تأكدت يقيناً أن الكثير من الثوار، لا يعنيهم من قريب أو بعيد، مسألة حق الشهداء، وأنهم يتاجرون بها بمنتهى الوضوح، و"يتمنون" أن يكون القاتل "مصري"، من النظام السابق، بدلاً من البحث عن الحقيقة، حينما نشرت إحدى الجرائد المستقلة الشهيرة للغاية، خبراً، يوم 9 أكتوبر الماضى، حول أنه تبين أن سائق السيارة الدبلوماسية التى دهست المتظاهرين، "هولندي" الجنسية. الغريب فى الأمر، أن الجريدة نشرت هذا الخبر، فى صفحاتها الداخلية، ومن ضمن الخبر وليس من ضمن عناوينه، وهو أمر أندهش له، حينما تنشر الجريدة نفسها فيما قبل و بعد، عناوين براقة، حول الشهداء، فى صفحتها الأولى كمانشيت، وهو ما يوضح فى تلك الحالة، الاتجار بدماء الشُهداء، بدلاً من البحث عن الحق فعلاً!! كما أن "الثوار" لم يتناولوا هذا الخبر، بفرحة من حصل على "جزء" من الحق، إن كانوا ما يريدونه هو الحق بالفعل، وليس الغل المنتشر اليوم بشكل سافر فى مصر!!
وفى مسألة الشُهداء والقتلة، يعوز الكثيرون، إدراك التعريفات والتاريخ الخاص "بالقناصة" على مستوى العالم، كما يستوجب معرفة الأسباب التى يتم فيها اللجوء إلى استخدامهم ومن يستخدمهم، فى حالة القلاقل فى البلدان المختلفة. ففى أواخر العام 1989، كانت أغلب دول المُعسكر الشيوعى قد سقطت، وتبقى سقوط رومانيا، بينما كانت ألمانيا (الغربية) وقتها، تريد التوحد مع الجزء الشرقى منها. وطلب المستشار الألمانى هلموت كول هذا المطلب من الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتى، فقال الرئيس الأمريكى، أنه لا يمكن فعل ذلك، إلا بسقوط رومانيا. وقد حدث هذا الأمر فى ديسمبر 1989، بالفعل.
وقد نشر بعض ضباط وكالة الاستخبارات الأمريكية، فى السنوات الأخيرة وبعد حوالى العقدين، من سقوط رومانيا "بثورة" عنيفة، حقائق، حول ما قاموا به للمساهمة فى إحداث هذا السقوط. فلقد قاموا هم باطلاق "شرارة" البدء. كان هذا بتحليل بسيط قاموا به، فيما يتعلق بكيفية بدء الثورات. فلقد وصلوا إلى قناعة تفيد إلى أن المظاهرات طالما لم تحدث فيها حالات قتل واستثارة إعلامية "مصطنعة"، لا تتحول إلى ثورات. وبالتالي، كان "واجب" إحداث حالات من القتلى فى مصر أو غيرها، لبدء شرارة تلك الثورات.
وقد اعترف ضباط الاستخبارات الأمريكية، أنهم بالفعل قتلوا ثلاث مواطنين رومانيين، فى مدينة تيميشوارا، شمال رومانيا، فى بداية ديسمبر 1989، و"إدعى" الإعلام الأمريكى الدولى، فى نفس اليوم، أنهم قتلوا برصاص البوليس السياسى التابع للسلطة. وانطلقت شرارة الثورة، متأثرة بالحديث عن المواجهة "المُصطنعة" وبالثورات الأخرى (التى يُشك الآن، أنها انطلقت بطريقة طبيعية، هى الأُخرى). وقد قُتل الكثيرون فى تلك "الثورة" برصاص غير معروف مصدره، (إلى جانب من قتلوا من قبل مواجهات حقيقية) ولا يعرف أحد من قتلهم، وفى تلك الحالات، وجهت التهمة للقناصة، الذى إفترض الناس أنهم من رجالات أمن النظام!! وقد خرجت نظرية فيما بعد هذا الاعتراف الأمريكى، بأن استخدام القناصة، لا يتم من قبل المسئولين عن النظم، ولكن ممن يريدون إسقاطها!!
وفى التعريف الثابت للقناصة، تقول الموسوعات المختلفة، إنه شخص "يطلق النار من مسافة كبيرة، عن الهدف، ومن مكان خفى، يؤمن عدم ظهوره بتاتاً". ومن منطلق هذا التعريف، لا يُمكن أن يكون أى شخص من الأشخاص التى ظهرت فى مُجمل الكليبات المصورة على الإنترنت، من القناصة، لأنه ليس بهذا الغباء، لكى يُظهر نفسه، لأن هذا ينافى المهمة التى يقوم بها من الأساس، وينافى التعريف "الأمني" له. كما أن استخدام النظام للقناصة، هو نوع من العبث، لأن الإعلام العالمى كان فى مصر، واستخدام القناصة لا يعنى فى تلك الحال، إلا أن النظام كان ينتحر، وهو أمر أستبعده كلياً، فى أيام بعينها، وبالذات يومى 28 يناير، يوم كان النظام السابق لا يزال مُمسكاً بزمام الأمور، ويوم موقعة "الجمل"، التى كان فيها النظام قبلها بليلة، على رؤوس الأشهاد بخطاب الرئيس السابق، قبلها بليلة، وكنت فى الميدان لحظة الخطاب، ورُفض الخطاب قبل أن يكمله الرجل. بل إن صعود القناصة فى هذا اليوم بالذات، على أسطح العمارات المتواجدة فى الميدان، يُدين من كان يُسيطر على الميدان، حيث كان المُسيطر على تأمين الميدان يومها، هو الثوار وقد شهدت بداية هذا اليوم بنفسى، حيث لا يمكن لشخص مهما كان، أن يدخل ميدان التحرير يومها، إلا بعد التفتيش من "شباب الثورة"!!
إن من يقودون الثوار، لا يبحثون عن حق الثوار، ولكنهم يبحثون عن انتقام وغل، ولو كانوا يحبون هذا الوطن حقاً، لحاكموا مبارك، على التجهيل الذى استمر 30 عاماً، وعلى سوء الخدمات الصحية فى تلك الفترة، حتى أنه شخصياً، كان يذهب للعلاج فى الخارج، بينما قام الملك عبد الله منذ عدة أسابيع، بإجراء عملية فى الرياض بالسعودية، بدلاً من إجرائها بالخارج. إن المحاسبة، يجب وأن تكون من أجل وطن، وليس من أجل أمور شخصية، تتعلق بالانتقام، الذى سيمنح الرئيس السابق البراءة المؤكدة، فيما يتعلق بالتهمة الخاصة بقتل المُتظاهرين، التى أصبحت مسار شك كبير من المحللين على مستوى العالم.
لو كان الثوار يهتمون بالشهداء حقاً، لكانوا اهتموا بخبر "الهولندى" الذى كان يقود السيارة التى قتلت المتظاهرين، ولكانوا اهتموا بالبحث عن تعريف مُصطلح "القناصة"، ولكانوا جاءوا باسم واحد، هم على يقين من أنه فعل هذا، ولكن وكما قال صفوت الشريف، مُحقاً فى محاكمته، فإن كل الكلام فى تلك القضايا، ينطلق من كلمة "قالولوه"!!
لقد تغير العصر بالتأكيد وتغيرت معه مُفردات القوة، ولكن النظام، من العام 1952 (لم يتغير ولن يتغير قريباً، نظراً لتاريخ التعاملات الإنسانية الطبيعية)، وكل المختصين يعرفون هذا ويقولونه فى الغرف المعلقة ولكنهم يمارسون "الزعيق" الجماهيري، لكسب الناس، والناس فى أغلبهم فى مصر اليوم، أصبحوا متقززين من كم الأكاذيب، ويدركون جيداً ما تعنيه كلمة "نفاق" و"دعاية انتخابية"!! ومع تغير كل ما سبق، لم يتغير معنى ومصطلح "الحق" بعد، ولن يتغير، لأنه القيمة الباقية فى حياتنا جميعاً، وإن كان "الثوار" يبحثون عن الحق، فيجب وأن يتكلمون به، ويبحثون عنه، وإن كان يحزنهم حقاً مقتل المتظاهرين، ويريدون حقهم، فعليهم أن يبحثوا عن حقهم، بدلاً من الارتياح لمزاعم، لم يثبتوها على الإطلاق!!
لقد أُثبت فى الأعوام السابقة، أن من قام بخلق الفوضى فى العراق، هو "المجلس الرئاسي" الخاص بها، وشركة "المرتزقة الأمنية الأمريكية الجنسية"، "بلاك وترز" التى تتكون من مجموعات من القناصة المنتمين من مجموعة من مختلفى الجنسيات" والذين تعمدوا إحداث المذابح فى العراق، من أجل خلق حرب أهلية بين السنة والشيعة هناك، بعد أن كتب المستشار الأمريكى لللأمن القومى قديماً، زبجينيو برجينسكى، فى 1972، أنه من مصلحة الأمن القومى الأمريكي، تقسيم العراق!!
وأقول أخيراً، لمن يسخر من تناول الحقائق، بتكرار، أنه ومن أجل الحق، يجب وأن ينظر فى القضايا ولو مليون مرة، قبل الحكم على أى شخص، ولو كان سفاحاً، لأن هذا هو الحق، بغض النظر عن الفعل، وقد علمتنا ذلك القيم الإنسانية والأديان، فمن كان يعترض على الحق، فليعلنها عالية، وليرفض أن ثورته كانت من أجل الحق، ولكن من أجل الإنتقام والغل، ومن أجل أن يعتلى الإخوان (المستفيد الأكبر) سدة حكم البلاد!! إعلنوها بدلاً من الإتجار بدم الشهداء، وهو دم أشرف من أن يلوث، بما تريدون من مصالح شخصية، أصبحت واضحة وضوح الأعين المُجردة، ولا تحتاج إلى خبراء ليحللوا ذلك!!
وللحديث بقية،
ومصر أولاً
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية
البلد فى النازل طالما النظام لم يحاكم
عدد الردود 0
بواسطة:
gehanhany
الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فذادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الو
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام شوقى
ما ينفعش تقول الكلام ده
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود سعيد
ممتااااااااااااااز ..أخيرا حد بدأ يتكلم بعين المفكر لا بقلب الغل!
عدد الردود 0
بواسطة:
سالم مرسى
هذة هوة الكلام الصحيح لانه مش من طبيعة المصرى القتل بهذة الطريقه
عدد الردود 0
بواسطة:
هيثم صالح
تحليل سديد