ذهبت لمتابعة الانتخابات فى مركز "يو شاهد" أو "أنت شاهد" التابع للمعهد المصرى الديمقراطى، المستقل، لأننى لم أكن أريد أن أجلس مُتابعاً لها فقط على التلفاز، كان على أن أتأكد مما إذا كان حدث أى انتهاكات وما إذا كانت تُعبر عن رغبة الحزب الوطنى فى النزاهة بحق، كما سمعت من أُناس، أنظر إليهم نظرة احترام وتقدير، لأنهم لديهم فضل على، من ناحية تعليمى، مثل الدكتور على الدين هلال، الذى أكد مراراً عبر الشهور الماضية، بأن الانتخابات البرلمانية 2010، ستكون أنزه الانتخابات المصرية!! كنت قد رأيت أن الانتخابات ستكون بالفعل نزيهة، لأن النظام ليس بحاجة لأن يزور انتخابات ضد حزبى الوفد والتجمع المدنيين، ناهيك عن تعدد مُرشحى الحزب الوطنى، لأن النظام، قد تعلم من تجاربه السابقة!! ولكن، للأسف، ما سمعته وشاهدته من مواطنين عاديين ليس لديهم مصالح، مع أحد، كان مُحزنا للغاية، ولا يدُل على تغيير كبير، بعد مضى 5 سنوات على الانتخابات البرلمانية الماضية!!
إن التفسير الوحيد، الذى يُمكن أن يبرئ قيادات النظام من القيام بالتجاوزات والانتهاكات، ليس فى صالحهم أيضاً، حيث إن التفسير الذى يمكن أن يُبرئهم، هو أن نفصل ما بين النظام والأمن، ونؤكد على أن الأمن يعمل بمعزل عن النظام، وهو ما يُمكنه أن ينسحب أيضاً على ما حدث فى العمرانية، حيث يمكن القول، إن الأمن تصرف بمعزل عن النظام!! فلا يمكن أن نتصور أن الأمن تصرف كما فعل فى العمرانية، بأوامر من النظام قبل عدة أيام من الانتخابات البرلمانية، رغم أن الرئيس مبارك، قد أكد فى خطابه يوم 6 أكتوبر الماضي، على أن قضايا الطائفية فى مصر خط أحمر!! إذاً، فالأمن شىء والنظام شىء آخر!! هذا هو التفسير الوحيد، أو ربما، يمكن القول، إن النظام ينسى، هل هذا تفسير منطقى؟؟!
وبغض النظر عن التحليلات المختلفة، فقد حدثت انتهاكات فى الانتخابات البرلمانية بالأمس، 28 نوفمبر 2010، وصلت إلى درجة القتل، مروراً بالتحرش (صحفية اليوم السابع فى المنوفية) والبلطجة والإرهاب والتصويت، بينما المراقبون خارج اللجان وتبديل صناديق الانتخابات (لجنة تلا 97 كان بها صندوق اللجنة 99) والتصويت الجماعى الموجه (دائرة الساحل حيث طاهر أبو زيد عن الوفد) وتسويد الأصوات (وهو التعليم على بطاقات الانتخابات، دون أن يقوم بذلك الناخب، وقد حدث بكثرة لمرشحى الوطنى) وتهريب بطاقات انتخابات خارج اللجان!!
لقد قام الأمن بأغلب تلك الانتهاكات، ويجب مع ذكر الانتهاكات، ذكر بعض المظاهر المحترمة فيها، أيضاً، ففى دائرة البدرشين قدم القاضى وليد الشافعى بلاغا باكتشافه مخالفات كبيرة، كما ألغى رئيس اللجنة الفرعية بانتخابات كفر الشيخ 25 صندوقاً انتخابياً فى دائرة "الحامول والبرلس" من قريتى "أبو سكين" و"أم الشعور" بسبب المخالفات القانونية التى شابتهم.
