إسلام عزام

الفوضى وفخ استبداد الثورة

الإثنين، 07 مارس 2011 07:42 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بصراحة أشعر بإحباط شديد بعد حالة من الفرحة الغامرة انتابتنى الأسابيع الماضية. فحالة الشارع فى مصر بفوضويته التى أصبحت سمة سائدة تدعو للإحباط والجدل الذى يدفعنا للشجار مع بعضنا البعض طوال الوقت يكاد تقتلنى إحباطا. ومحاولة البعض تقنين الفوضى وعدم احترام القانون أيضا محبطة. وبصراحة أكثر ربما أعجز عن تفسير ذلك أو حتى الوقوف على أسباب شبه منطقية لهذه الحالة التى تسيدت المشهد المصرى.

فجميعنا وقعنا فى فخ تصديق أن انضباط الشارع المصرى لن يعود إلا بعودة الشرطة. وهذا حقيقى فى جزء منه لكنه ليس وحده الحقيقة كاملة، إن ربط حزام الآمان لا يحتاج للجنة للتأكد منه والالتزام بالقواعد المرورية البديهية لا يحتاج لضابط كى يفرضه. إن ما فعله المصريون أثناء الثورة انهار بعد نجاحها فى خلع الرئيس، فاللجان الشعبية فى بعض المناطق التى لم تختفِ منها تحولت لمسخ مشوه من رجال الشرطة السابقين بعنجهيتهم وصلفهم. وهو نفس الأداء الذى رفضناه من ضباط الشرطة من قبل وكان سببا رئيسيا فى فى ثورتنا على النظام الاستبدادي.

إن مشكلة ما يحدث الآن أنه يصب فى مصلحة التمرد الصامت لضباط الشرطة وإصرارهم على ألا يعودوا لعملهم، رافعين حججا من عينة لقد فقدنا احترامنا وهيبتنا فى الشارع. لقد نجحت الثورة رغم محاولات النظام المستميتة قتلها والتى كان من بينها انسحاب الشرطة من الشارع. ولقد استطعنا إفشال مخطط إما النظام المستبد وإما الآمان والاستقرار. بتشكيل تلك الجان الشعبية المبهرة التى دافعت وحافظت على الانضباط لثلاثة أسابيع. وهو ما أوجع النظام البائد وأصابه فى مقتل. واليوم تنهار هذه المقاومة تحت وطئة الفوضى، وهذا الانهيار ربما يدفعنا بعد وقت ليس طويلا للقبول بشروط رجال الشرطة فى العودة لعملهم.

طوال ثلاثين عاما تحملنا عجرفة الشرطة وبطشها فى التعامل مع الناس، واليوم يثأر المصريون لكرامتهم التى أهدرتها الدولة الأمنية، وهو حقهم بدون جدال، لكن لن نحصل على حقنا فى الثأر عبر تصدير الفوضى، بل بمزيد من الحفاظ على الإلتزام فى الشارع كى نؤكد لهم أننا لسنا فى حاجة للأسد المرعب كى نسير باطمئنان فى الشارع.

إن المسألة اليوم تقترب من كونها رهان على الوقت والقدرة على التحمل، فالشرطة تأبى أن تعود إلا بهيبة البطش القديمة وهو ما يحاول الشارع مقاومته بعنف لكن الغالبية أوشك صبرها على النفاذ، فالانضباط ضرورى كى نستطيع الاستمرار فى العمل ومواصلة الحياة. وبين محاولاتهم استرداد احترامهم ومقاومتنا الأسلوب القديم يضيع الكلام الجاد حول من يرفض العمل من رجال الشرطة وفقا لمعايير تحترم القانون وتحافظ على كرامة المواطن كبديهية لا تهاون فى تنفيذها عليه أن يحرم من عمله أصلا وألا يتقاضى راتبه الذى يمنحه إياه دافع الضرائب المصرى.

واحترام القانون نفسه هو المبداء الذى علينا أن نقاتل من أجله كى نستطيع المضى للأمام نحو مناقشة جادة لأوضاعنا فى فى مؤسسات عملنا. لكن للأسف هذا ما لا يظهر فى الصدارة اليوم. حيث الفوضى صارت نهجا رئيسيا. فعلى سبيل المثال لا لحصر شهدت الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين والتى لم يكتمل نصابها قبل أيام ترهيبا لأعضاء مجلس النقابة لإجبارهم على تقديم استقالاتهم. أليس هذا المجلس منتخبا وجاء معبرا عن إرادة جموع الصحفيين فى انتخابات لم يتردد أنها مزورة او ما شابه. وعلى الجانب الآخر تشهد المؤسسات الصحفية وبالأخص القومية ترهيبا مماثلا لرؤساء تحريرها ورؤساء مجالس إداراتها ليتركوا مواقعهم. بصرف النظر عن القوانين والوائح التى تحكم عملية التغيير. وبدلا من الجدل حول آلايات فعالة تضمن أن يأتى التغيير لصالح العاملين ولصالح ضبط الآداء التحريرى لهذه الصحف وتنظيم لوائح عملها الداخلية. يدور الجدل حول تقييمنا لأشخاص وأسماء بعينها بناء على اتجاهتها السياسية وأفكارها وقناعاتها. فهذا بالضرورة خائن، لأنه كان مؤيدا لمبارك وللحزب الوطنى وهذا بالتأكيد شريف فقط لأنه كان معارضا.

أعتقد أنه آن الأوان للثورة أن تنأى بنفسها عن الوقوع فى فخاخ فلول النظام البائد وتتوقف عن تقييم الناس حسب أفكارهم، حتى لا تتهم بدورها بالاستبداد، بمعنى أن نعود بالأمور للأصل فيها، هذه الثورة قامت بحثا عن الحرية حريتى وحريتك وحرية من يختلفون معنا أيضا.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة