قال مركز البحرين للدراسات والإعلام فى تقرير له يحار المرء كثيرا حينما يرى أن ثمة تناقضات وتضاربات تشهدها الساحة الدولية حول دور المنظمات الدولية التى من المفترض أن تنشأ من اجل صالح البشرية بأسرها وليس لصالح فئة المسيطرين على شئون العالم كما هو الحال اليوم.
فالحكمة من إقامة المنظمات الدولية هى ضبط العلاقة بين الدول فى المجتمع الدولى على غرار الهدف من وجود الحكومة الوطنية كما هو فى تصور الفلاسفة الأولى فى نظرتهم للحكومات ودورها، فقد نشأت من أجل ضمان حماية الأضعف والأقل قدرة أو فعالية وحمايته من تغول الأقوى عليه أو الطامع فى حقوقه.
وهو الهدف ذاته من وراء إنشاء المنظمات الدولية لمنع هيمنة وطغيان البلدان الأقوى على شئون الدول الصغيرة أو التى ما زالت فى مرحلة النمو والصعود، يدلل على ذلك من يطلع على مواثيق هذه المنظمات بدءا من المنظمة العالمية الأم المتمثلة فى الأمم المتحدة حينما نقرأ أهدافها ومبادئها الواردة فى ميثاقها الذى تم إقراره عام 1945، مرورا بالمنظمات المتخصصة كما هو الحال فى اليونسكو ومنظمة العمل الدولية وصولا الى الهيئات المستقلة أو القضائية كمحكمة العدل الدولية- إحدى مؤسسات الأمم المتحدة - والمحكمة الجنائية الدولية.
والدولة حينما تسعى إلى التوقيع على ميثاق هذه المنظمة والانضمام إليها تنظر إلى مصالحها وكيفية حمايتها دون أن ينتقص ذلك من سيادتها واستقلالها وصون أمنها وحماية مجتمعها. ولكن حينما تتغلب السياسة والمصالح الدولية على المبادئ والحقوق والأهداف الإنسانية والتى نشأت تلك المنظمات والمؤسسات والهيئات من أجلها نكون إزاء وضع خطير ينعكس سلبا على أمن واستقرار هذه البلدان، حيث تصبح هذه المنظمات أداة سيطرة وهيمنة من جانب الطرف الغالب والأقوى على سيادة واستقلاله الأطراف الأخرى.
ولعل ما جرى فى البحرين خلال الآونة الأخيرة والتدخل السافر من جانب منظمة العمل الدولية بالتعاون مع بعض جمعيات أو نقابات عمالية بشأن بعض قضايا المفصولين من العمال وسعيها الى إجبار الدولة البحرينية على الرضوخ لإملاءاتها وإراداتها مثال حى وعملى على ما سبق ذكره.
وقد كان لموقف الحكومة البحرينية برئاسة الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة فى رفض الانصياع لمثل هذه الإملاءات والاشتراطات موقفا حاسما أنهى التدخل السافر من قبل المنظمة فى الشأن البحرينى وذلك لسببين: الأول، أن البحرين ليست الدولة الوحيدة فى العالم التى يتم فيها فصل العامل الذى يخالف القانون وينتهك اشتراطاته، فلكل فعل مخالف عقوبة يجب أن توقع على مرتكبها لتحقيق الهدف منها وهو الردع بنوعيه العام والخاص، فإذا ما ارتكب عامل فعلا مخالفا للقانون أليس من حق صاحب العمل سواء أكانت الدولة ممثلة فى حكوماتها وأجهزتها أو القطاع الخاص أن يقوم بمعاقبة هذا العامل طبقا للمخالفة التى ارتكبها أم أن العامل يعلو على القانون ولا يطبق عليه ولا يلتزم به كونه عاملا، وهل هذا ما يحدث فى الدول المسيطرة على مثل هذه المنظمة؟ فهل إذا ما اتخذت الحكومة الأمريكية أو الاسترالية قرارا بفصل عامل ارتكب مخالفات يعاقب عليها القانون بعقوبة الفصل أوالخصم لا تطبق عليه؟
وإذا ما طُبقت فأين دور تلك المنظمة؟ لم نسمع عن أى من تلك المنظمات صوتا حينما تمارس الادارة الأمريكية سلطتها وبسط قوانينها على مواطنيها والمقيمين فيها، فالانتهاكات التى ارتكبت فى الولايات المتحدة سواء فى الأراضى العراقية والأفغانية المحتلة أو تجاه مواطنيها أثناء حملة "احتلوا ووستريت" العام الماضى لم تنطق مثل هذه المنظمات بأى إدانات أو مطالبات وهذا هو الكيل بمكيالين الذى يسير عليه عمل مثل هذه المنظمات.
والسبب الثانى، فقد أدرك رئيس الوزراء الأمير خليفة أن السيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطنى واحترام القانون وأحكامه هى الضمانات لإقامة الدولة الديمقراطية العصرية الحديثة التى تعلى من شأن مواطنيها وتحترم حقوقهم وتصون حرياتهم دون افتئات من أحد أو تطول على أحد، ولذا كان موقفه الرافض لمثل هذا التدخل.
موقف البحرين الرافض لتدخلات منظمة العمل الدولية هو حماية لأمنها
السبت، 12 أكتوبر 2013 10:25 م