ويجب هنا التأكيد، على أن ما أذكره، قد ذكره بشكل عام أيضاً، المجلس القومى لحقوق الإنسان!! وبالطبع، الحديث بالكامل، عن المخالفات ضد المرشحين المدنيين، حيث إننا نتكلم فى ظل الحديث عن دولة مدنية، ولذا يُصبح الحديث عن أى أشخاص، لديهم هوية دينية، مُخالفاً أساساً للعملية الانتخابية من الأساس، حيث منع القانون دخول الانتخابات على أساس هويات دينية، ولكن مدنية!! وهنا لا يمكننا أن نغفل تجاوزات دعاية بعض أعضاء الحزب الوطني، عند استخدامه الدعاية الدينية قبل الانتخابات ضد القوانين التى أصدرها النظام الذى من المفترض أنهم يمثلونه!!
ورغم اختلافاتى مع الدكتور أيمن نور، فقد أصدر بيانا عن حزب الغد، وجدت أن أهم ما جاء فيه، هو الإعلان عن "برلمان بديل"، وهى فكرة أجدها مهمة، لأنها تُثرى الحياة السياسية فى مصر، وربما تصبح مثل "حكومة الظل" التى أنتجها حزب الوفد، والتى أراها غاية فى الأهمية، لإصدار بدائل إما لقوانين مجلس الشعب الواجب صدورها أو لسياسات الحكومة، الواجب العمل بها.
لقد كانت مراقبة الانتخابات من قبل شباب مستقلين فى أغلبهم وبعض الحزبيين منهم، من غير المنضمين للتصويت فى تلك الانتخابات، هى بارقة أمل من وجهة نظرى، لأنهم بذا إنما كانوا يقومون بعملية، كان يستوجب علينا جميعاً كمواطنين، القيام بها.
لقد جعلوا الكثيرين يتابعون الانتخابات من خلال راديو المحروسة على الإنترنت، حيث كلمهم الناس من خلال أرقامهم المذكورة على موقع "يو شاهد"، www.u-shahid.org، ومن مختلف الدوائر وأبلغوا عن الانتهاكات، من خارج الدوائر ومن داخلها، إنها تجربة فريدة من شباب مصرى ملىء بالأمل والمبادئ، التى يجب وأن نحافظ عليها وعليهم، لأنهم صانعو وعينا للمستقبل، كى نتعلم من الأخطاء، ولتصبح الأمور فى المستقبل أفضل، فما حدث بالأمس فى الانتخابات، كان منه الكثير السيئ والبعض الجيد، ولكن ما سيحدث خلال الست سنوات القادمة والمفصلية فى تاريخ مصر، من الأهمية بمكان، ويجب علينا جميعاً متابعته من أجل إثراء القيمة لخدمة مصر فى وجداننا، فما حدث بالأمس امتحان مهم، ودرس أهم، لما هو قادم!!
أشكر هؤلاء الشباب على ما قدموه لمصر، فهم لا يزالون يحبون هذا الوطن، وعلينا الحفاظ على ذلك، وما "تقريري" هذا (ليس مقالا بالفعل) إلا إشادة بالمعلومات التى مكنونى من جمعها، حول الانتخابات المصرية ورؤيتى إصرارهم على العمل فى حب مصر!!
ملاحظة أخيرة: موقع أنت شاهد التابع للمعهد المصرى الديمقراطى، غير الموقع التابع للإخوان، فموقع المعهد هو الموقع الأصلى، أما موقع الإخوان فقد استولوا عليه من المعهد المصرى الديمقراطى، وقد نُشر هذا الأمر كخبر على اليوم السابع من فترة!! إنهم ورغم استيلائهم على هذا الموقع وتقليده ورفضهم الاعتذار، يصرخون من التزوير ضدهم، ويجب هنا أن أعترف، أن الشباب فى أنت شاهد، كانوا يتابعون ما يحدث ضد الإخوان بالأمس ويبلغون عنه، إلا أنه ليس أمرا يهمنى أنا، لأنى لا أدافع عن متلاعبين بالدين، لا يختلفون عن الحزب الوطنى إلا فى الشكل وليس المضمون.
* أستاذ علوم سياسية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة