استيقظت فى الصباح لأذهب إلى عملى فجدت تطورات غريبة الشارع لامع مفيش نقطة زبالة ولا حباية تراب.. سيولة فى المرور والشوارع تكاد تكون خالية من الأمن عربات قليلة.. الأرصفة خاوية لا تركن عليها سيارات فأسير عليها وأقول لنفسى يا أرض انهدى ما عليكى قدى، ولكن صوت الباعة الجائلين مازال موجودا، ولكن بدون مكبرات للصوت تالفة تزعج النائم وتوقظ الطفل الرضيع، ولكن يغنى البائع بصوت رخيم يلا كيلو الطماطم بخمسة صاغ أى بشلن.. وبعده بائع آخر يلا البلطى بستين قرشا.. وبعده بائع آخر يلا خمسة كيلو بطاطس ببريزة.. صعقت أيه هو فيه أيه؟ امبارح أنا جايب كيلو البطاطس بـ4 جنيهات النهاردة الخمسة كيلو ببريزة إزاى؟
أنا انضحك علىّ امبارح ولا أيه؟ ومشيت أكاد أكلم نفسى لقيت جزارا كاتب كيلو اللحمة بتلو ممتازة بـ65قرشا سجق بلدى رائع بـ30 قرشا.. أيه أنا اتجنيت ولا أنا نايم؟ تأكدت أننى فعلا مستيقظ وأسير بالفعل فى الطريق، دخلت فى طريقى إلى أحد مكاتب البريد لأسجل خطابا بعلم الوصول فوجدت الموظف أهلا وسهلا شرفتنا يا أفندم يسعدنا رؤيتك ويقدم لى قطعة من الشيكولاتة وقد قام بختم الخطاب وأعطانى الإيصال أسرع من البرق والابتسامة العريضة على وجهه وودعنى بكل رقة وأدب ثم ذهبت إلى السجل المدنى قابلتنى الموظفة بالترحاب والابتسام أيضا أهلا يا أفندم سيادتك تؤمر بأيه؟ قلتلها مستخرج رسمى ردت بابتسامة رقيقة بس كده اتفضل فخرجت وأنا مذهول وأردد العبارة يبدو أننى اتجنيت.
ظللت ماشيا وكأننى إنسان آلى فى خط مستقيم ركبت الأوتوبيس وجدت الجميع يجلسون على المقاعد ولا يوجد أحد يقف فجاء لى الكمسارى تذكرة يا أفندم فأخرجت جنيها فقال لى معاك شلن فكة قلت له التذكرة بجنيه فضحك جنيه أنت ما ركبتش هنا قبل كده ولا أيه؟
قلت له ده أنا أركب يوميا والزحمة كسرت عضمى قاللى زحمة أيه يا أستاذ إحنا لا نركب أشخاصا إلا بعدد المقاعد أنت بتحلم ولا أيه فدخلت المصلحة التى أعمل بها مزهلا فلم أجد على زميلى يحل الكلمات المتقاطعة وعنايات زميلتى منهمكة فى العمل ولا تقمع بامية أو تفرط بسلة كعادتها يبدو أنى اتجننت.
انتهى العمل بعد أن عمل الجميع فى صمت فى قمة الجدية ومراعاة الضمير مررت على بائع الفاكهة فقلت له بكم كيلو التفاح الأمريكانى؟ قال لى بخمسين قرشا فقلت له الأمريكانى قال لى مرة أخرى بخمسين، قلت له هات خمسة كيلو فرصة بقى ركبت القطار لونه رائع أزرق اللون من أسفل أصفر من أعلى ونظيفة جدرانه التى علمت أنها تغسل مساء وصباحا بالصابون وفتح الباب أتوماتيك ودخلت لأجد المكيف رائع التهوية وزجاج النوافذ براق شفاف كالكريستال والكراسى ناعمة كريش النعام والأرضيات موكيت أزرق اللون والسرعة رائعة والمحطات فى أبهى زينتها نزلت وأنا أقول لنفسى يبدو أننى اتجننت.
وسرت باقى الخطوات حتى أصل إلى منزلى، حيث المسافة بينه وبين المحطة حوالى ربع ساعة وأثناء سيرى ألقت إحدى السيدات من شرفتها تشت مياه "جردل ماء" أغرقنى فوقنى أزال النظارة الوردية من على عينى لأرى كل شىء على طبيعته وأنا أسمع أغنيه تملأ الشارع "حمد الله عالسلامة يا راجع من السفر"
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة