عاصم الدسوقى

من تزوير الإرادة إلى تزييف الوعى يا قلبى لا تحزن

الخميس، 20 ديسمبر 2012 08:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من حق مصر أن تدخل موسوعة «جينيس» العالمية فى قدرة أولى الأمر فيها على تزوير إرادة الناخبين بمختلف الوسائل والأشكال عند الإدلاء بصوتهم فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية أو فى الاستفتاء على الدستور أو على القضايا العامة. فلقد عرفت مصر آلية التصويت لاختيار أعضاء «السلطة التشريعية» ابتداء من انتخابات الجمعية التشريعية «يوليو 1913» وانتهاء بانتخابات مجلس شعب ثورة يناير 2011، وانتخابات الرئاسة لأول مرة فى أكتوبر 2005 ثم فى يونيو 2012 بعد التخلى عن أسلوب الاستفتاء على اختيار الرئيس.
غير أن عملية التصويت شابها منذ بدأت آفة تزوير الإرادة ثم رذيلة تزييف الوعى، فآفة التزوير بدأت مع انتخابات الجمعية التشريعية «ديسمبر 1913»، وفى تلك الانتخابات كان الناخب يدلى بصوته شفاهة، أى يقول للموظف الجالس على المكتب على اسم المرشح الذى يريد انتخابه، ويقوم هذا الموظف بالتأشير أمام الاسم، ولا يدرى الناخب ما إذا كانت العلامة قد وضعت أمام الاسم الذى اختاره أم لا، حيث لم يكن يرى الكاتب وهو يضع العلامة فى كشف الأسماء، فضلا عن نسبة الأمية العالية جدا بين الناخبين، ومن هنا جاء مصطلح «الإدلاء بالصوت»، أى بصوت الناخب، وليس بالتأشير بنفسه على الاسم فى بطاقة معينة، وكانت تلك أول بروفة تزوير لإرادة الناخب.
ولما عرفت مصر صناديق الانتخابات مع انتخابات يونيو1931 بناء على دستور 1930 الذى وضعه إسماعيل صدقى وهو رئيس للحكومة، أوعزت إدارته إلى لجان الانتخاب أن تزور المحاضر بإثبات حضور الناخبين كذبا وزورا. وكانت تلك أول مرة يتم فيها التزوير بهذا الشكل فأصبحت «سنة» متبعة فى سائر الانتخابات التالية، يلجأ إليها أولو الأمر حسب مقتضى الحال. وأما عملية تزييف وعى الناخب وتوجيه تفكيره نحو اختيار معين، فبدأت منذ عرف المصريون الانتخابات، حيث كان يصحب جولة الدعاية الانتخابية حملة تشهير وسباب متبادلة بين المرشحين بأنصارهم ليس فقط فى مسيرات التأييد أو فى السرادقات التى تقام لتقديم المرشح نفسه لناخبيه، بل أيضا فى الصحف الحزبية لصالح مرشحى الحزب وضد الخصوم، حيث يرمى كل طرف خصمه بالجهل والعمالة، فضلا عن الخوض فى السير الشخصية والحياة العائلية. وفى أحيان أخرى كان يتم اعتقال مرشحين بتهمة أو بأخرى لإزاحتهم من المنافسة، وعدم تنقية كشوف الناخبين من الموتى وإثبات أصواتهم فى الكشوف وهم فى القبور، أو رفض حضور المراقبين الذين اختارهم المرشحون لعملية فرز الأصوات، وكذا رفض الإشراف الدولى على العملية الانتخابية بحجة أن مصر صاحبة حضارة سبعة آلاف عام. وأخيرا وفى انتخابات مجلس شعب ثورة يناير 2011 أضاف المرشحون من الإخوان المسلمين لوسائل تزييف الوعى إنفاق الأموال على الناخبين للفوز بأصواتهم، أو منحهم عطايا من السكر والزيت، أو تخويفهم بالعقاب فى الآخرة إذا لم ينتخبوا مرشحى الإخوان. وتكرر نفس الأسلوب فى الاستفتاء على الدستور، حيث يذهب الموافقون إلى الجنة ويكون مصير الرافضين النار!
ونحن فى هذا الهم المقيم تقفز إلى مخيلتى وقائع أحداث فيلم «الزوجة الثانية» وعبارة العمدة المتعجل من الزواج بمطلقة الفلاح الأجير دون إتمام عدة الثلاثة أشهر الشرعية، حين قال للمأذون: الدفاتر فى إيدينا.. اكتب الطلاق بتاريخ قديم واكتب كتابى بتاريخ اليوم. لكل هذه المظاهر ولغيرها من دلائل تزوير الإرادة وتزييف الوعى تستحق مصر الخروج من التاريخ ودخول موسوعة جينيس، حيث لا تتمكن أى دولة أخرى من منافستها على المركز الأول فى تلك الموسوعة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة