وسط حشد من جمهوره ومحبيه وزملائه، افتتح وزير الثقافة صابر عرب والدكتور صلاح المليجى رئيس قطاع الفنون التشكيلية، معرض الفنان محسن شعلان "القط الأسود .. تجربة سجن" مساء أمس السبت بمركز الفنون بالزمالك.
ضم المعرض الذى يستمر حتى 28 فبراير 120 عملا فنيا، ما بين لوحات زيتية واسكتشات رسمها الفنان فى محبسه، جسدت جميعها حجم المعاناة التى واجهها الفنان الذى سجن لمدة عام فى قضية اختفاء لوحة "زهرة الخشخاش" لفان جوخ من متحف محمد محمود خليل بالجيزة، فى أغسطس 2010 فى آخر قضية رأى عام شغلت المصريين قبل الثورة، ووجدوا فيها رمزا قويا لاستفحال الفساد فى معظم مؤسسات الدولة ومنها وزارة الثقافة.
وحملت للمتلقى رسالة راقية من الفنان مفادها أنه قدم كبش فداء لتراكم أخطاء شديدة الفجاجة والعبث فى حكومات تعاقبت قبل ثورة يناير.
وأبدى وزير الثقافة - فى تصريح له خلال الافتتاح - سعادته بعودة الصديق والفنان الكبير محسن شعلان لميدان الثقافة والإبداع، بهذا المعرض المتميز والفريد حيث ينقل تجربة ذاتية لفنان عانى من السجن، وهو شعور بالغ القسوة استطاع شعلان أن يحوله إلى طاقة إيجابية تفاعلت معها ريشته وألوانه مسجلا وموثقا لحظاتها المريرة أعمالا فنية مبدعة.
وعن فكرة المعرض.. وقال الفنان محسن شعلان : "لم أكن أعلم وأنا أفرغ شحناتى الثقيلة التى بدأت تترسب بداخلى فى محبسى بقسم الدقى، على ذمة التحقيق، أو بسجن عنبر المزرعة بطرة لمدة شهرين، أو فى سجن العقرب شديد الحراسة بطرة لمدة خمسة أشهر على ذمة من لا ذمة لهم (على حد قوله ) وأيضا بعد نقلى لسجن ملحق المزرعة لمدة شهرين ليكتمل تنفيذ الحكم الذى أعد لى بعناية فجة، ومصر تودع عهدا لتستقبل آخر قبيل قيام ثورة 25 يناير .. أن ما أرسمه هو نواة لإقامة معرض لى".
وأضاف "رسمت بمشاعر مقهورة غير عابئ بشح الأدوات وشح نسائم الحرية أيضا، فالزنزانة أصبحت مرسمى والرفاق من المساجين هم جمهورى وأبطال لوحاتى .. ظللت أرسم وكأنها حالة التشبث الوحيدة بالحرية .. وفى السجن اكتشفت القط الأسود، كان يراقبنى، يحوم حولى وكأنه سجانى العتيد الذى ساقنى فى كل مراحل قهرى، كان تيمة ثرية فرضها هو بنفسه على كل أعمالى فالقط الأسود هو ظلم .. سعار .. غدر .. مباغتة دنيئة .. خيانة .. فساد".
وفى معرضى هذا كل ما رسمت هى رسائلى للناس، للأصدقاء، للوطن الذى غاب عنى وظننت أنه هجرنى فوجدته ينتظرنى على باب السجن حين غادرت... هو توثيق لرسالة أبعث بها إلى ذلك القط الأسود الذى لفظته كل القطط الأخرى الملونة.
يذكر أن الفنان محسن شعلان من مواليد القاهرة 1951، بكالوريوس فنون وتربية 1974، أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية بمصر والخارج.. له مقتنيات فى عديد من المتاحف القومية والدولية وعدد من البنوك والمؤسسات وسفارات مصر بالخارج، والسفارات الأجنبية بمصر من أبرزها مقتنيات فى متحف المكتبة الكونجرس الأمريكى ضمن المجموعة الخاصة بالرئيس جيمى كارتر، مبنى محافظة اليكانتى أسبانيا، متحف الفن المصرى الحديث بالقاهرة.
ويحفل مشوار شعلان بكثير من الإسهامات المهمة الفكرية والفنية، وتقلد العديد من المهام من مدير التجهيزات الفنية بالمطابع الأميرية حتى 1988، ثم متدرجا بقطاع الفنون التشكيلية إلى أن تولى رئاسته فى إبريل 2006 وحتى أغسطس 2010.