حصلت "اليوم السابع" على نسخة من التقرير الذى سيتم الإعلان عنه نهاية شهر سبتمبر الحالى حول جهود وزارة البيئة للقضاء على نوبات تلوث الهواء الحادة والسحابة السوداء فى مصر.
أكد تقرير أعدته وزارة البيئة، وتمكن "اليوم السابع" من الحصول على نسخة منه قبل الإعلان عنه نهاية سبتمبر الجارى أن تأثر القاهرة الكبرى بحدوث نوبات التلوث والسحابة السوداء سببه الانعكاس الحرارى وسكون الهواء، حيث تساهم طبوغرافية مدينة القاهرة، والجيزة أيضًا بدرجة كبيرة فى الإحساس بهذه النوبات، حيث تقع المحافظتان فى منخفض مستطيل على جانبى النيل يمتد من شبرا شمالا إلى حلوان جنوبًا، مما يشكل البوتقة التى تتراكم بها الملوثات الناتجة من الأنشطة البشرية سواء المحلية أو القادمة بفعل الرياح من الشمال وتحبس هذه الملوثات فى طبقة لا يتجاوز ارتفاعها أحيانًا ٢٥ مترا بدلاً من ٢٠٠٠متر.
وقال التقرير إن مصادر تلوث الهواء فى القاهرة الكبرى، تتمثل فى أربعة مصادر أساسية هى: حرق المخلفات الزراعية، وعوادم المركبات، والمصادر الصناعية، وحرق المخلفات البلدية الصلبة، ويساهم كل مصدر بنسبة معينة، يتم التركيز فى قياس تلوث الهواء على تركيزات الجسيمات العالقة فى الجسيمات ذات حجم أقل من ١٠ ميكرون، حيث تعتبر من أهم الملوثات التى تسبب خطراً على الصحة العامة وهى السبب عند زيادة تركيزها عن حد معين فى الإحساس بنوبات تلوث الهواء الحادة.
وتناول التقرير الأسس العلمية لحدوث الظاهرة مؤكدا أن نوبات تلوث الهواء الحادة تعتبر من الظواهر البيئية التى بدأت عام ١٩٩٩ وتكرر حدوثها سنويًا فى فصل الخريف على فترات متقطعة خلال أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وهذه النوبات أو هذه الظاهرة تحدث نتيجة تراكم أحمال ملوثات الهواء الناتجة عن الأنشطة البشرية فوق إقليم القاهرة الكبرى، وعادة ما يتم الإحساس بهذه النوبات بعد غروب الشمس وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى ثم لا يكون هناك إحساس بها خلال النهار وهناك أسباب علمية محددة لحدوث هذه الظاهرة خلال فترات مختلفة من العام وزيادة الإحساس بها خلال شهور الخريف، كما تتفاوت شدة حدوث هذه الظاهرة من عام لآخر ومن فترة إلى أخرى.
ورصد التقرير النظرة العلمية لكيفية حدوث هذه الظواهر قائلا: "من المتفق عليه علميًا أنه فى الظروف المناخية العادية ترتفع درجة حرارة الهواء قرب سطح الأرض أثناء النهار بفعل الحرارة المنبعثة من سطح الأرض نتيجة تسخينها بأشعة الشمس ويرتفع الهواء الساخن القريب من سطح الأرض إلى أعلى حاملاً كميات كبيرة من الملوثات المنبعثة نتيجة الأنشطة البشرية مما يؤدى إلى تشتت الملوثات بعيدًا عن سطح الأرض – حيث يصل إرتفاع طبقة الهواء التى يحدث بها تشتت للملوثات إلى أكثر من ٢٠٠٠ م ، وعندما تتعرض منطقة ما لحالة من الضغط الجوى المرتفع يبدأ الهواء فى الدوران فى دوامات عكسية ( أى يهبط الهواء من أعلى إلى أسفل ) وأثناء هبوط هذه الدوامات الهوائية ترتفع درجة حرارتها ذاتيًا نتيجة اقترابها من سطح الأرض.
وأضاف التقرير أنه عند غروب الشمس وعند تقابل الهواء الهابط من أعلى والهواء الصاعد من سطح الأرض تكون درجة الهواء الصاعد أقل من درجة حرارة الهواء الهابط من أعلى، ونتيجة تقابل تلك الكتل الهوائية تتكون طبقة تسمى بمنطقة الانعكاس الحرارى أو الانقلاب الحراري، ويترتب على ذلك عدم استمرار تصاعد الهواء إلى أعلى وتراكم الملوثات فى طبقة لا يتعدى ارتفاعها فى بعض الأحيان ٢٥ مترًا فوق سطح الأرض مما يؤدى لزيادة الإحساس بهذه الملوثات وحدوث نوبات تلوث الهواء الحادة ومما يزيد من حدة هذه النوبات سكون الهواء إذ تصل سرعة الرياح أحيانًا إلى صفر/ ثانية.
وحول حرق المخلفات الزراعية وخاصة قش الأرز رصد تقرير وزارة البيئة كيفية مواجهة ظاهرة حرق قش الأرز من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الاقتصادية للاستفادة منه على النحو والتعاقد مع بعض الشركات لجمع قش الأرز من حقول المزارعين وكبسه، وهو ما يعتبر الخطوة الأولى فى سبيل مكافحة هذا التلوث ومنع الحرق المكشوف، حيث كانت شركة كوين سيرفس التابعة لجهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة من أولى الشركات التى تعاونت مع الوزارة فى هذا الصدد منذ ستة سنوات ، حيث تعمل الشركة هذا العام فى مراكز فاقوس وأبو حماد وههيا بمحافظة الشرقية بمساحة 32 ألف فدان بطاقة إنتاجية قدرها ٥٠ ألف طن، وللشركة أسلوبها المتميز فى التعامل مع منظومة قش الأرز ، حيث تنتقل المعدات إلى حقول المزارعين ليتم الكبس ثم النقل إلى مراكز التجميع بواسطة إدارة النقل بالقوات المسلحة. لذلك تشمل المعدات العاملة لدى الشركة ٦٧٥ معدة منها ٣٠١ معدة مقدمة من وزارة الدفاع، ٣٧٤ معدة مقدمة من وزارة الدولة لشئون البيئة، كما تعمل الشركة بقوة بشرية مقدارها ١٤٢٨ فردًا تم تدريبهم على أعلى المستويات للعمل وصيانة المعدات فى ٣٧ موقعًا.
وشد التقرير على أهمية إشراك القطاع الخاص فى هذه المنظومة حيث تم التعاقد هذا العام مع شركتين ، الأولى تعمل فى مراكز محافظة الغربية و القليوبية، إضافة إلى ٤ مراكز من محافظة الدقهلية (بلقاس – ميت غمر – طلخا – أجا) وبعض مراكز محافظة الشرقية (أبو كبير – الإبراهيمية – بلبيس – مشتول السوق – منيا القمح – الزقازيق – القنايات) وذلك بإجمالى مساحة ٢٥٠ ألف فدان لجمع وكبس فى حدود 380 ألف طن، بإجمالى معدات 1862 معدة، وتعمل الشركة من خلال 30 موقعا فى محافظة الغربية، 20 موقعا فى محافظة الشرقية، 12 موقعا فى محافظة القليوبية، ٣٩ موقعا فى محافظة الدقهلية وبإجمالى 101 موقع.
أما الشركة الثانية فتعمل فى مركز المنصورة ودكرنس وبنى عبيد فى مساحة 77 ألف فدان بطاقة إنتاجية قدرها 65 ألف طن بحجم معدات 230 معدة من خلال 20 موقع، ويبلغ عدد المعدات العاملة فى هذه المنظومة خلال هذا العام 3146معدة تشمل جرارات ومقطورات للنقل ولوادر بشوكة ومكابس دائرية ولمامات وموازين ومعدات إطفاء ، وتعمل هذه المعدات فى مساحة قدرها 429 ألف فدان بطاقة إنتاجية قدرها 495 ألف طن قش أرز من خلال 159 موقعًا للتجميع ، هذا بخلاف برنامج التدوير لدى المزارع الصغير والذى تدعمه الوزارة سنويًا لتدوير 100 ألف طن.
ويتناول التقرير أيضا أوجه التعاون بين وزارة البيئة ومديريات الزراعة بتحديد كبار المزارعين فى هذه المناطق لكى تتولى الشركات التعاقد معهم فى حالة رغبتهم فى نقل القش بمعرفتهم إلى مراكز التجميع مقابل ٤٠ جنيهًا للطن، كما يمكن لصغار المزارعين توريد القش لهذه المراكز مقابل ٤٥ جنيهًا للطن تدفعها الشركة فور التوريد حيث تم إنشاء مصنعين بمحافظة الشرقية (منطقتى الخطارة والقرين ويتم إدارتهم بواسطة الهيئة العربية للتصنيع بطاقة ٣٠٠ ألف طن، ومصنعين بمنطقة قلابشو بالدقهلية بواسطة وزارة الإنتاج الحربى ويتم إدارتهم بواسطة إحدى شركات القطاع الخاص بطاقة ٣٠٠ ألف طن، إضافة الى إنشاء وتشغيل مصنع بمدينة السادات لتحويل قش الأرز إلى بديل للتربة الزراعية بطاقة ٥٠ ألف طن سنويًا، وحدتين نموذجيتين لإنتاج الغاز الحرارى بمحافظتى الشرقية والدقهلية بطاقة ٥٠٠ طن/ سنويًا وتقوم كل وحدة بتغذية ٣٠٠ منزل، كما أشار إلى تنفيذ مشروع فى محافظة الشرقية بالتعاون مع جمهورية التشيك لتحويل قش الأرز ) إلى قوالب وقود حرارى بطاقة ٥٠ ألف طن يُصدر إنتاجها إلى الخارج.
وفى مجال تدريب وتأهيل العاملين فى نشاط زراعة الأرز قامت الوزارة بالتنسيق مع مديريات الزراعة بالمحافظات بتدريب مايزيد عن ٢٦ ألف فرد مابين مهندس زراعى ومزارع على الإستخدام الآمن للمخلفات الزراعية وإنتاج السماد العضوى والأعلاف غير التقليدية، و تنفيذ العديد من برامج التوعية للمزارعين تضمنت تنفيذ 35 حملة توعية عام 2011 بالمحافظات لتوعية المزارعين والمشرفين الزراعيين بسبل الاستفادة الاقتصادية من المخلفات الزراعية ومخاطر حرقها، إضافة إلى أهمية الالتزام بالمساحات المقررة قانونًا، حفاظًا على الصحة العامة، وعلى الاستغلال الأمثل للموارد المائية.
ننشر تقرير "البيئة" حول السحابة السوداء قبل إعلانه رسميا.. حرق المخلفات الزراعية والصلبة وعوادم المركبات أهم أسبابها.. ووقوع القاهرة والجيزة فى منخفض على النيل يجعلهما "بوتقة" تتراكم فيها الملوثات
الأربعاء، 07 سبتمبر 2011 10:38 ص