

خطوة صعبة
فى حالة تبنى سيناريو التفاؤل لمستقبل اتفاق جنيف بين أوروبا وإيران، وانفتاح إيران اقتصاديًا على الخارج، فإن ذلك لن يكون بالأمر السهل، نظرًا لطبيعة تكوين السلطة فى إيران، وصعوبة سيطرة الجناح الداعى للانفتاح على أجنحة السلطة الأربعة فى إيران (الرئاسة، البرلمان، مجمع تشخيص مصلحة النظام، ومجلس صيانة الدستور)، وبخاصة أن جناحين من أجنحة السلطة الأربعة يتم اختيار أعضائهما بالتعيين، وليس بالانتخاب.

ويزيد من صعوبة مهمة الدعوة للانفتاح على الاقتصاد العالمى، أن تجربة الإصلاحيين فى البرلمان، أو الرئاسة فى عهدى هاشمى رفسنجانى (1989-1997) ومحمد خاتمى (1997-2005)، لم تسفر عن مردود إيجابى على مستوى معيشة المواطنين، وبالتالى فالتبشير بعوائد إيجابية نتيجة الانفتاح الاقتصادى على الخارج، قد يكون مردوها ضعيف التأثير على رجل الشارع فى إيران.

ولكن مما يجب أخذه فى الحسبان أن الدعوة لانفتاح إيران الاقتصادى على العالم ورفع العقوبات الاقتصادية عنها، أتت هذه المرة مصحوبة بتأييد إقليمى ودولى، فدول الخليج لم تمانع من رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران.

ما هو الثمن؟
السؤال هنا، هو: ما سر هذا التحول المفاجئ فى موقف أمريكا والغرب فى رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران؟، والإعلان عن إمكانية التفاهم بشأن برنامج إيران النووى الذى مثل أحد العقبات الكبرى فى العلاقة الإيرانية مع الغرب وأمريكا.

قد يكون الثمن هو تسوية سياسية فى المنطقة، من خلال الملفين السورى والعراقى، وإذا كان هو هذا الثمن، فإن دلالات ذلك اقتصاديًا تنم عن ارهاق إيران اقتصاديًا على مدار السنوات الماضية، منذ عام 1979 وحتى الآن.

وقد يدلل على ذلك تراجع العديد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية فى إيران من زيادة معدلات البطالة، والتضخم وتراجع قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، واستمرار النفط كمصدر وحيد للنقد الأجنبى فى إيران.

وهل سيكون سلوك إيران خلال المرحلة المقبلة من الانفتاح على الاقتصاد الخارجى فى إطار الاستراتيجية التى أعلن عنها أحمدى نجاد إبان ترشحه للرئاسة فى عام 2005، ولم يفلح فى تنفيذها على أرض الواقع، على مدار ثمان سنوات، والتى تتلخص فى الاندماج فى العولمة من أجل جنى ثمارها الإيجابية، مثلما فعلت دول الصين والهند والبرازيل وروسيا.

مخاوف تهديد الأمن القومى من خلال مشاركة الأجانب أو وجود دور أكبر للقطاع الخاص فى الاقتصاد الإيرانى، صاحبت الكثير من قرارات السياسة الخارجية الإيرانية، بل أدت إلى إلغاء صفقات كبرى لصالح شركات تركية، كانت تعمل فى مجال تطوير المطارات والاتصالات، وكانت الحجة وقتها أن الشركات التركية مخترقة من قبل إسرائيل، ولا يجب أن تعرض إيران أمنها القومى لهذه المخاطر.

الممارسة العملية سوف تفسر لنا الثبات أو التغير فى مفهوم الإيرانيين للاستقلال الاقتصادى، وهل يمكن تحقيقه وفق آليات الانفتاح على الخارج، أم الالتزام بسياسة الاكتفاء الذاتى، والعمل على توطين التكنولوجيا الخارجية.

لمزيد من أخبار الاقتصاد

السعودية توفر 1.5 مليون وظيفة لمواطنيها فى 30 شهرا

علامات تجارية تنادى بالتحقيق حول مقتل عمال ملابس محتجين فى كمبوديا

العراق يطرح مناقصة لشراء 30 ألف طن من الأرز







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة