دخلت لجنة الصياغة النهائية فى مواجهة مع لجنة الخمسين، بعد حذف "الصياغة" عددا من المواد فى باب الأحكام الانتقالية والعامة بالدستور.
وتأتى أهمية تلك المواد لكونها مرهونة بوجود أعضاء فى اللجنة، مثل مادة توطين النوبيين التى هدد ممثل النوبة بالانسحاب أكثر من مرة إذا لم توضع وحذفتها الصياغة، وكذلك المادة الخاصة بوحدة الديباجة والدستور، والتى وضعت بناءً على طلب ممثل حزب النور حتى يقبل بوضع تفسير مبادئ الشريعة بالديباجة بدلا من مادة بالدستور.
فيما رفضت لجنة الخمسين الالتزام برأى لجنة الصياغة، وقال العضو حجاج أدول ممثل النوبة، إن اللجنة العامة للخمسين فى مراجعتها الأخيرة أمس قبل التصويت النهائى على الدستور وافقت على مادة التوطين، رغم أن رأى لجنة الصياغة فى أسباب حذفها للمواد قانونية ودستورية، وتؤكد مخالفتها للدستور، وهو ما يطرح تساؤل حول ضرورة أخذ الخمسين برأى الصياغة من عدمه.
واللافت للنظر أن الصياغة اتفقت مع لجنة الخمسين على عدم تعديل خارطة الطريق، حيث حددت المواعيد الدستورية لانتخابات مجلس النواب خلال مدة لا تقل عن ثلاثين يوما، ولا تتجاوز 60 يوما من تاريخ العمل بالدستور، وينعقد فصله التشريعى الأول خلال عشرة أيام من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخابات، وتبدأ إجراءات الانتخابات الرئاسية خلال أسبوع على الأكثر من أول انعقاد لمجلس النواب.
وكانت لجنة الخمسين قد انتهت من التصويت المبدأى على مواد الدستور، وأرسلتها إلى لجنة الصياغة النهائية "التى تتكون من لجنة الخبراء العشرة وعدد من أعضاء الخمسين" لمراجعتها من الناحية القانونية والدستورية، ثم يتم عرض تلك الصياغات النهائية على لجنة الخمسين للتصويت النهائى عليها، ومن هنا فإن حذف هذه المواد الانتقالية التى تم وضعها لتهدئة قوى سياسية واجتماعية يضع لجنة الخمسين فى مأزق قبل التصويت النهائى عليها.
ومن أبرز المواد التى حذفتها الصياغة النهائية (رقم 189 مكرر 1)، والتى تنص على "يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجا مترابطا، وكلا لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه فى وحدة عضوية متماسكة"، وهى المادة التى تم وضعها بناء على طلب ممثل حزب النور باللجنة، والتى تجعل التفسير الذى تم وضعه فى الديباجة حول مبادئ الشريعة جزءا لا يتجزأ من مواد الدستور لكن الصياغة النهائية رأت أن محتوى المادة يعد قاعدة من قواعد التفسير التى لا يكون الدستور محلا له.
وحذفت أيضا اللجنة (المادة 189 مكرر 2)، والتى تنص على "أنه فى حالة قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون المنظم للانتخابات النيابية، أو المحلية لأى سبب كان يعدل القانون وفقا لمقتضى حكمها، ولا يترتب عليه أثر بالنسبة للمجلس القائم وقت صدور الحكم"، وذكرت الصياغة النهائية أن المادة تتعارض مع نص المادة 190 من مشروع الدستور التى أحالت للقانون فى تنظيم ما يترتب على "الحكم بعدم دستورية نص تشريعى" من آثار، وهو الأساس الذى يتفق مع الأصول الدستورية المقررة التى توجب ترك تنظيم آثار الحكم للقانون.
وحذفت اللجنة (المادة 195 مكرر 2)، التى تنص على أن "مجلس النواب يصدر فى أول انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور قانونا لتنظيم بناء وترميم الكنائس بما يكفل حرية المسيحيين لشعائرهم الدينية".
وأوصت اللجنة بالاكتفاء بالتنظيم الوارد بالمادة 47 من مشروع تعديل الدستور، والذى يحقق ذات الأهداف المرجوة من النص المقترح".
كما حذفت لجنة الصياغة النهائية (المادة 195 مكرر3) والتى تنص على "أن الدولة تكفل إعادة توطين النوبيين فى مناطقهم خلال عشر سنوات، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون"، وبررت اللجنة حذفها للنص بأنه يؤدى إلى تفتيت الوحدة الوطنية بين فئات الشعب المصرى، ويتعارض مع العديد من نصوص الدستور الأخرى التى تقر مبادئ المساواة وعدم التمييز بين جميع فئات المجتمع.
