فؤاد قنديل يكتب: الشاعر والمترجم يسرى خميس .. شفاك الله

الإثنين، 22 أغسطس 2011 02:22 م
فؤاد قنديل يكتب: الشاعر والمترجم يسرى خميس .. شفاك الله الشاعر والمترجم والكاتب المسرحى الكبير الدكتور يسرى خميس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الشاعر والمترجم والكاتب المسرحى الكبير الدكتور يسرى خميس أحد أهم نجوم الستينات ونموذج رفيع للمثقف النبيل، نقل منذ أيام إلى مستشفى قصر العينى الفرنسى ( الدور السابع – قسم الباطنة) بعد أن ناوشه المرض على مدى عامين دون أن يهتم بالسؤال عنه أحد .. فهل أنستنا السياسة والمظاهرات وظروف الشهر الكريم والمشاغل الشخصية أن نسأل عنه ؟!.. هل يمكن أن تنسينا أى قضية مهما كانت أهميتها الاطمئنان على الشاعر الذى بدأ يبدع القصيد منذ الخمسينيات وما زال، وقد قدم للمكتبة العربية خمس مجموعات شعرية تحفل جميعها بالرؤية الجمالية والفكرية المميزة ومنها : قبل سقوط الأمطار " و" التمساح والوردة " و "طريق الحرير .." أساطير مائية " ومؤخرا " ممر الأفيال " .وكل أعماله تقريبا أصدرتها هيئة الكتاب وقصور الثقافة .

لم يكتب الدكتور يسرى حرفا لمجرد الكتابة أو مواكبة للأحداث والمناسبات، ولم يكتب لنقش اسمه دوما فى الصحف وإنما كتب تلبية لنداء متغلغل فى ثنايا الروح المغمورة بالحس القومى والإنسانى ولم يكتب ليحلل أو يفسر أو يشرح وإنما يكتب إذا عثر على سر النهر المجنون والجبل المرتعش ويكتب إذا اكتشف سحر اللؤلؤ المتصوف فى عشق الجمال و الذى يتجنب دروب الدمامة و الفظاظة والعنف.. يكتب يسرى لينقل إلينا بوح الأشياء الصامتة والأرواح المقموعة .

يسرى خميس شاعر وكاتب مقل لأنه لا يستمع لصخب الحياة وضجيج الأحداث الحمقاء مع أنه لا يكف عن تأمل الواقع الملتهب ولكنه ينصت لإحساسه الخاص ، ومع ذلك فلم يتنكر لمجتمعه ولا عالمه العربى وحراكه الصادم والمرتبك لكنه كان يحاور الأفكار ويصعد معها ويهبط حتى يلتقط جوهرها الصافي.

يسرى خميس أول من قدم المسرح التسجيلى فى العالم العربى بترجمته لمسرحية بيتر فايس " مارا صاد " ومسرحيته " أنشودة غول لوزيتانيا" كما ترجم أعمالا كثيرة لبريخت ودورينمات ، وكافكا ، ومن أهم مترجماته كتاب إرفين بيسكاتور " المسرح السياسى " ، كما كتب المسرحيات التى حاول من خلالها استنطاق الروح العربية إزاء المستجدات والمتغيرات ، ومن أهم هذه المسرحيات " محاكمة جان دارك " .

يسرى كما عرفته على مدى سنوات طويلة إنسان صادق مع نفسه ومع الناس ومع الفكر ومع الأمة ومع الشعر .. إنسان مرهف الإحساس ومتواضع حتى أنه كان يستحى وما يزال أن يكشف لأحد إذا عانى أو تألم ، وكم فقد حقوقا لأنه يتعفف عن مجرد الإشارة إليها . عرفته وجذبنى إليه بروحه الشفافة ورفضه للفجاجة وانزعاجه من القبح والقسوة وعشقه للجمال والحب والإبداع .. أتذكر الآن كلمة لك يا دكتور يسرى قلتها لى منذ سنوات : إذا تأثرت منابع الإبداع لدينا فى وقت من الأوقات فعلى الأقل لا يجب أن تجف منابع المحبة بين الأدباء.

شفاك الله وعافاك وأبقاك رئة نقية للحركة الثقافية .





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة