طارق الزمر

الخطايا فى العمل السياسى فى مصر الثورة «4 - 4»

السبت، 06 أبريل 2013 07:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يستطيع متابع للمشهد السياسى المصرى الحالى إلا أن يؤكد ببالغ الأسى أن بعض النخبة السياسية قد فقدت قدرا كبيرا من رشدها، وأنها لم تعد تعبر فى جزء كبير من أدائها وأهدافها عن حاجات وطموحات الشعب المصرى المطحون من جراء تعثر نخبته السياسية، والمعذب من جراء تعاقب الحكام الفشلة، ثم من عناد نخبته التى كان من المفترض أن تعوضه عناء السنين، وتعاقب وتداول المستبدين والمفسدين. ونعود إلى ملاحقتنا الممتدة للخطايا فى العمل السياسى فى مصر الثورة، والتى لم تعد تدل إلا على مدى تدهور وعى الساسة وعنادهم، وأيضا مدى تعثر النظام الحالى فى البحث عن مخارج للأزمات التى تعد من صميم واجباته، إن لم تكن هى كل الواجبات فالقيادة السياسية هى المسؤولة قبل غيرها عن إيجاد المناخ وتخليق البيئة السياسية التى تؤهل المجتمع للتقدم، وتؤهل النخبة السياسية للعمل السياسى الجاد والنظيف.

15 - من أكبر الخطايا التى لاتزال تقترفها بعض القوى السياسية، العمل بشتى السبل وعلى طول الوقت على الالتفاف على الإرادة الشعبية!! وهو من أهم المفارقات التى ما كان ينبغى أن تظهر فى مصر بعد هذه الثورة العظيمة، والتى كان من أهم أهدافها التمكين لهذا الشعب على أرضه، ولعل أهم مظاهر هذا الالتفاف، يمكن تتبعها بسهولة من خلال متابعة المبادرات الكثيرة التى تعتبرها هذه القوى مخرجا من الأزمة السياسية الحالية، والتى تكاد تكون فكرتها المركزية تدور حول تشكيل أو تأسيس هياكل أو مؤسسات اتفاقية، سواء كان دور هذه المجالس هو القيام بدور الرئاسة، أو القيام بدور المجلس النيابى!! وهو ما يعنى العودة مرة أخرى إلى تجاهل مكانة ودور الشعب فى بلادنا!

16 - العمل على تدنى الخطاب السياسى حتى أصبح القاموس السياسى فى بلدنا اليوم محملا بقدر غير مسبوق من السباب والشتائم، والحقيقة أننى سمعت ألفاظا فى هذا المجال ـ تحت عنوان النقد السياسى ـ أتصور أنها كفيلة بإخراج أصحابها من مجال العمل السياسى، أو الزج بهم فى السجن، لأنها فى الحقيقة جرائم يعاقب عليها القانون.

17 - استعمال أكثر الألفاظ والمصطلحات حدة فى معالجة الشأن السياسى، وكأننا فى ساحة حرب وليست ساحة معارضة سياسية، ومن العجيب أن البعض يتصور أنه يؤسس لحياة سياسية تعبر عن حالة الثورة، ونسوا أنهم فى الحقيقة يؤسسون لحياة سياسية جادة، يجب أن تكون عوامل البناء فيها أكثر بكثير من عوامل الهدم، وذلك أمر منطقى بعد الإطاحة بأهم عناصر الفساد التى كانت تستدعى التركيز بشكل أكبر على عوامل الهدم.

18 - التحالف مع بقايا النظام السابق فى انتهازية واضحة، ومحاولة حثيثة لاستخدام كل الأوراق مهما كانت مشروعيتها فى سبيل الوصول لكرسى الحكم، أو حتى على سبيل العمل على إقصاء الإخوان من الحكم.. والحقيقة أن ما يجرى فى هذا المجال جريمة مكتملة الأركان، ولا يمكن اعتبارها تكتيكا سياسيا لأنها فى جوهرها تدل على أن أصحابها قد خرجوا من عالم السياسة، ليضعوا أنفسهم بصراحة فى عالم الجريمة، لأنه لا يمكن بحال اعتبار كل الجلادين ومصاصى الدماء الذين شاركوا فى إهانة هذا الشعب وتدمير مقدراته، شركاء فى الثورة على أنفسهم، أو أنهم يمكن أن يكونوا شركاء فى بناء الدولة التى قامت على أنقاض حكمهم، أو أن أموالهم التى سرقوها من هذا الشعب، يمكن أن تطهر باستعمالها مرة أخرى فيما يسمى بالثورة الثانية، والتى لن يكون للثوار فيها نصيب مهما فعلوا، بل إنهم يستخدمون اليوم حتى تحمى بهم نيران الثورة المضادة غدا، وفى هذا المجال.. فإننى أتحدى بعض الرموز المحسوبة على الثورة، والتى تتحالف اليوم بقوة مع رموز وبقايا الحزب الوطنى، أن يعرضوا لنا تصورا يحتمل ألا تعود الدولة مرة أخرى فى أحضان الحزب الوطنى إذا ما سقط النظام الحالى، إلا إذا كان الحقد والكراهية قد بلغ منهم مبلغا، يجعلهم لا يفكرون إلا فى إقصاء حكام اليوم بغض النظر عن النتائج، وعندها سنقول بملء الفم، إننا قد فقدنا هذه القوى السياسية إلى غير رجعة، لأنها قد أصبحت شريكة لكل من أجرموا فى حق هذه البلاد، وشريكة أيضا فى الجرائم التى سترتكب بحق الأجيال التالية.

19 - التخطيط لاستفزاز شباب التيار الإسلامى، حتى يتورط فى رد فعل عنيف ربما يجر المشهد كله لمأساة، لن ينجو منها أحد، ولن يكون فيها فائز ومهزوم، لأن الجميع سيكون مهزوما وهو ما يدل على مدى التحجر فى إدارة الشأن السياسى الذى يستدعى نخبة ملهمة ومبدعة، تعلم كيف تختار الوسائل، وكيف تخطط لإنقاذ بلادها.

ربما كانت هذه هى أهم الخطايا التى استطعت أن أرصدها من متابعاتى اليومية للشأن السياسى، لكن الأهم أننى أرجو ألا تحمل على محمل الاتهام، ثم ينبرى البعض للدفاع عن نفسه، بل إذا كانت صحيحة فعلينا جميعا أن نسعى للتخلص منها، وأن نطهر حياتنا السياسية مما قد يكون عبئا على شعبنا، وعلى أجيالنا التالية، فالنخبة المخلصة هى التى تحمل أمانة العمل على تقدم بلادها فى كل المجالات، وتحرص على ألا تكون شؤما على بلادها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة