شريف حافظ

أنا وطنى بنشد وبطنطن

الجمعة، 26 نوفمبر 2010 08:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هدد البعض من مستبعدى ترشيح الحزب الوطنى، للانتخابات التشريعية، التى هى على الأبواب، بأنهم سينضمون لجماعة الإخوان المسلمين كبديل!! هذا التهديد فى حد ذاته، كفيل بأن يُظهر أن مُجمل المسألة بالنسبة لهم كأعضاء فى الحزب الوطنى إنما تُعبر عن مصالح ذاتية لا عن انتماء للحزب أو إيمان بمبادئه. وأكبر مُشكلة يُعبر عنها تهديد هؤلاء المستبعدين للحزب الوطنى، هى أنهم أثبتوا أن الحزب الوطنى، كان على حق فى استبعادهم، إلا أن هذا الأمر يُلقى الضوء على أمور أُخرى كثيرة ذات أهمية فائقة بينما نناقش التغيير اليوم!

فعندما بحثت حول عدد أعضاء الحزب الوطنى اليوم، وجدت أن عددهم وفقاً لإحصاء أُجرى عام 2008، هو 2 مليون و700 ألف عضو. هذا يُنبئ بأن عدد أعضاء الحزب الوطنى اليوم قد يكون تخطى 3 ملايين عضو، حيث إن الحزب، هو الحزب الحاكم، والمنتفعين منه كثيرون. وهنا تكمن المُشكلة الكُبرى، التى أفرزت هؤلاء المُستبعدين. فالأعضاء غالبيتهم يلتحقون بالحزب الوطنى، لأنهم ينتفعون منه، على المستوى الشخصى، وليس هدفهم الأساسى من الالتحاق به، هو النفع العام، الذى يُمكنه أن يعود على مصر ككل، كما أن هؤلاء البعض يفتقدون إلى الانتماء لمبادئه، التى تؤكد عليها مؤتمراته أو لائحته. وهذا يعنى، أن الحضور الضخم فى مؤتمرات الحزب الوطنى، لا يُعبر عن أشخاص مؤمنين بمبادئ هذا الحزب، ولكن عن "مطيباتية"، يتغنون بما لا يؤمنون به على الإطلاق. ولقد أردت أن أتأكد من الأمر، فوجدت من سؤالى الكثير ممن أعرفهم فى الحزب، أنهم يتغنون بعضويتهم فيه، بينما لا يعرفون أى شىء عن مبادئه ولائحته!! أى أنهم "حافظين" ولا يعرفون أى شىء عن الحزب بشكل يدل على عضويتهم، كعنوان أساسى لهويتهم الحزبية!! إنهم ليذكرونى بالأغنية الساخرة للفنان حسن كامى: "أنا وطنى بنشد وبطنطن"!!

المشكلة التى تتسبب فى عدم انتماء الأعضاء للحزب أيضاً، تكمُن فى أن قيادات الحزب القُدامى، مروا على عدة مدارس فكرية، دون أن يتغيروا، ولكن مبادئهم تغيرت مع كل تغير، وكأن الأمر سيان، سواء كان الاسم "الاتحاد الاشتراكى" أو الحزب الوطنى! فلا يهم، طالما أنهم يقودون الدفة. ولقد أفرز "التنظيم الطليعى" أغلب قيادات الحزب من القُدامى، رُغم أن مبادئ الحزب وسياساته، تغيرت أكثر من مرة، ولكنهم جالسون فى مقاعدهم، بغض النظر عن التغيير، وهو ما يُشير، إلى أنهم ينتمون للكرسى، وليس للحزب، والفارق شاسع!! ولقد دُهشت أيما اندهاش، عندما قرأت أن السيد كمال الشاذلى – رحمة الله عليه – قد كان عضواً فى كل التنظيمات التى تحولت حتى صار الأمر بيد الحزب الوطنى، وكان عضواً فى البرلمان المصرى، بكل مسمياته، عن دائرة الباجور، لمدة 46 عاماً متواصلة، وكان، رحمه الله، ينوى الترشح لفترة أُخرى، لمدة 5 سنوات، لولا قدر الله عز وجل!!

كيف لأعضاء الحزب الوطنى أن ينتموا لحزبهم، بينما الحال كذلك؟ وقد سألت أحد الأعضاء المهمين، من أصدقائى، فى تلك المسألة، فقال لى، إن أغلب من ينتمى لسياسات الحزب "الليبرالية" ممن هم أصغر من الـ 30 عاماً، وأن الحزب لا يستطيع التخلص من أعضائه غير المنتمين لسياساته، لأن العملية الحزبية لا تزال فى مهدها، ولأن أغلب الأحزاب الأخرى تعانى الأمر نفسه. ومع تجاوز مسألة "ليبرالية" الحزب الوطنى، فإنى أتفق مع صديقى، بالفعل، حول أن الأحزاب فى مصر، فى مُجملها، وليس فقط الحزب الوطنى، تتكون من أعضاء يؤمنون بسياسة الـ"سمك لبن تمر هندى"!! بل إن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، أيضاً، بها الكثير للغاية من المنتفعين!! ويجب أيضاً التأكيد على أن الأحزاب فى مصر، لم تولد ولادة طبيعية، ولكن ولادة "مصطنعة"، حيث المفترض أن توجد فكرة أو تيار، يصنع حزباً، ولكن فى مصر، يوجد حزب يصنع فكرة أو تياراً، وهو أمر غير طبيعى!!

فكل الأحزاب فى مصر لديها خليط من البشر ذوى الانتماءات المتضاربة، فبينما الكثير من الأحزاب المصرية تعلن نفسها ليبرالية، تجد أن أغلب أعضائها من غير الليبراليين، ويمكن هنا التأكيد أننا لا نملك أى حزب ليبرالى فى مصر، إلا وفقاً للعنوان وبعض القيادات الشابة فقط!! ويحوى الحزب الوطنى الكثير من الأجنحة، المتضاربة كلياً، ويمكن تقسيمه إلى 4 أحزاب على الأقل، حيث تجمع أعضاءه المصلحة ليس إلا، ويُمكن تصور أن من يؤمن بفكره عن حق من أعضائه لا يتعدون الألف عضو فى تقديرى الشخصى!! وكل الأحزاب صورة مُصغرة للحزب الوطنى ومشاكله، وكلها تدور فى فُلك شخص واحد فقط، ولا يوجد فى أغلبها "الرجل الثاني"، ناهيك عن القيادات الأخرى التى يمكن أن تصبح قيادات حزبية مقبولة، وفى حال البحث عن رئيس جديد للحزب، تنشق الأحزاب!!

ويطرح موقف المستبعدين أيضاً، إشكالية الهدف وراء تقدم الأعضاء لدخول مجلس الشعب. فهذا التهديد يعنى أن هناك "استقتالاً" وراء التمثيل فى مجلس الشعب. والسؤال هو: ألا يُمكن للمرء أن يخدم المنطقة التى يُمثلها إلا من خلال التمثيل فى المجلس؟ لماذا هذا التلهف على عضوية مجلس الشعب؟ هل هو لخدمة الناس؟ أم أنها الحصانة؟ أم أنها المنفعة الشخصية؟ إن من يُهدد بمثل هذا التهديد، الذى يُعبر عن منفعة شخصية "فجة"، لا يُمكن أن يكون فى سبيله إلى إعلاء خدمة الناس، ولكن خدمة الذات!! وإنى لأتساءل عن حق، لما لا تُحدد "الحصانة" البرلمانية، فى أشياء مُحددة للغاية، ثم لنرى، كم عدد المُرشحين لعضوية مجلس الشعب عن الحزب الوطى؟؟!

إنى لأرى أن ما عبر عنه هؤلاء المستبعدون، ليستحق إبعادهم، لأنه لا يجوز التنازل عن الانتماء الحزبى بتلك البساطة! أيضاً، يجب على الحزب الوطنى، كونه الحزب الحاكم، أن يضرب المثال، لبقية الأحزاب، فى كيفية التدقيق فى نوعية الأعضاء به، بحيث يكون انتماؤهم حقاً له، وليس مجرد تحقيق منافع شخصية، لأنه فى حال كون الأعضاء يريدون منافع شخصية، فإن ما يقوله الحزب الوطنى، فيما يخص برنامجه، لا يُعبر عن مجمل الأعضاء، ولكن فقط عن هؤلاء الـ 1000 من الأعضاء المؤمنين حقاً بأهدافه!! لكى نبنى ديمقراطية، علينا بإصلاح النظام الحزبى فى مصر، وعلينا إلغاء لجنة شئون الأحزاب، وإلا فإنى أعتقد كما يعتقد الكثيرون أن إلغاء الأحزاب أفضل، من تلك التمثيلية الرديئة، التى تزيد تشويه صورة مصر!!
• أستاذ علوم سياسية








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة