هذا ما رأيته يوم الجمعة الماضى فى المقطم، ولا يلومن علىَّ أحد، فالمرء يرى الصورة التى يريدها، فإن أرادها سوداء صبغها بالأسود، وإن أرادها بيضاء سيحولها للأبيض، وأنا – وأعوذ بالله من كلمة أنا – لا أريد سوى أن أرى الحق، وما رأيت سوى باطلين فى صراع يهدم ولا يبنى.
صبية يحركهم جهلة صعدوا إلى مقر جماعة يقودها مجموعة من المتخلفين الذين يعيشون فى عصور مضت وانتهت، كلاهما أساء للآخر مائة مرة، وكلاهما يضمر عكس ما يظهر، وكلاهما يملك من الحقد ما لو وزع على مصر لأحرقها، ولن يفيدنا الآن أن نعرف من البادئ، لقد وصلنا إلى مرحلة أخطر من ذلك بكثير.
لست محايداً، بل أنا ضد الاثنين، ولست مائعاً، بل سأواجه الاثنين، ولست ليبرالياً يتبرأ الإسلام منه، ولست إخوانياً مقنعاً، بل أنا مواطن مصرى، ساهم فى إشعال ثورة يناير، ونال شرف ثقة كثير من الناس، ولن أبيع ضميرى إرضاء لأحد الفريقين.
لم أتعود أن يتخذ لى قراراتى الوطنية أمثال بعض قيادات ما يسمى «جبهة الإنقاذ» (مع احترامى لمن يستحق الاحترام منهم)، ولم أتعود أن أسير خلف المرشد وجماعته (مع تقديرى لمن يستحق التقدير فيها)، ولن أسمح لأحد أن يقودنى إلى معركته، لأنى أعرف عدوى جيداً، وأعرف معركتى جيداً، ولن أجلس على مقاعد المتفرجين أشاهد أمثال هذه «القيادات» تتصرف بمنتهى الحمق حتى تكاد تدمر مصر.
لقد سقط خلال أحداث العامين الماضيين فريقان كنا نظنهما على خير، وسقط معهما كثير من الرموز، وتكاد تسقط الدولة كذلك، ولا بد من إقامة عقد اجتماعى جديد بعد رفع كل هذه الأنقاض.
إن الذين يرفضون أن يكونوا مع أحد المتخاصمين اللذين يجران مصر للعنف جرا ليسوا محايدين، بل هم القابضون على الجمر، وتسقط عليهم السهام من حمقى الفريقين، وما أكثرهم، ولسان حالهم يردد قول الشاعر: ولرُبّما ابتسمَ الوقورُ من الأذى/ وضميرهُ من حرّه يتأوَّهُ / ولرُبَما خَزَنَ الحليمُ لِسانهُ / حذرَ الجوابِ وإِنه لمفوّهُ!
لا للعنف، ولا للمتاجرة بالدين، ولا للترزق بالثورة، ولا للإقصاء باسم الوطنية، ولا لسيطرة العجزة والعجائز على الحياة السياسية.
رسالتى إلى شباب مصر أن ينأوا بأنفسهم عن هذا الاستقطاب المقيت، وأن يخرجوا من كآبة معارك الماضى وأحقاده، إلى رحابة العمل من أجل المستقبل وآماله وأحلامه.
أسسوا أحزابكم، واتصلوا بالناس فى كل مكان، افهموا مشاكلهم، وابدأوا بابتكار الحلول، وواصلوا العمل من أجل البسطاء.
فلتسقط الأيديولوجيات إذا كانت لن تضيف لنا شيئاً سوى إراقة الدماء بلا معنى، ولتذهب المذاهب السياسية إلى الجحيم، إذا كانت ستعيدنا للخلف.
يا شباب مصر.. اقفزوا فوق الأيديولوجيات، واعملوا سويا، لكى ترى مصر مستقبلا أفضل، يعيش المواطن فيه حياة كريمة، وحينها سيتمكن المواطن من اختيار الأيديولوجية التى يقتنع بها.
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين..
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
كذا ميزة
برضه 100%
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الله
نجم النجوم
عدد الردود 0
بواسطة:
عماد يحى
افكار رائعة ولكن فيه تحامل ليس بالقليل على تفسير مشهد المقطم
عدد الردود 0
بواسطة:
انور
راجل محترم
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
ربما لا يعنيك انتمائى - انا لا اخوانى ولا ليبرالى ولا علمانى - انا مصرى من قلب هذا الشعب
عدد الردود 0
بواسطة:
mona
...........................................
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد خاطر
أصبت عين الحقيقة
عدد الردود 0
بواسطة:
بهاء الدين
صدقت
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد لطفى
حب مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
أبوالمعتصم
أتفق معك لكن