تحدثت مجلة "بولتيكو" الأمريكية عن علاقة وزير الدفاع الأمريكى تشاك هاجل بالفريق أول عبد الفتاح السيسى، وقالت المجلة فى تقرير كتبه شادى حميد، الخبير بمركز بروكنجز الأمريكى ومدير الأبحاث بفرع المركز بالعاصمة القطرية الدوحة، إنه منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسى فى يوليو الماضى، تحدث هاجل مع السيسى أكثر من 25 مرة، وقد اجتمع الرجلان معا على غذاء لمدة ساعتين فى إبريل الماضى، وتشكلت علاقتهما خلال أسوأ مرحلة من العنف فى تاريخ مصر الحديث، مما يقدم نافذة مثيرة للاهتمام، إن لم تكن مقلقة، على الانجراف الاستراتيجى للسياسة الأمريكية إزاء مصر وكذلك المنطقة.
ومنذ هذا الغذاء تحدث هاجل والسيسى مرارا، ومن إجمالى ما يقرب من 30 مكالمة، قدمت الحكومة الأمريكية 15 قراءة رسمية على مدار ستة أشهر، كل منها مع مجموعة من الرسائل المتشابهة للسيسى.
وتشير المجلة إلى أن مصر البلد الوحيد الذى لدى هاجل خط اتصال مباشر معها، ورغم وجود قضايا إقليمية أخرى مهمة، إلا أنه من الصعب الاعتقاد بأن السياسة الأمريكية كانت فى أى منها منفصلة تماما عن الواقع مثلما هو الحال مع مصر، على حد قول الكاتب.
وليس هناك ما يشير إلى أن نصائح هاجل كان لها تاثير على السيسى وسلوك الحكومة المصرية، فما الهدف إن من كل هذه المحادثات فالتعاون الأمنى المهم لا يتطلب ما يقرب من 30 مكالمة منها 10 فى غضون أسبوع واحد قبل عزل مرسى.
وتمضى الصحيفة قائلة إن أحد التفسيرات تتعلق بالتهديدات اللينة لهاجل، فالرجل ينحدر من مدرسة الواقعية التى تميل إلى التقليل من أهمية السياسات الداخلية للدول الحليفة لأمريكا فبالنسبة للواقعيين، كل الأمور متساوية، فمن الأفضل أن تكون مصر ديمقراطية، لكن هذا ليس مهما. والأكثر أهمية لهاجل وغيره من الواقعيين هو الصراع الفلسطينى الإسرائيلى وتأثيره على المنطقة.
وتستدرك الصحيفة قائلة إن هاجل يعمل فى النهاية تحت رئيسه بارك أوباما، وعلى العكس مما يظن الكثير من الإخوان وحلفائهم، فإن إدارة أوباما لم تدعم عزل مرسى، فكما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن هاجل حذر السيسى من مخاطر عزل مرسى، لكن ظهر الارتباك عندما قال وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى بعد أسابيع إن الجيش استعاد الديمقراطية فى مصر، فما الذى سيجعل السيسى يستمع إلى هاجل لاسيما وأن كيرى "يغمز"؟.
ويرى شادى حميد، أن رسالة هاجل كانت مختلطة فبينما أكد على الشمولية للسيسى، فإنه عارض تعليق لمساعدات العسكرية لمصر وقد حاول مسئولون أمريكيون التقليل من أهمية تلك لخطوة، واكدوا أن العمل سيستمر كالمعتاد.
ويفهم من هذا السياق، إهداء هاجل نسخة من السيرة الذتية لجورج واشنطن إلى السيسى، حيث قال هاجل إنه ركز مع الفريق حول ما إذ كان يريد أن يصبح مثل جورج واشنطن أم مثل حسنى مبارك.
إلا أن السيسى لا يشبه الرجلين، كما تقول الصحيفة فمبارك كان مستبدا عزم على تقييد المعارضة، لكنه مستعد لدرجة من التسامح مع المعارضة ولم يكن لديه إيديولوجية معينة سوى الحفاظ على السلطة، وفى السنوات الأخيرة تراكم الثروة لكن السيسى ليس كذلك، ويزعم الكاتب أنه مثل قادة أمريكا اللاتينية، ويقول إنه خطيب مقنع يتحدث بشكل ارتجالى وباقتناع على ما يبدو.
ومن المفارقة أن السيسى هوأول رئيس مصرى – إن حدث وفاز بالانتخابات الرئاسية- كما يقول الكاتب عاش فى أمريكا وتدرب فى فورت بيننج فى عام 1981، ثم أمضى عاما أكاديميا فى كلية الحرب فى كارلايل ببنسلفانيا عام 2006. ولغته الإنجليزية جيدة بما يكفى ليتحدث مع هاجل بدون مترجم والعديد من المسئولين لأمريكيين اعتقدوا أنه رجل يمكن التعامل معه.
وختمت الصحيفة تقريرها متسائلة: ماذا سيقول هاجل لو قرر السيسى فى النهاية الاستسلام للضغوط، وأعلن ترشحه للرئاسة وهوما يبدو أمرا لا مفر منه.. والأكثر أهمية، هل سيكون ما يقوله له أهمية؟