قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اليوم، الخميس، إن نسبة عجز الميزانية إلى الناتج المحلى الإجمالى ارتفعت إلى 140 بالمائة من 135 بالمائة فى الفترة الأخيرة، ودعا إلى إبعاد المخاطر السياسية عن اقتصاد البلاد الهش فى ظل تداعيات الأزمة السورية.
وحث سلامة على التحرك والمبادرة "لإلغاء أو تخفيض المخاطر السياسية الناجمة عن عدم تشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات تخفض مجددا نسب العجز إلى الناتج المحلى".
وقال فى مؤتمر اتحاد المصارف العربية المنعقد فى بيروت، "التحسن الاقتصادى فى لبنان ينطلق من التوافق السياسى على إعادة المؤسسات الدستورية لتلعب دورها. والإسراع بذلك سوف يسمح للبنان بتحقيق نسب نمو أفضل بعدما حافظ على نشاط مقبول نسبة لما يحدث فى المنطقة وحوض البحر المتوسط".
وكان وزير المال فى حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدى قال لرويترز الشهر الماضى، إن النمو الاقتصادى المتوقع فى البلاد سيكون صفرا فى العام المقبل إذا ما استمرت تداعيات الأزمة السورية، مضيفا أن البلاد بحاجة إلى 2.6 مليار دولار لدعم الميزانية وامتصاص تأثير الصراع المستمر منذ ما يزيد عن عامين.
وللعام الثانى على التوالى، يسجل لبنان عجزا أوليا فى الميزانية، وبلغ الدين العام للبنان أكثر قليلا من 60 مليار دولار.
ويستضيف لبنان ما لا يقل عن 800 ألف لاجئ جراء الحرب الأهلية فى سوريا المجاورة، لكن المسئولين اللبنانيين يقولون، إن مجموع السوريين الذين يعيشون الآن فى لبنان بلغ تعدادهم 1.5 مليون، مما يشكل عبئا إضافيا على مستشفياته وتعليمه وميزانيته.
وجاء فى دراسة للبنك الدولى الشهر الماضى أن التكلفة التقديرية الإضافية حوالى 900 مليون دولار سنويا بين عامى 2012 و2014 وقال البنك، إن الأزمة السورية قلصت نمو الاقتصاد اللبنانى الذى كان 2.85 فى المائة فى السابق.
ويقدر البنك الدولى فى تقرير أن الحرب وما نتج عنها من موجة لاجئين إلى لبنان سيخفضان الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بنسبة 2.85 بالمائة سنويا فى الفترة من 2012 إلى ،2014 وسيضاعفان معدل البطالة ليصل إلى أكثر من 20 بالمائة وسيزيدان العجز المالى فى البلد المثقل بالديون بمقدار 2.6 مليار دولار.
وامتد الصراع السورى إلى لبنان مع وقوع تفجيرات بسيارات ملغومة فى بيروت وطرابلس وقتال فى الشوارع فى مدن رئيسية وإطلاق صواريخ فى سهل البقاع. وأدى الشلل السياسى إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار، وهو ما وجه ضربة إلى السياحة والتجارة والاستثمار.
وأدت استقالة رئيس الوزراء نجيب ميقاتى فى مارس وفشل رئيس الحكومة المكلف تمام سلام بتشكيل حكومة جديدة إلى انزلاق لبنان نحو حالة من عدم الاستقرار السياسى وقد تستمر هذه الحالة طويلا حتى يتم الاتفاق على الحكومة.
وكانت مؤسسة ستاندرد آند بورز خفضت فى وقت سابق من نوفمبر الجارى تصنيفها لديون لبنان السيادية طويلة الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية إلى B- من B، وأبقت على نظرتها المستقبلية السلبية، مشيرة إلى تراجع مستمر للعوامل الاقتصادية الأساسية فى البلاد.
وأعلنت ستاندرد آند بورز أنها قد تخفض التصنيف مرة أخرى إذا أضعفت الحرب الأهلية الدائرة فى سوريا قدرة لبنان على خدمة الدين العام أكثر من ذلك.
وقال سلامة، "تخفيض تقييم لبنان من قبل ستاندرد آند بورز جاء كنتيجة لأوضاع لبنان السياسية ولتأثير الأزمة السورية على مالية الدولة اللبنانية".
وأضاف أن مصرف لبنان سيعمل "باتجاهات مختلفة لكى نتعدى هذه المرحلة محافظا على الاستقرار بالفوائد من خلال تدخله المستمر فى اسواق السندات حماية للوضع الائتمانى للدولة وللاستقرار التسليفى والاستقرار الاجتماعى".
وكان حاكم مصرف لبنان قال هذا الأسبوع، إنه يعتزم إطلاق رزمة تحفيزية فى عام 2014 بقيمة 800 مليون دولار لدعم اقتصاد المعرفة "الذى سيؤمن فرص عمل للشباب ومستقبلا ناميا ودورا أكبر للبنان يساعد على التنافسية".
وقال اليوم إنه "سيبادر إلى تدعيم الطلب الداخلى من خلال وضع 1200 مليار ليرة لبنانية (800 مليون دولار) بتصرف المصارف بفائدة واحد بالمائة لكى تقرضها هذه الأخيرة إلى القطاعات المنتجة والبيئة والإسكان".
وأضاف أنه سيعمل مع المصارف لإطلاق اقتصاد المعرفة وتحويله إلى قطاع اقتصادى يولد النمو ويؤمن التنافسية وفرص العمل.
وأشار إلى أن "السيولة مرتفعة لدى القطاع المصرفى اللبنانى، ونحن نحبذ ذلك ونحميه بتعميمنا، ومن المتوقع ارتفاع الودائع بما يقارب السبعة بالمائة خلال عام 2013".
وكشف سلامة عن مسعى للدولة اللبنانية بمساعدة البنك الدولى إلى تنظيم مؤتمر دولى للمانحين، على أمل الحصول على الدعم وتخفيف الأعباء الناجمة عن الحرب السورية.
مصرف لبنان يحذر من المخاطر السياسية على اقتصاد البلاد
الخميس، 14 نوفمبر 2013 03:47 م