وحذفت اللجنة "المادة 195 مكرر 4" التى تنص على: "تلتزم الدولة بأولوية التنمية الاقتصادية والعمرانية فى النوبة وسيناء ومطروح وحلايب وشلاتين، بمشاركة أهلها فى مشروعات التنمية وفى الاستفادة منها مع مراعاة الأنماط الثقافية والبيئية للمجتمع المحلى خلال عشر سنوات، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون".
وأوضحت اللجنة، أن هذا النص يؤدى إلى تفتيت الوحدة الوطنية بين فئات الشعب المصرى ويتعارض مع العديد من نصوص الدستور الأخرى التى تقر مبادئ المساواة، وعدم التمييز بين جميع فئات المجتمع.
كما حذفت اللجنة (المادة 195 مكرر8 )، والتى تنص على "تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية لتطبيق حكم المادة المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات، وذلك خلال خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وينظم القانون ذلك".
وطالبت اللجنة بحذف هذه المادة، وأن يترك أمر تنظيم محتواها للقانون لعدم توافر الإمكانيات المادية والبشرية، فضلا عن ضرورة تعديل مجموعة قوانين، مثل قانون الإجراءات الجنائية وقانون تنظيم حالات الطعن أمام محكمة النقض، وهو ما يعد أمر مستحيل تحقيقه فى ظل الظروف الحالية التى تعيشها البلاد، لافتة أن بقاء هذا النص الانتقالى على حاله ينشئ حقا للمتقاضين، باعتباره قانونا أصلح لهم خلال المدة الانتقالية.
وحذفت لجنة الصياغة النهائية (المادة 195 مكرر 6)، التى تنص على"تلتزم الدولة بتنفيذ التنزامها بتخصيص الحد الأدنى لمعدلات الإنفاق الحكومى على التعليم والتعليم العالى والصحة والبحث العلمى المقررة فى هذا الدستور تدريجيا، اعتبارا من تاريخ العمل به، على أن تلتزم به كاملا فى موازنة الدولة للسنة المالية 2016/"2017".
وأوضحت اللجنة، أن هذه المادة ليست ذات جدوى لأن اللجنة قررت حذف النسب المئوية بالنصوص المقترحة من اللجنة العامة كحد أدنى من الإنفاق الحكومى، بشأن التعليم والصحة والبحث العلمى.
وأوصت لجنة الصياغة بضرورة الالتزام بالنص المقترح من لجنة الخبراء، بشأن ترتيب ألوان علم مصر، وهى الأسود والأبيض والأحمر، تطابقا مع الترتيب الوارد لألوان العلم بالقانون وتنص المادة على: "العلم الوطنى لجمهورية مصر العربية مكون من ثلاثة ألوان، وهى الأسود والأبيض والأحمر، وبه نسر مأخوذ عن نسر صلاح الدين باللون الأصفر الذهبى ويحدد القانون شعارها، وأوسمتها وشارتها وخاتمها ونشيدها الوطنى".
وعدلت اللجنة فى صياغة مادة الإرهاب المقدمة من لجنة الخمسين، والتى كانت تنص على: "تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله، وتجفيف منابعه باعتباره تهديدا للوطن والمواطنين دون إهدار للحقوق والحريات العامة، وينظم القانون إجراءات مكافحة الإرهاب، والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه"، وأصبح نص لجنة الصياغة النهائية: "تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله دون إهدار للحقوق والحريات العامة، وينظم القانون أحكام التعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه".
وعللت اللجنة رأيها، بأن النص المقترح منها أكثر إحكاما وضبطا للعبارات بما يحقق الهدف المرجو دون افتئات على الحقوق والحريات المنصوص عليها بالمواد الأخرى، بمشروع الدستور.
ومن المواد الانتقالية التى أقرتها اللجنة دون تعديل، والتى تؤكد عدم حدوث تعديل فى خارطة الطريق (المادة 192) التى تنص أن تبدأ إجراءات انتخابات أول مجلس النواب خلال مدة لا تقل عن ثلاثين يوما، ولا تجاوز 60 يوما من تاريخ العمل بالدستور، وينعقد فصله التشريعى الأول خلال عشرة أيام من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخابات، وتبدأ إجراءات الانتخابات الرئاسية خلال أسبوع على الأكثر من أول انعقاد لمجلس النواب.
وأقرت (المادة رقم 195 مكرر 9) دون تعديل، وينص: "يلتزم مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون لعدالة انتقالية يكفل كشف الحقيقة والمحاسبة واقتراح أطر المصالحة الوطنية وتعويض الضحايا".
مواجهة بين "الخمسين" والصياغة النهائية بسبب عدم دستورية بعض المواد.. "الصياغة" تلغى 7 مواد خاصة بتوطين النوبيين والديباجة وتحصين "النواب" وتعمير حلايب وسيناء وإصدار البرلمان قانون تنظيم بناء الكنائس
الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013 12:33 م