اليوم، الأحد، سوف تتجه أنظار العالم إلى جنوب السودان، انتظارا لما ستسفر عنه نتائج الاستفتاء المرتقب، والذى سيحدد فيه أبناء جنوب السودان مصيرهم سواء باستمرار الوحدة، أو الانفصال عنه. ويعد الاستفتاء القادم حداً فاصلاً سوف يتحدد من خلاله مستقبل السودان، خاصة وأن انفصال الجنوب سوف يفتح الباب أمام العديد من المناطق السودانية ذات النزعات الانفصالية كدارفور، للمطالبة بالحق فى تقرير المصير، وهو ما يهدد الدولة السودانية بانقسامات جديدة خلال الأعوام القادمة. كما سيحدد أيضا الاستفتاء القادم بجنوب السودان مصير دول أخرى بالمنطقة تعانى من انقسامات عرقية و طائفية، كالعراق واليمن ولبنان وغيرها.
فى الواقع أن كل المؤشرات والتوقعات تصب فى صالح انفصال الجنوب، لاسيما أن هناك العديد من القوى الدولية تدعم هذا الانفصال، حتى يمكنها إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد، وهى الخطة التى أطلقتها إدارة الرئيس بوش والمعروفة باسم (الشرق الأوسط الجديد). ويظهر هذا الدعم الدولى جليا فى مجموعة الحوافز التى أعلنتها الإدارة الأمريكية للسودان، فى حالة قيام الاستفتاء فى موعده بنزاهة وشفافية. وأعتقد أن مسألة النزاهة فى عقلية صانعى السياسة الأمريكية، تتساوى تماما مع تقسيم السودان.
من هنا نجد أن هناك دعماً أمريكياً لمسألة تقسيم السودان، خاصة وأن مثل هذا التقسيم سيكون بداية لتحقيق مخططها بالمنطقة، والذى بدأته باحتلال العراق، والذى فتح الباب أمام صراعات طائفية، وضعت العراق على طريق التقسيم. من ناحية أخرى يحقق انقسام السودان مصلحة إسرائيلية، حليف أمريكا الأول بالمنطقة، نظراً لأنه قد يحقق ما يسمى بأمن إسرائيل المائى، وهو ما يفسر الدور الإسرائيلى البارز فى الجنوب. هذا بالإضافة إلى ما يمتلكه جنوب السودان من ثروات طبيعية تطمح العديد من القوى الغربية للاستيلاء عليها، فى ظل التنافس بين الغرب والقوى الاقتصادية الجديدة الصاعدة، وفى مقدمتها الصين على التواجد بفاعلية على الساحة الأفريقية.
وبالرغم من الدعم الأمريكى الدولى لانفصال الجنوب، والذى ظهر جليا من خلال تشجيع الجنوبيين على الانفصال، وكذلك بفرض نوع من الحصار على حكومة الخرطوم، والضغط عليها اقتصاديا وسياسيا، وملاحقة رموزها جنائيا، عن طريق المحكمة الجنائية الدولية، لم يظهر فى المقابل تحركا سودانيا أو عربيا جماعيا ملموسا لجعل الوحدة جاذبة، أو حتى لتحقيق مصالحة قائمة على تحقيق نوع من التعاون بين شمال السودان وجنوبه، لتفادى الصراع المحتمل فى حالة الانفصال. وهو ما يعنى أن هناك احتمالات لقيام حرب جديدة فى المنطقة سوف تستنزف القوى العربية وتزيدها تفتيتاً، وكذلك تشتيت الانتباه العالمى بعيداً عن قضايانا العربية، الأمر الذى يصب كليا فى صالح القوى غير العربية بالمنطقة، والتى تسعى لإقامة إمبراطورياتها على أنقاض الكيان العربى المتفكك.
لا يعد انفصال الجنوب وانقسام دولة السودان هو نهاية المطاف، فمازالت هناك العديد من الدول التى ستعانى من نفس الضغوط من أجل أن ينالها نفس المصير، وذلك لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، بهدف القضاء على الكيان العربى، والذى قد يهدد مصالح الغرب فى حالة توحده، كما حدث إبان حرب أكتوبر 1973، عندما أوقفت الدول العربية البترولية تصدير البترول للدول الداعمة لإسرائيل، وهو وما يعكس قوة هذا الكيان عند توحده.
بيشوى رمزى يكتب: هل سيكون استفتاء اليوم بداية للشرق الأوسط الجديد؟
الأحد، 09 يناير 2011 09:49 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة