شهدت مكتبة الإسكندرية مساء أمس، الثلاثاء، انطلاق مبادرة وطنية لإقامة حوار مجتمعى حول موضوعات الدستور تحت عنوان "دستورك يا مصرى".
وأطلقت مكتبة الإسكندرية المبادرة بمشاركة كل من المجلس القومى للشباب، ومركز الحوار بالأزهر الشريف، ومؤسسة مدى للتنمية الإعلامية، والأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، ومركز الحضارة، وفريق زدنى (جمعية رابعة العدوية)، ومؤسسة بداية، وجمعية حماة المستقبل، وغيرهم من الهيئات والمؤسسات.
وشارك فى إطلاق المبادرة مجموعة من أعضاء النقابات المهنية والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدنى واتحادات الطلاب وغيرهم. وقام الحضور بالتحدث فى جلسات النقاش، وعرض مقترحاتهم وآرائهم حول الدستور الجديد.
وحضر الجلسات الدكتور عبدالفتاح ماضى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، وكريم سرحان، المحامى والخبير بقضايا حقوق الإنسان، والدكتور عماد صيام، الباحث فى علم الاجتماع السياسى، والخبير الإعلامى ياسر عبدالعزيز، وأدار الجلسة كل من الدكتور سامح فوزى، مدير إدارة منتدى الحوار والدراسات السياسية بمكتبة الإسكندرية، والدكتور هشام جعفر، المستشار الإعلامى للموقع الإلكترونى "أون إسلام".
وقال الدكتور سامح فوزى إن "دستورك يا مصرى" مبادرة تهدف إلى فتح حوار مجتمعى حقيقى جامع لكل أبناء الوطن حول موضوعات الدستور، مبينًا أنها مبادرة وطنية تتجاوز الاستقطاب الإيديولوجى والسياسى، وتسعى إلى التواصل مع المواطن، وتسهيل إيصال صوته للجنة المنوط بها وضع الدستور.
وأكد أن المبادرة لا شأن لها بلجنة وضع الدستور، ولا تناقش تشكيل اللجنة التأسيسية، إنما هى معنية بمناقشة موضوعات الدستور والتعرف على الاتجاهات والموضوعات المختلفة فى هذا الإطار، مشيرا إلى أن جميع الآراء التى تُطرح فى جلسات النقاش الخاصة بالمبادرة فى كل المحافظات سيتم تجميعها وعرضها على اللجنة التى ستقوم بوضع الدستور فى النهاية.
وأوضح فوزى، أن المبادرة سوف تنسق حوارات حول قضايا أساسية فى الدستور، مثل الحقوق والحريات العامة، والمقومات الاقتصادية، واللامركزية، وشكل نظام الحكم.
من جانبه، أكد الدكتور هشام جعفر أن المبادرة يشارك فيها عدد كبير من المؤسسات الثقافية والإعلامية والدينية والمدنية، بهدف استرداد مفهوم غائب، وهو أن السياسة تُصنع من أسفل، وليس من أعلى فقط، مشيرا إلى أن المبادرة ستعمل من خلال مستويين، الأول سيتم من خلال الجلسات العامة لفتح الحوار بين كافة الأفراد والمؤسسات، والثانى سيقوم على تدريب الشباب على إدارة الحوار، وتجميع الآراء حول قضايا الدستور.
وفى كلمته، قال الدكتور عبدالفتاح ماضى، إن أى تغيير سياسى يعقبه مجموعة من المراحل؛ أهمها وضع الدستور، والتوافق على شكل النظام، وبناء الهياكل والمؤسسات، وترسيخ قواعد المؤسسات، موضحا أنه عند بناء نظام سياسى جديد يجب ترجمة مجموعة أولويات وأهداف المجتمع، ووضعها فى شكل نصوص فى الدستور.
وأكد ماضى، على أن الأنظمة الحديثة تستند على الحلول الوسط والتوافق، مبينًا أنه لا يمكن أن ينفرد بكتابة الدستور جهة أو فصيل أو حزب سياسى معين، وأن الأنظمة التى أفردت كتابة الدستور لجهة معينة أخرجت نظام لصالح فئة معينة، لافتا إلى أن الدستور لا يجب أن يتناقض مع المقومات الثقافية المحلية فى المجتمع، كما أنه يجب أن يضع أسساً للحكم الرشيد الديمقراطى الذى يحدد كيفية إدارة السلطة.
وتطرق ماضى، إلى عدد من الإشكاليات الموجودة فى المجتمع المصرى، والتى تمثل تحديًا كبيرًا فى وضع الدستور، ومنها المادة الثانية التى تحتاج توافقاً مجتمعياً واسع، وأن تلتقى كل الأطراف فى منتصف الطريق.
