شريف حافظ

عندما يُغنى الرئيس!

الخميس، 28 يناير 2010 08:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ماذا يُمكن أن يفعله رئيس الجمهورية عندما تتراجع شعبيته؟ أعتقد أن السؤال مشروع. هل يُمكن أن يُصدر الرئيس ألبومات غنائية، كى تزيد شعبيته؟ أعرف، أن الكثيرين ممن يقرأ هذا التساؤل الآن، يعتقد أنى قد جُننت. ولكن لا أعتقد بذلك، ومن واقع التجربة التى أدت بالفعل لأن يفعل رئيس الجمهورية هذا، عندما تراجعت شعبيته، ليُعيد شعبيته المفقودة بين أفراد الشعب!

لقد قام الرئيس الإندونيسى سوسيلو بامبانج يودهويونو، أول رئيس منتخب مباشرة من الشعب الإندونيسى، بإطلاق ثالث ألبوم غنائى له، بعنوان "أثق فى نجاحى". لقد أطلق قبل ذلك ألبومين وهو فى المنصب نفسه، الأول بعنوان "اشتياقى إليك" سنة 2007 وصدر ألبومه الثانى فى سنة 2009. ولقد كان الرئيس الإندونيسى بالأساس عازف موسيقى فى شبابه. ولم يستحى الرجل وهو فى بلد أغلب سكانه من المسلمين، بل وهو البلد الذى يقطنه أكبر تعداد مسلم على مستوى العالم أجمع (حوالى 228,582,000 نسمة وفقاً لتعداد سنة 2008)، أقول، لم يستحى الرجل من إصدار ألبومات غنائية، لحنها بنفسه وكتب كلماتها. ويشمل ألبوم الرئيس بامبانج، أُغنيات رومانسية ووطنية. ويقول: "مع كفاحى لخدمة البلاد أعبر أحيانا فى أوقات فراغى عن مشاعرى بشكل فنى".

وقد قال الرئيس بامبانج أيضاً، وفقا لوكالة الأنباء الإندونسية، "يمكن تطوير الموسيقى والثقافة معاً، كقوة ناعمة لتستغل فى الاتصال من أجل الإقناع، للتعامل مع المشاكل، مما يجعل استخدام القوة الصلبة (القوة العسكرية وقوى الإجبار) غير ضرورى". وقال إن الثقافة، متى تم تطويرها "جيداً، يُمكنها أن تُساعد فى خلق مجتمع أكثر سلمية وود وانسجاماً".

الغريب، أن الرئيس الإندونيسى، ليس الرئيس الوحيد الذى أصدر ألبومات غنائية. ففى بداية أكتوبر سنة 2007، أصدر هوجو شافيز، ألبومه الغنائى الأول، الذى احتوى على موسيقى فنزولية ومكسيكية، وبعنوان "أغانى لكل الأوقات". وفى 2008، أطلق شافيز ألبوم آخر، عنوانه "موسيقى المعركة"!

وبينما كان كلينتون فى مؤتمر عالمى للسلام، غنى على المسرح، مع مغنية إسرائيلية وأطفال إسرائيليين وعرب، أغنية "تصور Imagine" الشهيرة للمطرب الإنجليزى الشهير جون لينون التى تدعو للسلام فى العالم. لم يخجل كلينتون من فعل ذلك، وصفق له الجميع. فلقد شعر الرجل أن الموسيقى تؤثر على الشعوب وتدغدغ المشاعر بالحب والرُقى.

وما سبق يؤكد أن الموسيقى لها دور هائل فى رؤية الكبار فى دول كبيرة، وأنها بالفعل كما يقول الرئيس الإندونيسى الحالى، يُمكنها أن تُساعد فى خلق مجتمع أكثر سلمية وود وانسجاماً. فالموسيقى لغة عالمية تعبر الحدود بلا نظرة إلى جنسيات أو أعراق أو عادات أو أديان. إنها قوة دامجة للبشر ككل، ولقد رأيت شعبية جارفة للموسيقى والأغانى المصرية فى أوروبا ومعرفة هائلة بالمطرب المصرى عمرو دياب، بالإضافة إلى غيره من المطربين.

إننا بحاجة إلى زيادة فى الموسيقى الجميلة بحق، لنشر الحب والود والتسامح والاندماج فيما بيننا جميعاً. فلا أعتقد أن رؤساء بقوة كلينتون أو شافيز أو بامبانج، يملكون قصر نظر، بحيث لا يرون قوة فى الموسيقى لجلب السلام فى داخل بلادهم أو فى الخارج. إن الموسيقى والغناء، اللذين يُبدع فيهما الكثيرين من المُلحنين والمطربين المصريين المشهورين، يُمكنهما أن يكونا إحدى القوى الدافعة للتصالح داخل المجتمع، إلى جانب أشياء أُخرى. إنها وسيلة يُمكنها دفع أمور كثيرة، ولقد استخدمت دول كُبرى الموسيقى والغناء، ضمن أدوات إعلامها، لصنع الفخر الوطنى وزيادة الحب بين المواطنين. لا أقول إنها العامل الوحيد بالطبع، ولكنها إحدى العوامل المهمة للدفع للأمام.

ملاحظة أخيرة:

قال أحد الفلاسفة يوماً: الملحن يعرف أن الموسيقى تُكتب من قبل البشر من أجل البشر، وأن الموسيقى هى تكملة للحياة، وليست شيئا منفصلا عنها.

• أستاذ علوم سياسية.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة