سعيد سالم يكتب: النهضة بين الدستور أولاً وإقرار مبادئ فوق دستورية!!

لا أعتقد أن نهضة مصر المأمولة ترتبط بأى حال من الأحوال بطلب أسبقية وضع دستور جديد قبل انتخابات البرلمان، أو بأسبقية الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية عليه، أو بوضع مبادئ فوق دستورية قبل أو مع وضع الدستور!!

ومن الغريب أن تأخذ هذه المسألة كل هذا الحجم من المشاحنات والخلافات بين مختلف الفصائل والقوى السياسية فى مصر، خاصة وقد ملكنا نتيجة استفتاء واجبة الاحترام، وافقت فيها غالبية من الشعب على مواد دستورية وضعت ترتيباً لهذا الأمر فى 19/3/2011 فأصبحنا أمام إرادة شعبية حرة واجبة التوقير والتنفيذ.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الدستور ما هو إلا مجموعة كلمات صماء تُكتب بعناية بلاغية نحوية دقيقة، ورغم ذلك فإن من السهل إهمالها والعبث بها.

فمثلاً - التعليم وفقاً للدستور (مجانى) ولكنه على أرض الواقع (مُكلف جداً جداً!!)، وكذلك فإن حقوق الإنسان مُصانة بالدستور، ولكن هيهات هيهات أن تجد لها حماية على أرض الواقع !! وكذلك العلاج فهو حق مكفول لكل مواطن، فأين هُم المواطنون منه – خاصة الفقراء؟!
إذاً – فإن الأمر ليس فى مُجرد وضع دستور، ولا فى وضع مبادئ فوق دستورية، إنما فى تفعيلهما...

وإذا كان الأمر مرتبطا بتحقيق نهضة مصر من وراء وضع دستور أولاً أو ثانياً أو ثالثاً، فإن نهضة مصر لم ولن تتأثر بأسبقية وضع هذا عن ذاك، إنما تتأثر النهضة تقدماً أو تأخراً بمدى سرعة دوران عجلة العمل والإنتاج، وتنمية أرقام الصادرات وأرقام الاحتياطى النقدى والسلعى، وبمدى ما يتم بذله من جهد ومجهود وجهاد، وبمدى قدرتنا على إرساء مبدأ احترام الرأى الآخر، واحترام مبدأ سيادة القانون، وبمدى احترامنا لإرادة الشعب، وبوجود – وهو الأهم - شعب لديه الثقافة والآلية والقدرة على تغيير حكوماته بقوة التصويت فى الانتخابات، لا بمليونيات تحريرية، أو باعتصامات قصر عينية يستخدمونها بشكل أطفالى كورقة ضغط على الحاكم بعد اجتماعات تسلية على صفحات الفيس بوك!!

وكذلك الانتخابات فى المناخ الديمقراطى النموذجى، فإن مجرد اشتراك الشعب فيها واختيار أعضائه منها فمنذ هذا الحين فإن عقداً قد كُتب بين الناخب والمُنتخب لأحداث النهضة المأمولة داخل المؤسسة التشريعية الرقابية (البرلمان)، وإن لم يستطع السادة (المُنتخبون) تحقيقها فالانتخابات التى تتلوها هى موعد التغيير!!

أيها السادة ... اعلموا أن نهضة مصر مشروطة بمجموعة معايير منها:ـ
أولاً - بوعى كامل غير منقوص للرأى العام فيها.
ثم ثانياً - بعدم القفز على الشرعية، فالشرعية يجب أن تبقى شرعية حتى تغييرها بأساليب شرعية!!

ثم ثالثاً - بعدم اتباع سياسة (لى الذراع) سواء من جماعات الاحتجاجات الفئوية، أو الجماعات الإسلامية أو جماعات البلطجية أو حتى الجماعات الإعلامية!!
ثم رابعاً بالاعتراف بما سبق حتى نتمكن من البناء عليه، فلا جديد فى قول أن من ليس له ماض فليس له مستقبل، ولا جديد كذلك فى قول أن المستقبل يصنعه الحاضر بعد توفيق الله.
وهو – عز وجل - الموفق من قبل ومن بعد..