وعن وضع المؤسسة العسكرية، أكد أن الجيش ليس له دور فى كتابة الدستور والحياة المدنية فى أى نظام ديمقراطى، إلا أن هذا الأمر يأخذ وقتًا طويلاً، ولذلك يجب التركيز فى مرحلة الانتقال على الانتقال فقط.
وقال إنه يوجد عدد من التحديات التى يجب ترجمتها إلى نصوص قانونية فى الدستور، منها القضاء على الإرث الاستبدادى، وتوعية المواطنين، ووضع استراتيجية للتعليم والإعلام، ووضع ضوابط وقواعد للعمل السياسى، والحفاظ على كرامة المصريين فى الداخل والخارج.
من جانبه، قال كريم سرحان: إن دستور 1971 يضم نصوصاً رائعة فى مجال الحقوق والحريات، والتى تتطرق إلى مبادئ العدل والمساواة وحرية العقيدة والرأى والحياة الخاصة.
وأشار إلى أنه بالرغم من أن نصوص الحقوق والحريات فى دستور 1971 تفوق مثيلتها فى الدستور الأمريكى، إلا أن ذلك لم يحم المصريين من الاستبداد طوال العقود الماضية، وأرجع سرحان ذلك إلى أن مخالفة الدستور ليس لها عقوبة.
وشدد سرحان، على أن الدستور ليس له قيمة، إذا لم يتوافر مجتمع ورأى عام قوى يحاسب من يخالف الدستور ويفقده شرعيته، وأكد أنه لا يمكن حماية المصريين من الاستبداد بدون مجتمع قوى، مطالبًا بأن يعطى الدستور الجديد المواطنين الحق المطلق فى تكوين الجمعيات.
وفى كلمته، قال الدكتور عماد صيام: إن دستور 1971 يضم 45 مادة تتحدث عن المواطنة، إلا أنه فى المقابل، يعانى 20 مليون مصرى من الأمية، والملايين من أمراض السرطان والفشل الكلوى، وملايين آخرين من التشرد والسكن فى العشوائيات والمقابر، موضحا أن كل تلك الأمور تخالف مبادئ المواطنة التى ينص عليها الدستور، والتى تؤكد على إعطاء المواطن حقوقه المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأشار إلى أن الدستور الجديد يجب أن يضم حزمة شروط للدفاع عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، وذلك من خلال تفعيل دور النقابات والمنظمات المدنية، ووضع مواد لمعاقبة من يحرم المواطنين من حقوقهم.
من جانبه، قال ياسر عبدالعزيز أنه يجب على الإعلام منح الفرصة لمختلف الأطياف الموجودة فى المجتمع، متحدثا عن ملكية الإعلام، وتناقش مع الحضور فى المشكلات التى يواجهها الإعلام المصرى والحلول المقترحة.
وقام الحضور بعرض آرائهم فى موضوعات الدستور المختلفة وعرض مقترحاتهم. وتنوعت المقترحات بين وضع بنود لتفعيل العقوبات على المخالفات، وبنود لحماية حقوق الأقليات، وإلغاء الطابع الاستبدادى للقوانين، وإلغاء القوانين التى رسخت فكرة توريث الحكم، ومواد لتفعيل مراقبة السلطة.
ويذكر أن فعاليات المبادرة التى تعقد فى محافظات مصر المختلفة تتركز فى ثلاثة نشاطات أساسية، وهى جلسة المناقشة الفنية لموضوعات الدستور (جلسات الاستماع المركزية)، و"ضفائر النقاش"، وحلقات نقاش إلكترونية "أون لاين".
وتنتمى مبادرة "دستورك يا مصرى" للوطن بكل تنويعاته الثرية، فهى لا تنتمى لحزب أو تيار معين، ولا تعد مبادرة سياسية، وإنما مبادرة مجتمعية تهدف إلى خلق التوافق الوطنى الحقيقى. وتعد "دستورك يا مصرى" مبادرة لا مركزية، فهى تشمل كل محافظات مصر، سواء كانت محافظات المركز أو المحافظات الحدودية، كما أنها ليست نخبوية، فهى تقوم على تمكين المواطن المحلى فى المجتمعات المحلية.
إطلاق مبادرة "دستورك يا مصرى" بمكتبة الإسكندرية.. فوزى: المبادرة ستطرح مقترحات المواطنين على اللجنة التى ستضع الدستور فى النهاية.. وماضى: لا يمكن أن ينفرد بكتابة الدستور فصيل سياسى معين
الأربعاء، 11 أبريل 2012 02:20 م