شريف حافظ

جهاد البناء باسم الحب

الإثنين، 15 فبراير 2010 07:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحب دوماً، أصعب من الكره. فالحب بناء، والكره هدم. أغلب الأشياء الإيجابية فى الحياة، أصعب من أغلب الأشياء السلبية فى الدنيا. إن الحب والود والتواصل، تحتاج إلى مجهود، بينما الكُره والبغضاء والتنافر، لا يتطلبون أدنى مجهود. إن الحب يحتاج إلى عناية، مثل الورود التى تُروى، وتحتاج أن نرعاها ونمدها بالماء، كى تنمو وتجعل أيامنا جميلة ومليئة بالبهجة. أما الكُره، فإنه لا يحتاج إلى أى اهتمام، لأنه يعنى الموت. والحب يصنع المعجزات، بينما الكُره يصنع الدمار والبؤس. والحب ينمو فى أى مكان، "يريده" الإنسان أن ينمو فيه، بغض النظر عن الحالة الاجتماعية أو الحالة السياسية أو الاقتصادية للدولة. فالحب يمكنه أن ينمو فى أشد الأماكن فقراً وفى أقصى الأماكن ثراءً، لأنه يعتمد على الإرادة الإنسانية بالأساس. إلا أن الحب يمكنه أن يصنع رفاهية الدول وعزها ومجدها، بل وثراءها، عندما يتحد الناس ويحبون بعضهم بعضاً، من أجل بناء الأوطان.

إن الحب يطلق سراحنا ويُرشدنا للسلام فيما بيننا، عندما يعيش فى قلوبنا، لو أننا طردنا التعصب منها.

إن الاتحاد حول هدف ما، ينبع بالأساس عن الإيمان بالهدف والإيمان لا يصنعه إلا الحب. حتى أن القوة بأشكالها المختلفة، لا يصنعها إلا الحب والإخلاص، حيث الإخلاص فى أساسه حب. إن الحب يشفى القلوب. إن رفيق دربك أو عائلتك أو أصدقاءك أو مجتمعك، يُمكنه إذا ما كان يعتمد فى ترابطه على الحب، أن يمنحك الصبر والفهم والشجاعة والتسامح ويحقق لك طموحات حياتك.

إن الإنسان، لا يمكنه أن يكون إلا بجماعته التى يحيا فى وسطها. فهل يستقيم الأمر دون حب بين تلك الجماعة؟ هل يمكن الاتحاد فيما بين الناس دون حب. هل يمكن أن يحيا الإنسان وحده، ويقوم فى الوقت نفسه، بإنجازات الحياة المختلفة؟ بل إن الإنسان، دون ترابط فى مجتمعه، لا يكون لحياته معنى حقيقى. فلماذا يعمل؟ من يخدم؟ وماذا تكون معانى المُصطلحات التى حوله، إن كان وحيداً؟ ما معنى النجاح وما معنى الطموح وما معنى السعادة وما معنى الأمل وما معنى الإصلاح دون وجود الحب؟ إن كل هذا، يُحتم وجود مجتمع يحيا فيه الإنسان، كى يُقدم ما هو جديد. إن الاختلاف المحترم فى الرأى، هو الذى يبنى المجتمعات، فكيف يُبنى مجتمع، وكل ما حول الإنسان عُزلة؟ حيث يعزل نفسه وربما يعزل نفسه والقليلون معه، فى زنزانة الاعتقاد بوجوده وحده أو هو ومجموعته الصغيرة، وحدهم فى هذا العالم فى إطار من الأنانية الشديدة. هل تستقبم الحياة هكذا دون الآخرين؟ وهل يجب إلغاء تعددية الشعوب لأجل غايات عنصرية تريد للبعض الحياة وللآخرين الإيذاء أو الموت؟

إن الحب، هو الاعتراف بوجود الآخر، والتواصل معه، ومحاولة فهمه. إن الحب يعنى بذل المجهود، كى نبنيه ونحافظ عليه. إن الحب يعنى عدم الاستسلام والأمل فى الغد. إن الحب يعنى إعادة المحاولة تلو الأخرى، لفهم وجهات نظر الآخرين. إن الحب، هو ما نحيا به وما جئنا هذه الدنيا من خلاله وما نطمح فى العيش به. حتى أنه فى فحوى دعوات الأمهات والآباء، بأن يُحبب الله خلقه فينا! فلتكن كل أيامنا أعيادا للحب، ليس فقط فيما بيننا ولكن لبلادنا أيضاً!

يجب أن نعود إلى ثقافة الحياة والحب، لأن هذا لن يجعلنا نحب بعضنا ومصر فقط، ولكنه سيجعلنا نندمج مع العالم ونُشارك معه فى علومه وحواراته، التى تنبنى على الاختلافات فى الرؤى، من أجل الوصول إلى اتفاقات فى أمور وبقاء الاختلاف فى أمور أُخرى، من أجل أن نصل فى النهاية إلى ما نريده لمصرنا من رفاه وتطور وتقدم.

وسيظل الحب دوماً هو الحل، لبناء مصر من خلالنا. وسيظل هو الحل للتسامح وقبول الآخر والتعايش فيما بيننا، من أجل اتحاد على المشترك، المتمثل فى كوننا جميعاً مصريين، نريد الرفعة والعلياء والمجد لمصر، بغض النظر عن اختلاف مدارسنا الفكرية والأيدلوجية، والتى سيستمر الحوار حولها، لأن استمرار الحوار هو استمرار للحب والتطور، وبالتالى الحياة. فليكن إذن، جهاد البناء باسم الحب!

• أستاذ علوم سياسية









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة