شريف حافظ

بيشوى فؤاد وميار محمد هما مصر

الإثنين، 10 يناير 2011 06:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد تُعرف مصر بالأهرامات والآثار التاريخية عبر الزمن، بمساجدها التاريخية وكنائسها القديمة، بالنيل وما يُشكله من عطاء على مدى التاريخ.. بموقعها الجغرافى ومساحة أرضها الخصبة والصحراوية، قد تُعرف بكل هذا، الذى يُمثل حقائق، لا يُمكن أن تخطئها الأعين أو العقول، ولكن، هل يُمكن أن تُعرف مصر بشخصين، يُمكن أن يُعبرا عن مجموع المصريين من كل جنس ودين؟ وعندما تعلم، أن كُلاً من المصريين، فى ريعان الشباب، وأنهما منحا درساً ثميناً لنا وبثا استعادة الأمل فى بلادنا، مصر، فى عروقنا، فإنك ستدهش، وكأنهما صنعا المُعجزة، التى طالما انتظرناها.

ماذا يخطر ببالك عندما تقرأ الاسمين؟ بيشوى فؤاد وميار محمد؟ من الواضح أن الأسمين: لمسيحى ومسلمة! ولكن كُلاً منهما عبرا عن مصريتهما خلال الأيام الماضية، فى التقاء على حب مصر، لقد فجرا إحساس الكثيرين منا، بما كتباه، والغريب، أنهما عبرا عن الشعور نفسه، رغم أنهما، لم يلتقيا من قبل، وكأنهما عبرا عن وجدان الأمة، فى لحظة ساحرة.

كتب بيشوى فؤاد مقال بعنوان: "شكراً يا أخويا المسلم" فى مجلة كلمتنا، بينما كتبت ميار محمد، مقال صغير (نوت) فى الفيس بوك، بعنوان "عيد المصريين"، وقالا تقريباً نفس الكلمات، لقد عبرا عن لحظة فاصلة أثرت فى كياننا، بعد أن شهدنا الجريمة المأساوية التى عبر عنها من حاولوا استهداف مصر والمصريين، فسرقوا فرحتنا بقدوم عام جديد، ولكنهم لم يستطيعوا أن يقضوا على الأمل فينا، بدليل وجود كل من ميار وبيشوى، معنا اليوم، يُعبرا عن تربة مصر الخصبة، التى تستمر دوماً فى العطاء.

كتبت ميار حول زيارتها للكنيسة ليلة عيد الميلاد، بدعوة من صديقاتها المسيحيات وحول كذب ما يُشاع حول الكنيسة والروح الكارهة بها لغير المسيحيين، وكتب بيشوى حول ما رآه من "دروع بشرية" مسلمة، تحيط بالكنائس، مُقيدة الشموع، دون خوف، تجسيداً لشعب واحد على قلب رجل واحد، لا يهاب الموت، ويرسل رسالة قوية، لأعداء مصر، بتوحد شعبى راسخ.

المسلمون ملئوا الكنائس أيضاً، كما عبرت ميار، ودخلوا واندمجوا مع المسيحيين جميعاً، من بداية الاحتفال إلى آخره، كما قال بيشوى، لقد كانت مشاعر الود بل الحب عالية، وكانت العظة عامة، كما قالت ميار، وما لم تفهمه، وضحته لها، "مدام لطيفة جداً" كانت تجلس إلى جانبها، وكان المسلمين، حتى بالحجاب، فى كامل تأنقهم، كما قال بيشوى واصفاً سيدة محجبة معها بناتها الثلاث المحجبات، وكانت هناك أيضاً، سيدة منتقبة، كما قالت ميار.

ويقول بيشوى، "وأنا بشكر كل مسلم ساب بيته ليلة العيد، وفضل واقف فى البرد بره، وقال أنا هنزل عشان إخواتى المسيحيين.. وعشان يحمينا.. وعشان هو مؤمن بالوحدة.. بجد أنا بشكركم من قلبى"، كما كتبت ميار، "اليوم فعلا كان جميل وفعلا من حسن حظى أنى عرفت أدخل، نفسى كل عيد يحصل كده وشكرا فعلا على التسهيلات إللى اتقدمت لينا والترحيب إللى اتقدملنا، وفعلا "أنتم أردتم لى شرا والله أراد به خيرا"، واللى حصل كان خير لمصر كلها".

لقد انهارت دموعى بينما كنت أقرأ ما خطاه، كُلاً من بيشوى وميار أو ميار وبيشوى (فلا يوجد ترتيب للمصريين وفقاً لهويتهما أياً كانت، إلا على أساس احترام الإنسانية والقانون)، لقد كان تعبيراً صادقاً من القلب، ببراءة الشعور الجارف داخل كُل منهما على حدة، ليتجمع ما كتباه، مُثيراً مشاعرنا حُباً ووجلاً، وإيماناً بمصريتنا.

إنهما مصر، هما الأيقونة أو الرمز الذى يُعبر عنا جميعاً، وبينما لا أعرف عُمر بيشوى تحديداً، فإننى أعرف أن ميار مواليد 10 يناير 1992، أى أنها تخرج من طور الطفولة إلى طور الشباب، وقد تمت عامها الـ 19 اليوم، الاثنين، لقد منحانا درساً عظيماً فى المواطنة والحب لهذا البلد، وقد أشعرونا بقوة بعد ضعف، بنور بعد ظلام، وكسروا حاجز الخوف فى قلوبنا، وغسلوا دموع الحزن، لتحل محلها أدمع الفرح، بعودة الأمل إلى نفوسنا، فى غد أفضل.
ومصر دائماً وأبداً أولاً.

• أستاذ علوم سياسية








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة