شريف حافظ

توقيت "فئران التجارب"

الخميس، 12 أغسطس 2010 08:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما هى نوعية الرسالة التى ترسلها الحكومة إلى الناس، فيما يتعلق بتغيير التوقيت، من أجل صيام رمضان، بينما البلاد تمر بمرحلة تغيير لأغلب المعايير بشكلٍ ما؟ غيرنا الساعة إلى التوقيت الشتوى ببدء صيام رمضان، لنعيدها، مع نهايته، إلى التوقيت الصيفى، ثم نغيرها مرة أخرى بعد ذلك بشهر إلى التوقيت الشتوى!! إنى لأستشعر أن ما يتغير، ليست عقارب الساعة ولكن عقارب هوى الحكومة، برسالة "غاية فى العشوائية"، ولا علاقة لها بالتنمية وإن توافقت مع قوانين "مُنزلة" علينا من أهل القمر، ولا تمت لأهل الأرض ولا بدولة مدنية ولا دينية ولا حتى ساكسونية، بأية صلة تُذكر!!

فإن كان القانون رقم 14 لسنة 1995، ينص على تطبيق نظام التوقيت الصيفى اعتبارا من يوم الجمعة الأخيرة من شهر أبريل حتى نهاية يوم الخميس الأخير من شهر سبتمبر من كل عام، والقانون رقم 141 لـ 1988 يستثنى شهر رمضان من كل عام من نظام التوقيت الصيفى، فإن الأمر بهذا الشكل، المتبع هذا العام، يجعلنا أضحوكة للعالم أجمع، وهو أمر لا يحدث فى أى مكان آخر فى العالم، بما فى ذلك الدول التى يصوم أغلب سُكانها وهى أشد حرارة من مصر. هل بهذا التوقيت، سنصوم وقتا أقل مما لو قد صمنا بالتوقيت الصيفى؟ ثم كيف نقبل بأن يكون توقيتنا شتويا ونحن فى "عز الصيف"؟ أهو نموذج للفهلوة الحكومية الرسمية؟

ما هى طبيعة رسالة حكومة نظيف فى مسألة تغيير التوقيت بهذه الطريقة الفجة؟ أعرف أن من يحكمنا فى تلك الحكومة اللولبية، هم فى الأغلب من رجال الأعمال، وبالتالى، ومن منطلق فهمهم فى شئون "البزنس" أكثر منى، أسألهم: هل هذا التغيير، لن يؤثر فى تعاملات مجتمع الأعمال الدولى معنا، كدولة "عقلانية"؟ يعنى الموضوع ده، لا ليه علاقة بدين ولا بمدنية، ولا بأى شىء له علاقة حتى برمضان وتيسير الصيام على الناس، لأن الناس ستصوم نفس عدد الساعات، وبالتالى، ما هى الفائدة العائدة حتى على الدولة؟ أم أن الأمر برمته، ما هو إلا إتباع "لحرفية" قانون دون روحه والظروف المحيطة به؟ يعنى بجبها كده، أجبها كده، مش عارف، فين العقلانية، ورا القرار ده؟

كان الصيام سيتم من الساعة 4.37 وحتى الساعة 7.40، فأصبح من الساعة 3.37 إلى الساعة 6.40 (وفقاً لإمساكية صيام مدينة القاهرة فى أول يوم)!! يعنى نفس عدد الساعات!! ولكن ربما ترى الحكومة، الفرق فى الساعة بينما الناس نيام، رغم أن عادات رمضان تختلف مع الناس، ولكن الحكومة ربما لا تعرف! فأنا وأغلب من أعرفهم من مختلف المسلمين الصائمين، وبغض النظر عن درجة إعتدالهم أو تشددهم، يميلون إلى النوم أكثر قبل الإفطار مُباشرةً، منه فى الصباح، وبالتالى، فإن الأمر لم يفرق معهم بهذا الشكل الذى تتوقعه الحكومة، بل إنهم يسخرون من الحكومة إلى درجة كبيرة للغاية على خلفية هذا الموضوع!! وقد كلمنى صديق يعمل طيارا فى الطيران المدنى وقال لى إن المسألة تُعد أضحوكة للقائمين على حركة الطيران من وإلى مصر!

إلا أن هذا الموضوع، يطرح أمرا آخر، بينما نُشاهد تلك الفُكاهة المزرية من قبل حكومتنا التى لا تماثل أية حكومة فى العالم، وهى مسألة خاصة بعملية اتخاذ القرار فى مصر: هل يتخذ القرار فى مصر بتلك الطريقة الفُكاهية؟ وأعنى هنا القرار فى شتى الأمور!! يعنى هل يتخذ القرار الاقتصادى والسياسى، بتلك الطريقة التى يتم فيها التغيير بشكل عشوائى؟ وكأن الحكومة ترى فى المواطنين، فئران تجارب! إن هذا الأمر، يُماثل موضوع قرار سنة 6 وسنة 5، فى المرحلة الابتدائية، حتى أننى لا أعرف الآن، إن كانت الابتدائية تنتهى بسنة 6 أم بسنة 5؟؟! وهو مماثل أيضاً لقرار إضافة محافظات جديدة، لم يُعرف "حيزها الجغرافي" وقت تدشين القرار، وكأن الحكومة تُجيب مثل الفنان عادل إمام فى فيلم "بخيت وعديلة" (الجزء الأول) حين سئُل حول ماذا يُصدر أو يستورد هو وشريكته، حين قال بأنه رجل أعمال، فأجاب، "بنصدر اللى بيصدروه وبنستورد اللى بيستوردوه"!!!

أتصور رئيس وزرائنا المبجل، أحمد نظيف وهو يدخل معملاً، لابساً بلطو أبيض، بينما يُجرب التوقيت الشتوى فى عز الصيف، ليمن على صيام مواطنى مصر، ولو "اللعبة" نفعت، يبقى كل سنة من ده أو من ده بكرة بقرشين! وربما يدخل الدكتور نظيف بهذا القرار، "موسوعة جينيس العالمية"، بقرار غير مسبوق على مستوى العالم، تحت عنوان رئيس الوزراء الوحيد فى العالم والكون، الذى "لعب فى عقارب الساعة" رسمياً "ثلاث" مرات فى شهرين، وتأخذ مصر الجائزة الأولى فى "التبدير والتأخير"، فى الوقت نفسه، ويأخذ الدكتور نظيف جائزة "العقرب" الذهبي، ليعلقه على باب مكتبه، مشيداً بإنجازات حكومته الفائقة الإتحاف، لكل مواطن ومواطنة مصرية، بل تتخطاهم بإتحاف العالم كله، بهذا القرار "العقربى" الفائق لتصور أى كاتب "خيال علمى" فى العالم، وربما نشاهد خطوات هذا القرار، وقد كُتب "مُسلسلاً" لرمضان القادم، باذن الله، تحت عنوان "عقارب نظيف"، ونرى عبقرية حكومة الدكتور نظيف، حتى ترى الأجيال القادمة، ما جنته تلك الحكومة من دروس للتاريخ، بل كيفية قُدرتها "الفائقة" على وقف التاريخ نفسه!

أتمنى لو أن حكومتنا تتوقف عن ممارسة "الفهلوة" فى قراراتها، ولا تعتبرنا كمواطنين مصريين، فئران تجارب إلى الأبد، وتساهم فى تحسين صورة مصر، لأنه من الواضح أن أكثر من يسىء إلى صورة مصر اليوم، أصبح حكومة مصر!!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة