الروائى رشيد غمرى: أشرار العالم يستخدمون الأديان لخلق العداوات

الأحد، 12 سبتمبر 2010 08:17 م
الروائى رشيد غمرى: أشرار العالم يستخدمون الأديان لخلق العداوات الروائى رشيد غمرى
حاوره بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال الروائى والفنان التشكيلى رشيد غمرى مؤلف رواية "الجبانات" الصادرة حديثا عن دار كيان للنشر إننا نعيش العصر الذهبى للشيطان الذى يمارس عرضًا داعرًا على مسرح دنس مرتديًا عباءة الدين ومتقمصًا زورًا وكذبًا المشيئة الإلهية، ولو كان للمتدينين الجدد من طالبان إلى اليمين الأمريكى الصهيونى أى علاقة بالله لما كان حال العالم بهذه القسوة.

اليوم السابع التقى رشيد غمرى وحاوره حول روايته "الجبانات"، والتى تدور أحداثها حول حالة من الانتحار فى أوساط الشباب المصريين وتتسم بالغموض، وتتناول هوس الحب والموت لدى فنان تشكيلى مهووس بالجسد الأنثوى، ويتنقل غمرى بين عدة أزمنة بدءاً من الربع الأخير للقرن التاسع عشر، وحتى السنوات العشر الأخيرة.

إلى أى مدى تتماس رواية "الجبانات" معك خاصةً وأن البطل فنان تشكيلى وصحفى؟
الرواية ليست سيرة ذاتية، لكن ربما تكون بورتريه لوطن ينتحر، وأعتقد أنه من الطبيعى أن يكتب الروائى عن أشياء يعرفها، خصوصًا عندما يكون موضوع الرواية عن حالة الموت التى نعيشها على معظم المستويات، أشترك مع البطل فى أننى أمارس الفن لكن كهواية، من شاهد لوحات معرضى (حفريات الجسد) سيعرف أننى وصفت بعض لوحاتى داخل الرواية. وبالنسبة لعالم الصحافة فالبطل اضطر للعمل كرسام كاريكاتير فى صحيفة مستقلة كمصدر للدخل، أما أنا فأعمل بالكتابة فى مؤسسة قومية، لكن معظم التفاصيل مختلفة.

ولماذا كل هذا الولع بالجسد فى أعمالك سواء الرواية أو اللوحات؟
الجسد هو الإنسان وجسر تواصلنا مع العالم، به نرى العالم ونسمعه ونستنشقه ونلمسه ونفكر به وتبدع فيه، أنا مولع بمادة الكون المدهشة والعبقرية، وأرى قدرة الخلق تتجلى فيها بشكل أعظم من التفسيرات الميتافيزيقية، الجسد ابن الكون بعناصره مضافًا إليه معجزة الحياة التى نشأت قبل مليارات السنين وأخذت تتطور حتى وصلت إلى الإنسان، وإذا كنت تقصد الجسد على المستوى الحميم فى العلاقة بالمرأة فهو أحد أهم تجليات الوجود.

لماذا اخترت الجبانات مسرحًا لروايتك وجعلت من الانتحار تيمة أساسية لنهاية حياة المثقفين والمبدعين؟
ربما لمرارة الواقع، فنحن نعيش حقبة سيئة من تاريخ العالم، كراهية وشر وحروب، معظمها بسبب الأديان التى من المفروض أن تكون طرقاً لمعرفة الله، أشرار العالم يستخدمون الأديان لخلق العداوات، لذلك فإننى رغم الهوس الدينى الذى يجتاح العالم ويجتاحنا، ورغم مظاهر المبالغة فى الشكليات الدينية عندنا من حجاب ونقاب وعلامات صلاة ودروشة، إلا أننى أستطيع أن أقول وأنا مرتاح الضمير إننا نعيش العصر الذهبى للشيطان الذى يمارس عرضًا داعرًا على مسرح دنس مرتديًا عباءة الدين ومتقمصًا زورًا وكذبًا المشيئة الإلهية. لو كان للمتدينين الجدد من طالبان إلى اليمين الأمريكى الصهيونى أى علاقة بالله لما كان حال العالم بهذه القسوة. أضف إلى كل هذا واقعنا السياسى الخاص وحالة الضياع الشخصى التى يشعر بها كل شخص فى هذا البلد. أن تتلوث لتحيا أو لتموت بحسرتك. أما المبدعون فهم روح أى وطن وهم الأكثر استشعارًا للخراب لذلك يرحلون.

ثمة إصرار على نعت الأب فى الرواية والإشارة إليه بــ"الأستاذ" وشعورك بأنه رقيب، فيما تشير إلى عمك الذى تزوج مسيحية كأقرب إنسان إليك؟
لأن الأب فى الرواية يرمز إلى جيل الانهزام، كان فى الطليعة وتزوج من السيدة المتحضرة الأنيقة التى تشبه هيئتها فاتن حمامة، ولكن عندما رحلت استسلم للزواج من امرأة منقبة عائدة من السعودية مع أسرتها بعد طلاقها من رجل سعودى. وشتان ما بين الأم ابنة الشيخ نور الدين وما يمثله من تدين مستنير وبين هذه المرأة الجاهلة محدثة النعمة التى أتت من السعودية بالنقاب. هذا الرجل الذى تحول من الاتحاد الاشتراكى إلى حزب مصر إلى الحزب الوطنى، والذى لديه أفكار محافظة فضلاً عن أن المرأة المنقبة التى أدخلها إلى البيت انتهكت روح البطل الطفل وجرته فى مراهقته إلى الإحساس بالخطيئة. وهذا بالضبط ما يفعله بنا التدين الشكلى الذى يبالغ فى مطالباته ويتركنا فريسة للإحساس اللاإنسانى بالخطيئة لكى يجعلك محتقرًا لنفسك ومنقادًا وشاعرًا بالتقصير. هم لا يريدون أناسًا يعتزون بذواتهم إلا من خلال مجموع هم يقودوه. يصبح مجال التحقق الشخصى الوحيد عبر الانصياع التام لهم. هذه اللعبة الجهنمية لقتل الروح سمح بها الأستاذ عبد الحميد فى بيته. أما العم فهو المعمارى المعارض المتحرر الذى لم يمنعه الفارق الدينى من الحب، إنه أحفورة إنسانية لعصر ما قبل هجوم التتار الجدد، لذلك من الطبيعى أن ينحاز له الابن الفنان.

هناك تعدد للأصوات والأزمنة والأماكن أيضًا.. كيف استطعت أن توظف هذه الدلالات؟ ألم تخش أن تفقد قارئك فى الطريق؟
خشيت فعلاً أن يحدث ارتباك وعملت كثيرًا فى مراحل المراجعة لفك الاشتباك، أنا شخص مولع بالحكايات، ومقتنع أن العالم حكاية كبيرة تضم مجموعة لا نهائية من الحكايات.

ألا تتفق معى أن روايتك كانت سببًا كبيرًا فى معرفتك كروائى وليس كشاعر صدر له ديوان من قبل؟
الديوان كان تجربتى الأولى والروايات عموما تلقى اهتماما كما أننى كتبت الرواية وأنا أكثر نضجا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة